أفادت مصادر بأن النظام السوري طالب أهالي أحياء دمشق الشرقية بالتوجه إلى الدوائر الحكومية لتثبيت ملكيتهم للأراضي والعقارات خلال مدة شهر ونصف كحد أقصى.
ويتعلق الأمر بالأملاك العقارية في أحياء القابون وتشرين وحرستا الغربي وبرزة, “وفي حال عدم الحضور والعمل على تثبيت الملكية، فإن النظام سيضع يده على العقارات وكافة الأملاك دون الرجوع إلى صاحبها”.
وتروي سماح -وهي من سكان حي القابون- أن والدها تلقى اتصالات هاتفية من أصدقاء وجيران له من حيه وأخبروه بالتعميم.
وأضافت سماح -التي نزحت مع عائلتها إلى دمشق قبل أربع سنوات- “في البداية لم يصدق والدي الخبر واعتبره إشاعة، وبعد توجهه لإدارة السجلات العقارية ظهر له أن الخبر صحيح وباشر بمعاملة التثبيت”.
ويستفيد من هذا التعميم الموالون للنظام أو النازحون إلى مناطق سيطرته، بينما يعتبر المعارضون المهجّرون والمتواجدون خارج البلاد هم الخاسر الأول.
ويتوقع مراقبون أن سعي المعارضين لتثبيت ملكيتهم لمنازلهم سيقودهم إلى السجن في أقبية الأفرع الأمنية، أو يؤدي إلى إجبارهم على الخدمة العسكرية.
وكانت قوات النظام قد سيطرت على أحياء دمشق الشرقية في الأشهر الماضية خلال حملة عسكرية انتهت بفرض اتفاق تهجير على الأهالي والمعارضة المسلحة.
حجز واستغلال
من جانب آخر، حجز النظام على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأغلب قيادات المعارضة المسلحة والنشطاء والشخصيات المعارضة ومراسلي القنوات غير التابعة له.
أحد المتضررين من هذه الإجراءات هو المهندس عمار الذي كان له دور بارز في الحراك الثوري منذ بدايته.
يقول عمار إنه “لا ملك لمعارض في دولة الأسد”، ويروي للجزيرة نت “بعد ضيق أحوالي المادية قررت بيع سيارتي، ولكني اكتشفت أنه حُجز عليها من قبل النظام.. وكذلك كل ما أملك، علاوة على فصلي من نقابتي وقطع راتبي”.
في سياق متصل، تحدثت مصادر سكانية عن استغلال المليشيات الإيرانية -ومن خلفها النظام السوري- حاجة المهجرين من عدة بلدات، فباشرت شراء منازلهم بأسعار زهيدة.
وتفيد الروايات بأن هذه المليشيات أرسلت سماسرة للنازحين من بلدات المليحة وحتيتة التركمان وزبدين وشبعا وعقربا لتشتري منازلهم وأملاكهم في بلداتهم بأسعار زهيدة.
ووفق روايات، فإن هذه المليشيات تهدف إلى توسيع مناطق نفوذ المليشيات الشيعة لكون البلدات امتدادا لمنطقة السيدة زينب والحسينية، أبرز مواقع التواجد الشيعي في سوريا وأهمها وأكثرها تحصيناً.
ويروي أبو هيثم العبد “يقدر ثمن منزلي بمليوني ليرة سورية، ولكن بعد خروجنا من بلدة شبعا إثر سيطرة النظام عليها بِعتُه لسمسار بأربعمئة ألف ليرة، والآن لا مال لدي، ومنزلي إن كان موجودا فهو حلم بعيد عن متناول يدي”.
ضغوط قوية
وتحدث سكان عن ممارسة ضغوط قوية على من يرفضون بيع منازلهم أو محلاتهم للمليشيات الموالية للنظام.
يشار إلى أن شركات إيرانية تعمل على تشييد مشاريع سكنية في منطقة بساتين الرازي التابعة لحي المزة بدمشق والواقعة خلف السفارة الإيرانية.
وكان النظام السوري قد أرسل إنذارات للأهالي بالإخلاء الفوري لعقاراتهم في يونيو/حزيران 2015، مع وعود بمنحهم جزءا من المباني السكنية والتجارية التي سيتم إنشاؤها في الموقع الجديد.
وقد تسبب ذلك في تهجير نحو خمسة آلاف عائلة “لم تحصل على بدائل سكنية رغم الظروف المعيشية القاسية لمعظمها”.
واعتبر أكرم طعمة نائب رئيس الحكومة المؤقتة أن إيران بممارساتها منذ بداية تدخلها في سوريا تسعى لنشر نفوذها في المنطقة بالتضييق على السكان الأصليين بعمليات الخطف والابتزاز لأصحاب الأموال لإجبارهم على بيع ممتلكاتهم.
وأضاف طعمة أن النظام يسلم المناطق بعد السيطرة عليها لشركات إيرانية تعيد إعمارها وتقديمها لعوائل مقاتليها، “وهو ذات الفعل الذي قام به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ولكن أصحاب الأرض الحقيقيين صامدون وجذورهم راسخة في أرضهم”.
محمد الجزائري
الجزيرة