تونس – أجهزت عناصر إرهابية على راع في جبل المغيلة بمحافظة سيدي بوزيد وسط غرب تونس، وهو الثاني من نفس العائلة بعدما ذبحوا أخاه الطفل قبل عامين.
وتواجه تونس شبح عودة التهديدات الإرهابية قبيل حلول الموسم السياحي الحيوي للاقتصاد التونسي، خاصة مع وجود مؤشرات إيجابية تؤكد ارتفاع نسبة الحجوزات الصيفية.
ويعتبر الأمن عاملا أساسيا في انتعاش السياحة التي عرفت انحسارا كبيرا في السنوات الأخيرة وخاصة في ظل حكم الترويكا بقيادة النهضة الإسلامية والتي شهدت حدوث عدد كبير من الاغتيالات والأعمال الإرهابية.
وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع التونسية السبت العثور على جثة الراعي خليفة السلطاني الذي اختطفته جماعات إرهابية منذ مساء الجمعة.
وكان السلطاني بصدد الرعي مع رفيق له في جبل المغيلة في معتمدية جلمة التابعة لسيدي بوزيد قبل أن تداهمهما مجموعة إرهابية تتكون من أربعة عناصر مسلحة.
وأفاد رفيق السلطاني بأن المجموعة المسلحة احتفظت بخليفة وطردته.
وبدأت وحدات عسكرية منذ الإعلان عن حادثة الخطف بالبحث عنه إلى حين العثور على جثته السبت.
والضحية هو الأخ الأكبر للطفل الراعي مبروك السلطاني الذي كان قد خطفته عناصر إرهابية في نفس المنطقة في نوفمبر 2015 وفصلوا رأسه عن جسده في حادثة شنيعة هزت الرأي العام التونسي.
وكانت عناصر إرهابية ذبحت مبروك السلطاني بدعوى التخابر مع الجيش ضدهم.
وتتحصّن جماعات مسلحة غرب البلاد في الجبال والمرتفعات القريبة من مدن القصرين وسيدي بوزيد والكاف.
ويتحصن المسلحون من الكتيبة خاصة في الجبال المحيطة بالقصرين وأخرى محاذية لسيدي بوزيد والكاف غرب البلاد على مقربة من الحدود الجزائرية، غير أن نشاطات هذه المجموعة تراجعت بشكل لافت مع نجاح الأمن في القضاء على العديد من العناصر القيادية على مدى العامين الماضيين.
وتشن القوات التونسية حملة واسعة ضد المتشددين بعد هجومين كبيرين استهدفا فندقا ومتحفا في 2015 قُتل خلالهما عشرات السياح الغربيين.
وسلطت تلك الواقعة الضوء على التهديد الإرهابي الذي يعيش على وقعه سكان المناطق المحاذية لأوكار الجهاديين وخصوصا عند جبال الشعانبي والسلوم والمغيلة.
وفي مداخلة على إذاعة موزاييك المحلية قال أحد أقرباء الضحية إنّ الإرهابيين أكّدوا عزمهم “القضاء” على أهل “الدوّار” البالغ عددهم حوالي 200 شخص بعد أن شعروا بوجود عسكريين في الجبل.
وأعلن أن كلّ أهالي المنطقة أصبحوا يفكّرون في الرّحيل عن المكان ما يعني أن الإرهاب سيستوطن في تلك المنازل وستصبح ملكا له وسيقوم بعدها بالاستيلاء على كلّ القرى المجاورة شيئا فشيئا بعد هروب أصحابها.
وتبنت عملية اغتيال الراعي مجموعة أطلقت على نفسها “جند الخلافة” تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية.
ولم تعرف حتى الآن ملابسات خطف شقيق الراعي وقتله. لكن اغتياله يأتي بعد أقل من أسبوع من عملية أمنية في جبل السلوم قتل فيها “قيادي” جهادي وأوقف ستة آخرون.
اغتيال الراعي سلط الضوء على التهديد الإرهابي الذي يعيش على وقعه سكان المناطق المحاذية لأوكار الجهاديين وخصوصا عند جبال الشعانبي والسلوم والمغيلة
وقالت السلطات إن “القيادي” القتيل ينتمي إلى كتيبة عقبة المنضوية تحت لواء القاعدة. أما الموقوفون الستة فهم ينتمون إلى “خلايا نائمة” لمجموعة جند الخلافة، بحسب المصادر ذاتها.
ونقلت مواقع إخبارية تونسية عن مصدر رسمي أن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أصدر تعليماته لوزير الدفاع الوطني للرد بقوة لسحق من ارتكب الفعل الشنيع في حق الراعي وتقرر تسخير كل الإمكانيات للقوات المسلحة للرد بشكل سريع وحاسم وتعقب الإرهابيين.
وأفادت وزارة الدفاع التونسية بأن القضاء العسكري تعهّد بفتح تحقيق للبحث في ظروف وملابسات مقتل الراعي السلطاني.
وأوضحت الوزارة في بلاغ لها أن عمليات التمشيط التي انطلقت منذ مساء الجمعة لا تزال متواصلة بالمنطقة لتعقب المجموعات الإرهابية التي يشتبه بارتكابها للجريمة.
وأكدت أن “هؤلاء لن يفلتوا من العقاب وسيكون مصيرهم كمصير من سبقهم في ارتكاب مثل هذه العمليات الإرهابية الشنيعة” كما ذكّرت المواطنين أنه يمنع الدخول إلى المناطق العسكرية المغلقة حفاظا على سلامتهم من الأخطار الناجمة عن تواجد المجموعات الإرهابية بها كالألغام وعمليات الخطف والقتل”.
وتواجه تونس أعمالا إرهابية منذ مايو 2011، تصاعدت في 2013، وأدت إلى مقتل العشرات من قوات الأمن والجيش والسياح الأجانب، إضافة إلى مدنيين.
وتعلن السلطات باستمرار عن تفكيك خلايا جهادية وإحباط مؤامرات إرهابية تستهدف قطاعات حيوية في البلاد، كما تؤكد السلطات على نجاحها في منع التحاق الآلاف من الشباب التونسي نحو بؤر التوتر.
وكشف وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب الخميس الماضي أن السلطات الأمنية منعت أكثر من 27 ألفا من المشتبه بهم من السفر إلى مناطق النزاعات في الخارج، منذ 2012.
وأفاد وزير الداخلية في جلسة استماع أمام لجنة تحقيق برلمانية حول شبكات التسفير المورطة في تجنيد تونسيين للقتال في الخارج أن ليبيا شكلت أبرز وجهة.
وأكد مجدوب أن أهم الحلول التي اعتمدتها الأجهزة الأمنية للحد من سفر الشباب إلى مناطق التوتر كان عبر منع المشتبه بهم من السفر.
وأوضح أن وزارة الداخلية منعت 27 ألفا و371 شخصا مشتبها في علاقتهم بمنظمات إرهابية من السفر منذ سنة 2012. وقال مجدوب “إن شبكات التسفير لبؤر التوتر التي كشفتها وزارة الداخلية لم تكن جميعها تعمل على الأراضي التونسية”، مشيرا
إلى أن عمليات التسفير إلى سوريا انطلقت غالبا عبر وساطة العناصر العائدة من بؤر التوتر.
وأضاف أن النزاع في ليبيا جعل من هذا البلد الشقيق أحد أهم الساحات التي استقبلت الشباب الذي كان يعمل على السفر إلى سوريا، ولعب دور الاستقبال والتدريب لتحويل الشباب إلى مناطق النزاع عامة.
وبين وزير الداخلية وجود مسلكين للوصول إلى مناطق النزاع، أحدهما رسمي تقليدي وآخر غير شرعي عبر تجاوز الحدود خلسة، ثم تزوير الوثائق وجوازات السفر في ليبيا والسفر إلى تركيا.
وأكد أن هناك خلايا تسفير للشباب عملت على استقطاب التكفيريين بطريقة مباشرة من المساجد وعبر توزيع الكتب والمطبوعات، كما عملت كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي تعريفه لخلايا التسفير قال مجدوب “هي الخلايا التي تتكون على الأقل من عنصرين، ويتم تمكين عنصر أو أكثر من التحول إلى بؤر التوتر عبر مسالك شرعية أو غير شرعية ويتم استقبالهم خارج حدود الوطن لتدريبهم والعمل على التحاقهم بمنظمات إرهابية”.
وأكد الوزير أن موضوع شبكات التسفير لبؤر القتال له حساسية على الأمن القومي التونسي ولكنه موضوع محل تجاذب سياسي.
العرب اللندنية