محطة التلفاز الحكومية السورية تحدثت في يوم الجمعة الماضي عن قتل زعيم الدولة الاسلامية أبو بكر البغدادي. لا شك أن هذه ستكون ضربة شديدة لداعش (من الصعب التحدث عن «منظمة» عندما تكون تسيطر على منطقة تساوي اضعاف حجم مساحة إسرائيل وعلى ملايين الاشخاص).
في جميع الحالات، حتى لو كان هذا يعني ضربة لداعش، إلا أن هذه الضربة لن تقضي على الاسلام المتطرف ولن تؤدي إلى القضاء على فكرة تجديد الخلافة.
الخليفة الاخير، حسب البغدادي، كان السلطان الذي وقف على رأس الامبراطورية العثمانية عبد المجيد الثاني. وقد طرد في عام 1924 من قبل اتاتورك، أبو الثورة اللااسلامية في تركيا. الغاء الخلافة هو الذي أدى إلى اقامة حركة الاخوان المسلمين.
كانت هناك محاولات فاشلة لتجديد الخلافة، لكن المحاولة الأهم هي تلك التي قام بها البغدادي. في ذروة قوتها، سيطرت الدولة الاسلامية على مساحة 300 ألف كم، ما يساوي تقريبا مساحة ايطاليا. وكانت مسؤولة عن 8 ملايين شخص.
لماذا فكرة الخلافة مهمة إلى هذا الحد؟ السبب يكمن في الفكرة الاسلامية، التي تقول ان الهدف هو فرض الاسلام السياسي والقانوني على كل العالم. والخليفة فقط يستطيع اعلان الجهاد الهجومي. الحرب التي ادارتها القاعدة ضد الأمريكيين كانت جهاد دفاعي: الولايات المتحدة هاجمت دول اسلامية، لذلك فإن جميع مواطنيها الذين انتخبوا الرئيس يتحملون مسؤولية هذا الهجوم ويستحقون الموت. حرب حماس ضد إسرائيل هي حرب دفاعية: اليهود يسيطرون على البلاد التي كانت ذات مرة تابعة للاسلام (تم احتلال ارض إسرائيل في القرن السابع على أيدي جيش الخليفة الثاني)، لذلك فإن العمليات الدموية ضد مواطني إسرائيل هي عمليات دفاعية، حسب الاسلام الكلاسيكي، وعلى الفرد واجب فرض العين. هذه الحروب الدفاعية، بغض النظر عن أهميتها، لن تحقق الهدف الاساسي: فرض قوانين الله على كل العالم.
لذلك هناك حاجة إلى تجديد الخلافة. البغدادي، من خلال تجديده للخلافة، حقق الشرط الضروري لتحقيق الهدف النهائي للاسلام.
نظرا لأنه لا أحد يريد مواجهة جذور المشكلة، أي تعليم الاسلام الكلاسيكي، الذي يحتاج إلى سيطرة دين الله على العالم، سيقوم مسلمون يرغبون في تطبيق هدف الاسلام. وهؤلاء سيأتون من صفوف «الدولة الاسلامية».
عندما يموت الخليفة، سواء بشكل طبيعي أو على أيدي الاعداء، يقول القانون الاسلامي ببساطة إنه يجب استبداله بزعيم آخر: هذا هو المعنى اللفظي البسيط لكلمة خليفة.
هذه الطريقة بدأت مع موت مؤسس الاسلام النبي محمد، ولن تتغير أبدا. واذا كانت القوى في الغرب والقوى الشيعية ستنجح في القضاء على الدولة الاسلامية بشكل كامل، فيجب أن نتوقع اعادة ظهورها في منطقة ما في العالم: من المغرب في الغرب وحتى باكستان في الشرق، ولا تنقص الاماكن لذلك.
ادارة ترامب بدأت في السياسة المتشددة التي تطلب وقف دعم الدول الاسلامية للإرهاب، وهذه خطوة هامة جدا، لكنها لا تقتلع جذور المشكلة. الحل الاساسي الوحيد هو التنازل الكامل من قبل القادة الاسلاميين المتدينين والسياسيين عن فكرة الخلافة، والتوقف عن تعليمها. قتل الخليفة، حتى اذا تم، سيؤدي إلى تعيين خليفة جديد. والمطلوب هو القضاء على فكرة الخلافة.
افرايم هراره
القدس العربي