الرباط – «القدس العربي» : لا جديد في حراك الريف، استمرار الاحتجاجات ان كان في مدن الشمال المغربي او تظاهرات الاحتجاج في عدد من المدن المغربية او الاوروبية، او استمرار الاعتقالات التي تطاول ناشطي الحراك والانتظار لمحاكمة قادته القابعين في زنازين سجن بالدار البيضاء، في استمرار احزاب وهيئات ونخب، التاكيد على هامشيتها وانتهاء دورها رغم محاولتها الركوب على الحراك في «توقيع العرائض» واصدار البيانات أو عقد «المناظرات»، لكن تجاهل السلطات لهذه الاحزاب، لانها تدرك انها فقدت مصداقيتها ولان المجتمع اسقط عنها الاحترام، لعجزها أو وقوفها في لحظات الحراك صامتة او متهمة الحراك بالارتباط بالاجنبي او الانفصال.
في هذه الصورة تبقي الدولة وحيدة في مواجهة الحراك والمتضامنين معه، مرتبكة في تدبيرها لاحتجاجات ترفع مطالب، تقول الدولة بمشروعيتها في الوقت الذي تواصل فيه مقاربتها الامنية، في فض الاحتجاجات او في الاعتقالات، وترفض الحوار مع المحتجين الا بالسجن امام النيابة العامة، وتتمسك بالحوار مع المنتخبين الذين لا يتمتعون بالشرعية في نظر المحتجين.
وتدخلت قوات الامن في مدينة الحسيمة بعنف السبت، لفض مسيرة نسائية نظمت بعد صلاة التراويح، الموعد اليومي للاحتجاجات اذ بمجرد ما شرعت النساء في تنظيم مسيرتهن رافعات شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية حراك الريف، وتحقيق مطالب ساكنة الحسيمة حتى فوجئن بتدخل أمني عنيف في حقهن، وقال شهود عيان ان قوات الأمن بدأت بسحب النساء وتفريقهن بالقوة وضربهن، لتجد قوات الامن نفسها بعد انفضاض مسيرة النساء بتظاهرة للشباب لاحقتهم بعنف وطاردتهم بين الأزقة وبعد تفريق المحتجين بالعنف، شنت حملة اعتقالات واسعة وعشوائية شملت عض الشباب غير المشارك في التظاهرة.
تدخل أمني عنيف
وتدخلت قوات الامن في نفس المدينة بالقوة لتفريق المحتجين في حي آخر قريب من منطقة سيدي عابد، الذي لم تهدأ فيه الاحتجاجات، منذ اعتقال ناصر الزفزافي، قائد الحراك الشعبي في الريف ونقل موقع لمكم عن ناشط من الحسيمة «تم قبل قليل فضّ تجمهر لعشرات المحتجين في حي المنزه، بالحُسيمة، بالقوة مع توظيف مفرط للعنف اللفظي، مؤكدا أن السلطات اعتقلت شابّين الى حدّ الآن». واضاف ان «النساء كُنّ في الصفوف الأولى للتظاهرة»، مسجلاً «إصابة عدد من المحتجين» الذين كانوا يرددون شعارات تنادي بالسلمية وبالانسحاب في حالة تدخل الأمن، إذ لم تمر سوى دقائق معدودة حتى انقطع البث.
ورفع المحتجون، لليوم الواحد العشرين من شهر رمضان، شعارات تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وعلى رأسهم قادة الحراك نبيل أمحجيق، وناصر الزفزافي، والفنانة سيليا ومحمد جلول.
وفي مدينة إمزورن، خرج المئات من المحتجين إلى الشارع مرددين شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين من دون ان تشهد أي احتكاك مع السلطات الأمنية، التي ظلت تراقب الوضع بعيدا عن المحتجين واعتقلت قوات الأمن اعتقل أربعة نشطاء بمنطقة آيت بوعياش اثناء ملاحقتها للمحتجين بالمنطقة.
ودعا نشطاء الحراك الشعبي في الريف الناظور/ القريبة من الحسيمة، ساكني المدينة إلى المشاركة المكثفة في الاحتجاج المزعم تنظيمه ليلة امس الأحد بعد صلاة التراويح مؤكدين أن لا حوار إلا مع نشطاء الحراك الشعبي كما ينظم النشطاء وقفة تضامنية أمام محكمة الاستئناف يوم بعد غد الاربعاء تزامنا مع محاكمة الناشط البارز أحمد سلطانة، مؤكدين أن «لا بديل عن الشارع حتى تحقيق المطالب المرجوة». وأورد بلاغ للنشطاء أنهم يؤكدون على استقلالية الحراك ووحدته والاتفاق بالإجماع على كونه يتشبت بمطالبه العادلة والمشروعة وأولها إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسين، «نافياً ما جاء به أحد المواقع الالكترونية الاخبارية كونهم، حسب زعمه، يتوافقون حول شخصية مخزنية ينتمي إلى حزب محزني من أجل لعب دور الوسيط بين الدولة والحراك».
تواصل الاحتجاجات في الدن الأوربية
وتتواصل حركة الاحتجاجات في عدد من العواصم والمدن الأوربية الداعمة لحراك الريف، إذ خرج مهاجرون مغاربة معظمهم ينتمون لمنطقة الريف، بعد تنظيم احتجاج في جنيف يوم الجمعة الماضي، إلى شوراع مدريد وأمستردام وفرانكفورت، لمطالبة السلطات المغربية بإطلاق سراح معتقلي الحراك والاستجابة الفورية لمطالبهم الاجتماعية والاقتصادية «في إطار تفاعل المهاجرين المغاربة مع حراك الريف الذي تشهده مدينة الحسيمة منذ أكثر من 7 أشهر، وعلى إثر الحملات الأمنية التي تستهدف النشطاء الريفيين».
وعرفت مدينة فرانكفورت الألمانية إقبالاً كبيراً حسب ما نقلته مقاطع مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي من طرف المهاجرين المغاربة الذين حجّوا إلى شوارع المدينة لمطالبة السلطات المغربية بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف، والاستجابة الفورية مع مطالب المحتجين.
و نظمت لجان دعم حراك الريف في أمستردام العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام القنصلية العامة للمملكة المغربية، حضرها العديد من النشطاء الأمازيغ بالإضافة إلى ممثل عن حزب اليسار الراديكالي، الوحدة الشعبية ورفع المحتجون شعارات تُندد باعتقالات نشطاء ومحتجون بمختلف مناطق إقليم الحسيمة، وبالمتابعات التي صدرت في حق قيادة الحراك، وندّدت شعارات المحتجين بـ«الحصار» الأمني المفروض على بلدات إقليم الحسيمة، والتضييق على الخرجات الاحتجاجية التضامنية. وفي مدريد، نظمت اللجنة المحلية للحراك إلى جانب الجالية المغربية تظاهرة كبيرة اجتاحت شوارع العاصمة الاسبانية تنديداً بالاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك بإقليم الحسيمة وفي مدينة لاشور الواقعة شرق فرنسا، حجّ المئات من المواطنين المغاربة أمام سفارة المغرب للاحتجاج على «المقاربة الأمنية” التي تنهجها السلطات المغربية في تعاطيها مع الحراك الشعبي بالريف.
وفي المقابل تجمع عشرات المغاربة المقيمون ببلجيكا، عشية اول من امس السبت، في احدى ساحات بروكسيل، «من اجل التعبير عن تعبئتهم واستعدادهم لبذل كل التضحيات دفاعا عن وحدة المملكة»، حسب ما اوردته وكالة الانباء المغربية الرسمية حيث ردد المتظاهرون الذين رفعوا العلم الوطني، ولافتات كتب عليها بالعربية والامازيغية والعبرية والفرنسية والهولندية شعارات «نعم للاصلاحات لكن في اطار الاستقرار» و«الوطن ينادي» النشيد الوطني، وأغاني التراث. وقالت الوكالة ان المتظاهرين عبروا «في جو من البهجة تخللته اغاني لمجموعات فلكلورية، والدقة المراكشية، عن تضامنهم مع المطالب الاجتماعية المشروعة للشعب المغربي الموحد وغير القابل للتجزيء، وتلك المعبر عنها مؤخرا من طرف سكان الحسيمة».
ودعت الصفحة الرسمية لناصر الزفزافي، قائد الحراك الشعبي بالريف، على فيسبوك، المحتجين في الريف، إلى «مسيرة تاريخية وما اعتبره المشرف على الصفحة «حج الأحرار والحرائر إلى مدينة الحسيمة، وذلك يوم عيد الفطر إن لم يتم الإفراج عن المعتقلين».
دعوة لمسيرة كبرى في عيد الفطر
وطالب المسؤول عن صفحة الزفزافي، الذي يتواجد بسجن عكاشة بالدار البيضاء، في تدوينة، كل المواطنين في مدن الشمال المغربي و«كل المواقع الصامدة من دون إستثناء، التوجه نحو الحسيمة يوم عيد الفطر إن لم يتم الافراج عن المعتقلين». واعلن المحامي عبد الصادق البوشتاوي، عضو هية دفاع معتقلي حراك الريف انه قرر خوض معركة الأمعاء الفارغة، كشكل احتجاجي ضد المقاربة الأمنية التي تسلكها الدولة المغربية في مواجهة الحركات الإحتجاجية واستمرار الاعتقالات. وكتب في تدوينة على فيسبوك «في حالة الاستمرار في الاعتقالات والقمع والاختطافات والمداهمات للنشطاء وترويع الآمنين في الريف وفي المدن المغربية الأخرى المتضامنة سأضطر إلى إعلان الإضراب عن الطعام». ويؤكد بوشتاوي في تصريحاته أن عدداً من معتقلي الريف قد تعرضوا للتعذيب في مخافر الشرطة كما أنهم يعيشون أوضاع مزرية داخل السجن.
وأبدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان استعداده الكامل لتقديم المساعدات الممكنة لتيسير زيارات عائلات معتقلي «حراك الريف» لأبنائهم القابعين في سجن عكاشة بالدار البيضاء، بعد احتجاج العائلات على قصر المدة المنية للزيارة في الوقت نفسه بعد المسافة بين الحسيمة والدار البيضاء. وأكد المجلس، وهو هيئة رسمية لمتابعة قضايا حقوق الانسان في المغرب، في رسالة جوابية على رسالة بعثتها له يوم اول من امس السبت لجنة العائلات تطلب فيها تدخله لتمكينهم من زيارة أبنائهم المعتقلين لمدة أطول وفي شروط أفضل» أنه سيعمل على تيسيرها بتنسيق مع لجنة مع لجنة عائلات معتقلي «حراك الريف» والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج. ودعت لجنة عائلات معتقلي حراك الريف، في رسالتها لرئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان ادريس اليزمي إلى التدخل من أجل زيادة مدة زيارة أبنائهم في سجن عكاشة في الدار البيضاء، خاصة وأن العائلات تنتقل من مدينة الحسيمة إلى الدار البيضاء من أجل 10 دقائق من الزيارة.
وأكدت اللجنة على حجم المعانات التي تلم بهم «بالنظر لبعد المسافة الرابطة بين الحسيمة والدار البيضاء، وما ينطوي عليها من معاناة للتنقل لزيارة فلذات أكبادنا المعتقلين، وحيث أن مدة الزيارة لذوينا لا تتعدى 10 دقائق وفقط، وهي مدة لا تكفي حتى للعناق والبكاء من كثرة الشوق لهم وتحسراً على مسيرهم هذا».
حملة الادانات مستمرة
وأدانت الجمعية المغربية لحقوق الانسان (مستقلة) «حملة الاعتقالات التعسفية والاختطافات التي طالت ناشطي الحراك الاجتماعي في الريف، ومداهمة المنازل من طرف قوات القمع المخزنية، في أوقات متأخرة من الليل، خارج المساطر القانونية، واعتداء الفرق الأمنية على حرمة المنازل وتخويفها الأطفال والنساء وتخريبها لممتلكات المواطنين الريفيين». وتحدث بيان للجمعية عن ممارسة التعذيب النفسي والجسدي داخل مخافر الشرطة على المعتقلين مع تهديدهم بالاغتصاب، وعدم توافر شروط المحاكمة العادلة وعدم نزاهة واستقلال القضاء مستنكراً «الأحكام الجائرة بملفات مطبوخة، التي صدرت في حق المعتقلين السياسيين، نشطاء الحراك الشعبي بالريف، بكل من محكمة الاستئناف بالناظور والمحكمة الابتدائية بالحسيمة».
وتطرقت الجمعية الحقوقية لوضع المعتقلين بسجن عكاشة بالدار البيضاء، ولقمع الحركات الاجتماعية، وطالبت بـ»الإلغاء الفوري للأحكام وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، ومن بينهم نشطاء الحراك الاجتماعي في الريف، والاستجابة السريعة للمطالب».
ودعا حزب النهج الديمقراطي، يسار راديكالي، السلطات إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإسقاط المتابعات القضائية ضدهم في منطقة الريف ومختلف مناطق المغرب، مديناً الأحكام الجائرة والمجانية الصادرة في حق نشطاء الحراك الاجتماعي، مستنكراً مواقف الحكومة من حراك الريف وما تعانيه باقي المناطق توظيف المساجد والإعلام الرسمي ضد الحراك الشعبي. وندّد بـ«الحصار والتضييق والقمع الذي ووجهت به العديد من الوقفات والمسيرات السلمية في العديد من المناطق»، مطالباً برفع الحصار عن منطقة الريف ووضع حد لسياسة التهميش والحكرة والتخوين و الترهيب والتخويف والتهديد والاعتقال والمحاكمات.
القدس العربي