استمرت قوات الحشد الشعبي في تقدمها ضمن المحور الغربي لمحافظة نينوى وهي تسعى الى تأكيد أحقيتها وسيطرتها على المناطق القريبة من الحدود العراقية – السورية في واحدة من أهم المواجهات العسكرية التي سيكون لها تأثير سياسي وعسكري وأمني على مجمل الاوضاع الداخلية في العراق والاوضاع الاقليمية المحيطة به .
فقد تمكن مقاتلو الحشد الشعبي من الوصول الى منطقة التنف العراقية المواجهة للعمق السوري في أحدث هدف استراتيجي وميداني حققته هذه القوات منذ بدء المواجهات مع مقاتلي داعش ضمن مناطق الجزيرة والبادية العراقية ،والتي بدأت بمواجهات سريعة في مركز ونواحي قضاء الحضر تمثلت في انسحاب داعش بفترة زمنية سريعة ثم التقدم تجاه ناحية القيروان التابعة لقضاء سنجار واحكام الهيمنة والسيطرة على القرى المحيطة بها والمنافذ التي توصل الى مجمع القحطانية والطرق الرئيسية التي تربطه بقضاء البعاج وهذه المناطق لها دلالاتها وأهميتها على الواقع الميداني الذي يمكن لنا أن نقرأه بالآتي :
1-استمرار تمدد المشروع الايراني المتمثل بالسيطرة على القرار السياسي والامني والعسكري في العراق وزيادة وتيرة النفوذ الايراني وامتداده نحو الحدود العراقية – السورية .
2-وجود المستشارين والضباط الايرانيين من مختلف الصنوف العسكرية والامنية واشرافهم ميدانيا على حركة مقاتلي الحشد الشعبي تنقلهم ورسم الخطط الميدانية الكفيلة بإنجاح واتمام المشروع الايراني الذي تسعى اليه الدوائر السياسية والاستخباراتية الايرانية وما الاعلان عن مقتل (شعبان نصيري ) أحد مستشاري قاسم سليماني في المعارك الدائرة في محيط قضاء البعاج ضمن محافظة نينوى الا دليل واضح المعالم للمشاركة والاهتمام الايراني بالوجود في منطقة الحدود العراقية – السورية .
3-استشعار القيادة العسكرية الامريكية في الاراضي السورية بخطورة الوجود الايراني في منطقة (التنف) العراقية التي تقابل المعبر الحدودي السوري (الوليد) بعد تقدم قطعات من الجيش السوري ومعه عدد من المليشيات الايرانية التي تقاتل دفاعا عن النظام السياسي السوري ومحاولتها الوصول لمعبر الوليد وايجاد حالة من التماس والتلاحم مع مقاتلي الحشد الشعبي الموجود عند منطقة التنف العراقية ، ولهذا سارعت القيادة العسكرية الامريكية بتحذير القطعات المتقدمة تجاه معبر الوليد من مغبة الاستمرار في فاعليتها العسكرية بالتزامن مع حشود المليشيات الايرانية وطالبتها بالتوقف وعدم التوجه الى معبر الوليد عبر عدد من رسائل التهديد بتصعيد المواجهة الامريكية ضدها .
4-اصرار مقاتلي الحشد الشعبي على البقاء في المناطق الحدودية التي تمت السيطرة عليها من قبلهم ضمن مساحة الحدود العراقية – السورية ولهذا شرعت الهندسة العسكرية التابعة للحشد الشعبي بحفر الخنادق وبناء السواتر على الحدود العراقية-السورية ، وبدأ الحفر من قرية (أم جريص ) الواقعة غرب قضاء سنجار نزولا باتجاه القرى الجنوبية المتاخمة للشريط الحدودي بين البلدين .
5-تميزت عمليات التقدم التي قامت بها عناصر الحشد الشعبي في أقضية (الحضر- القيروان – العدنانية – القحطانية ) ونواحيها والقرى المحيطة بها بعدم مشاركة طيران التحالف المدعوم من الولايات المتحدة الامريكية في اسناد هذه العمليات وانما اكتفى طيران القوة الجوية العراقية وطيران الجيش بقديم الدعم والاسناد لهم ، وهو موقف سبق أن اتخذته قيادة التحالف الدولي في أكثر من مواجهة يكون أحد طرفيها مقاتلي الحشد الشعبي .
6-التأخير الواضح في عدم اقتحام مركز قضاء تلعفر من قبل مقاتلي الحشد الشعبي رغم عملية الحصار المفروض على أطراف القضاء منذ أكثر من 3 أشهر ووجود هذا الامر يعود لأسباب سياسية وإقليمية تحددها علاقة العراق مع الجارة الشمالية تركيا وعدم رغبة القيادات السياسية والعسكرية العراقية في ايجاد مشاكل ميدانية وسوقية على الميدان العسكري بعد عمليات التهديد التي قامت بها القيادات التركية السياسية والعسكرية في تحذيرها من عدم موافقتها على دخول الحشد الشعبي لقضاء تلعفر وخوفها من عمليات التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي الذي من الممكن ان يطال التركمان داخل تلعفر والتضحيات المدنية التي سيقدمها (التركمان السنة) حسب تعبير الاتراك الموجودين في مركز قضاء تلعفر ، ولهذا تحرص القيادات العسكرية والامنية العراقية على التريث وأختيار الوقت المناسب لإعداد قوات من الجيش العراقي لاقتحام مركز القضاء .
ونود الاشارة الى موضوع مهم ذي تحليل استراتيجي وأفق وتصور ميداني سبق جميع الاحداث التي جرت على الحدود العراقية-السورية في هذه الايام وهي ما ذهب اليه مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية عندما أشار في منتصف عام 2015، وبداية 2016 للمخطط الايراني التوسعي في الوصول الى منطقة الحدود العراقية -السورية وتحديد الطريق الميداني الذي ستسلكه المليشيات المسلحة المرتبطة بالأجهزة الامنية والاستخباراتية الايرانية وحددت الاماكن وفق التسلسل التالي (مركز قضاء سامراء – ناحية العلم – قضاء بيجي – قضاء الشرقاط – قضاء الحضر – قضاء تلعفر )وصولا للحدود بين سوريا والعراق ،في المقال الموسوم (طهران تصدر الاوامر وبغداد تنفذها) بتاريخ 2 شباط 2016 .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية