لندن – لم يعد عصيا على غالبية البريطانيين فهم لماذا يستهدف المتشددون الإسلاميون حياتهم عبر التفجيرات الانتحارية والعمليات الإرهابية، ومع إصرار البريطانيين على طبيعة حياتهم الحرة وعدم التخلي عن التسامح داخل المجتمع المتعدد الأعراق، إلا أن الغالبية منهم ترى اليوم أن التسامح السياسي مع التيارات الإسلامية وصل إلى نهاية الطريق.
وبعد التفجير الانتحاري الذي نفذه سليمان عبيدي البريطاني من أصول ليبية في حفل فني بمدينة مانشستر وأودى بحياة 22 شخصا، تفاقم الجدل الاجتماعي في التعامل مع التأثيرات التي تمارسها التنظيمات الإسلامية على المهاجرين، وصار يفرض نفسه على السياسي.
وتطالب المجتمعات الغربية السياسيين بشدة بأن يحموها، لا أن يجدوا المبررات للمزيد من التشدد. لأن نمط الحياة هو ما يستهدفه المتطرفون، لا السياسة الخارجية.
وفي كلمة في لندن قال جيرمي كوربين زعيم حزب العمال إن مشاركة بريطانيا في حروب خارجية تسببت في زيادة التهديد الإرهابي.
وأضاف “العديد من الخبراء ومنهم محترفون في مخابراتنا وهيئاتنا الأمنية أشاروا إلى الارتباط بين الحروب التي نخوضها أو ندعمها… في دول أخرى، ومنها ليبيا، وبين الإرهاب هنا في الداخل”.
وأكد “ينبغي علينا أن نتحلى بالشجاعة ونعترف أن الحرب على الإرهاب لا جدوى منها”.
لكن خصوم حزب العمال اتهموا كوربين بتسييس حادث مانشستر.
ويجد كوربين نفسه أمام سؤال لا يستطيع الرد عليه: كيف تكون يساريا وتتسامح مع أشد التيارات اليمينية غلوا وتشددا وانغلاقا.
ووصفت وزيرة الداخلية البريطانية أمبر رود “القول إنه لا يوجد أي تبرير أو ارتباط بين الأحداث التي وقعت مساء الاثنين في مانشستر والسياسة الخارجية البريطانية، أمر شائن”.
وأجمعت وسائل الإعلام البريطانية على عبارات كهذه تهدد بتعرض كوربين لاتهامات “انعدام المسؤولية ومحاولة استغلال حوادث إرهابية” لتحقيق مصالح سياسية خاصة في فترة الانتخابات.
وذكرت صحيفة صنداي تايمز هناك ما لا يقل عن 23 ألف جهادي محتمل في بريطانيا وفقا لأجهزة الاستخبارات البريطانية، 3 آلاف من هؤلاء يمثلون خطرا مباشرا، وهم إما يخضعون للرقابة وإما للتحقيق.
وتتساءل الصحيفة عن السبب الذي يجعل هؤلاء يرغبون بقتل البريطانيين. فيما يجدون تساهلا بطريقة أو بأخرى، أو تبريرا لإعمالهم كما في تصريح كوربين الذي ألقى باللائمة على السياسية الخارجية البريطانية، متجاهلا التساهل البريطاني الحكومي مع الحلقات المتشددة والتنظيمات والجمعيات الإسلامية.
ووصف الكاتب جوناثان فريدلاند الاعتقاد بأن السياسة الخارجية وراء الإرهاب الذي يضرب بريطانيا هو وهم.
وأثارت أوساط سياسية بريطانية العودة إلى تفعيل نتائج التقرير الذي أعده السير جون جينكينز السفير البريطاني الأسبق في الرياض، بشأن التنظيمات المتطرفة في بريطانيا.
وكان التقرير قد أشار إلى دور جماعة الإخوان المسلمين الملتبس في الترويج للعنف والإرهاب في العالم.
وتأخذ هذه الأوساط على الحكومة البريطانية عدم أخذها بخلاصات التقرير وعدم البناء عليها للذهاب إلى القطع مع أحد المنابع الأساسية العقيدية للإرهاب الذي تعتمده الجماعات الإرهابية.
وكان التقرير قد أكد أن الإخوان المسلمين منظمة عابرة للحدود وليست تنظيما محليا وهدفها إقامة الخلافة الإسلامية. واعتبر أن حركة الجماعة داخل بريطانيا مضرة بالمصالح البريطانية، وأن لها تأثيرا مباشرا على جميع المنظمات الإسلامية المحلية.
واعتبر التقرير أن أفكار الجماعة تتعارض مع قيم الديمقراطية وسيادة القانون والحرية والمساواة، وتعتبر خطرا على المنظومة الديمقراطية في عموم أوروبا وتمثل شكلا من أشكال التطرف داخل القارة الأوروبية.
العرب اللندنية