جرائم تاريخية واقتصادية،، يرتكبها داعش في الموصل..

جرائم تاريخية واقتصادية،، يرتكبها داعش في الموصل..

الموصل تاريخيا :
الموصل هي ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد، وعدد سكانها نحو مليوني نسمة ,وهي مركز محافظة نينوى شمالي العراق، وعرفت بهذا الاسم لكونها ملتقى طرق عدة تصل الشرق بالغرب، وهي مركز تجاري منذ القرن السادس عشر؛ وذلك بحكم العلاقات التي ربطتها بالبلدات المجاورة، ومن أشهر أسواقها سوق النبي يونس وسوق السرجخانة وباب السراي وباب الطوب.
واصبحت في القرن الثامن عشر من أهم مصدري الحبوب في المنطقة، عبر خط تجاري نهري أنشئ في النصف الثاني من القرن العشرين عبر نهر دجلة ويمتد من الموصل إلى البصرة عبر بغداد.
وعُرفت الموصل في عشرينيات القرن الماضي بانها مراكز تصدير النفط في الشمال، وتوسعت فيها الزراعة وتنوعت بعد إنجاز بعض مشاريع الري مثل سد الموصل (سد صدام سابقا) ونهر الزاب الكبير.
وفي تسعينيات القرن الماضي عانت ركودا اقتصاديًا بسبب الحصار الذي فُرض على العراق، وما استتبعه من هجرة كثير من الأيدي العاملة والكوادر العلمية.
وبعد الاحتلال 2003 كانت اوضاع المحافظة حالها حال بقية المحافظات العراقية تعاني الفقر والبطالة والتهميش ، وفي عام 2011 شهدت الموصل احتجاجات للمطالبة بخروج القوات الأميركية بشكل كامل، واستقالة حكومة المالكي وذلك ضمن سلسة الاحتجاجات التي شهدها العراق، وفي العاشر من يونيو/حزيران2016 سيطر مسلحو تنظيم داعش على المدينة ، مما أدى إلى تدمير اقتصادها بالكامل، وقتل سكانها، ونزوح مئات الآلاف منهم.

ودمر داعش اكثر من 30 موقعا أثريا، تعود جميعها للتراث الحضاري العالمي، وتاجر بكل ما يمكن بيعه من الآثار في السوق السوداء ،ودمر ما لا يمكن بيعه، ومما جرى تدميره جميع بقايا المباني والتماثيل العريقة في مدينة نمرود الآشورية (القرن الثالث عشر قبل الميلاد)، وآثار مدينة الحضر التاريخية في محافظة نينوى العراقية (القرن الثالث قبل الميلاد)، وآثار مدينة دور شرزكين شمالي الموصل، عاصمة المملكة الآشورية في عصر سرجون الثاني (القرن الثامن قبل الميلاد).
واضاف التنظيم الارهابي اخيرا جريمة تاريخية نكراء الى جرائمه ، اذ فجر في 21/6/2017 ، الجامع النوري ومئذنة الحدباء التاريخية عندما تقدمت قوات مكافحة الإرهاب العراقية وأصبحت على مسافة خمسين مترا من مواقع التنظيم. ويحمل المسجد اسم النوري، نسبة إلى الملك نور الدين الزنكي، موحد سوريا وحاكم الموصل ، والذي أمر ببنائه في العام 1172، وإلى جانبه، تقع منارة الحدباء المائلة، التي كانت يوما مئذنة لجامع النوري القديم، وهي ما تبقى منه، وتشكل المنارة رمزا للمدينة، إذ طبعت على العملة الورقية العراقية من فئة عشرة آلاف دينار.

الموصل اقتصاديا :
تعد محافظة نينوى اقتصاديا من المحافظات المهمة للعراق ، اذ تضم مساحات واسعة الاراضي الزراعية”، و تتوافر فيها إمكانات كبيرة حيث بنيت على أساسها الخطة الزراعية العراقية ، غير ان سيطرة تنظيم داعش على حزام الحنطة في العراق الذي تبلغ قيمته 614 مليون دولار في العام الواحد، مقسمة إلى 750 الف طن من الحنطة بقيمة 495 مليون دولار و250 الف طن من الشعير بقيمة 119 مليون دولار.
ويؤكد وكيل وزير الزراعة العراقية ، مهدي القيسي، ان “داعش عث فسادا بمقدرات الموصل الاقتصادية، فاستولى على مليون طن من الحنطة والشعير في محافظة نينوى، حيث يبلغ سعر الطن 792 الف دينار عراقي ، وسعر طن الشعير بقيمة 562 الف دينار ، واستطاع أن يهرب جزءا منه عبر مدينة الحسكة السورية، بالإضافة إلى عدد كبير من الثروة الحيوانية”، مبيناً أن “القطاع الزراعي تعرض للاهتزاز نتيجة سيطرة تنظيم داعش عليه في منطقة الحويجة بكركوك ومناطق أخرى في ديالى وصلاح الدين والانبار”.
كما استولى على 430 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل بالإضافة إلى ملياري دينار من المصارف الخاصة وفروعها .
ودمر التنظيم نحو 80 % من البنى التحتية للساحل الأيمن لمدينة الموصل خلال العامين الماضيين، كما قال المستشار الفني للمحافظ عبد الستار الحبو، مشيرا الى أن “المحافظة بحاجة إلى أموال لإعادة أعمارها بأسرع وقت ممكن لإنهاء حقبة مجرمي داعش, وفتح صفحة جديدة بعيدا عن الخراب والتدمير”.
وأشار إلى أن “الأهالي ساهموا بشكل كبير في اعادة الخدمات الى الساحل الايسر وتلك التوجهات نعول عليها في الجانب الايمن ايضا”.
ومنذ 17/10/2016 ، والموصل تشهد عمليات التحرير العسكري من تنظيم داعش بمشاركة نحو 80 ألف مقاتل من الجيش العراقي والحشد الشعبي وبمساندة طيران التحالف، مما ألحق دمارا كبيرا في البنى التحتية، ولا سيما في الجانب الأيسر (الشرقي) منها الذي أعلنت الحكومة في 24 يناير/كانون الثاني استعادته بالكامل.
ووفقاً لمسؤولين في الحكومة العراقية ومصادر محلية من داخل مدينة الموصل، فإن معظم البنى التحتية فيها خرجت عن الخدمة؛ نتيجة استهدافها من قِبل التحالف الدولي والقصف الصاروخي العشوائي على المدينة.
وأن “أغلب المستشفيات والجسور والمباني الحكومية خرجت عن الخدمة ايضا”، ومنها 5 جسور في مدينة الموصل تم تدميرها، بالإضافة إلى تدمير أكبر 8 مستشفيات بين اهلي وحكومي ، والتي كان آخرها مستشفى السلام، فضلاً عن تدمير المباني الحكومية الأخرى والمنازل والطرق والشوارع الرئيسية؛ نتيجة القصف المتواصل.
النائب عن محافظة نينوى، ماجد شنكالي، أقر من جهته بتدمير 80% من البنى التحتية لمدينة الموصل، داعيا الجهات الأمنية إلى الإسراع بتسهيل عودة النازحين إلى مناطق الساحل الأيسر للمدينة، والتدقيق الأمني ومنح التصاريح الأمنية لعودتهم لمناطقهم عقب تأمينها وتوفير الخدمات كافة والإسراع بإعادة إعمارها”.
وتعد الجسور والمستشفيات أبرز البنى التحتية التي لحقها الدمار في مدينة الموصل، منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة في صيف 2014،
كما تم تدمير معامل النسيج ، والسكر ، والالبسة ، والالبان ، والادوية ، ومعامل القطاع الخاص، الطحين ،والسايلوات ، وتدمير خمسة بدالات، و ثماني مستشفيات بين خاص وحكومي ، مع عشرات المستوصفات .
وكان لقطاع التعليم حصة من هذا الدمار شمل جامعة الموصل ، والمعاهد الفنية ، والمدارس ، ورياض الاطفال، والقطاع الخاص ، بالاضافة الى مشاريع المياه التي تم تحطيمها نتيجة القصف العشوائي والمتعمد.
كثر الحديث في هذه الايام حول تبعات تحرير مدينة موصل ومحافظة نينوى من اجرام داعش والسلفية الجهادية، وهنا ارى من الضروري ان نحلل الحالة العراقية الداخلية تحليل دقيق وشامل وننظر اليها من جوانبها المتعددة. وسيكون هذا المقال هو الجزء الاول من ثلاثة مقالات حول عراق ما بعد تحرير الموصل، اذ في الجزء الثاني سنحاول ان نحلل ونستقرئ دور التحالف الدولي والوضع الجيوسياسية للمنطقة وللعراق، وفي الجزء الثالث والاخير سنحاول ان نستقرأ مستقبل الحشد الشعبي وما المعطيات المهمة لأمن البلد.
ومن الضروري ايضاً ان نسأل اسئلة جوهرية هي: ما المطلوب من عراق ما بعد الموصل؟ واي عراق نريد، موحد بحدوده الحالية ام مقسم على قواعد سياسية منطلقة من سياسة فرض امر واقع؟ عراق فدرالي او كونفدرالي؟ او عراق مركزي ام محافظات ذات صلاحيات واسعة جديدة؟.

و سيطر التنظيم على 80 حقل نقط ، تنتج ما يقارب مئة الف برميل يوميا، وفي الأيام الأولى كان يستخدم طرائق بدائية في استخراج النفط لكنه استطاع أن يطورها عبر الاعتماد على موظفي الشركات النفطية ومقاتليه الاجانب الذين يعملون بالقطاع النفطي واستخدام تكنولوجيا حديثة استولى عليها، ثم بدأ ينتج نحو 50 الف برميل يوميا، ويبيعها لمافيات بأسعار تتراوح بين 10-25 دولاراً للبرميل. وكان وزير النفط العراقي السابق عادل عبد المهدي أكد أن داعش يبيع الـ”36″ الف لتر من النفط الخام بسعر عشرة آلاف دولار.
عقارات :
وكان التنظيم قبل تحرير القيارة يصدر يوميا ما يقارب مائة سيارة محملة بالنفط سعر الواحدة ثلاثة آلاف دولار بعد استخراجه من الآبار النفطية”، مبيناً أن “المصدر الثاني لتنظيم داعش يتمثل بهيمنته على عقارات وزارة البلديات والوقف السني حيث يمتلكان المئات من المحلات والساحات العامة ويجني منها أرباحا شهرية تقدر بملياري دينارعراقي”.

واكد عبد المهدي أن “تنظيم داعش يمتلك ملف العقارات ويعرف كل شاردة وواردة عنه، بعد ان حصل عليه خلال احتلاله للموصل، ويجني منه أموالا كثيرة”، مشيرا إلى أن “التنظيم استحدث العديد من المحلات وساحات الوقوف بالإضافة إلى حصوله على أموال الزكاة التي يتقاضها سنويا من المواطنين”.

وتابع ان“التنظيم أجّر المتر الواحد من البسطيات في الأسواق الشعبية بمحافظة الموصل بسعر 150 الف دينار، بينما الباعة المتجولون يدفعون شهريا 10 الاف دينار”، لافتا إلى أن “كل مواطن يراجع، المستشفيات يجب أن يدفع خمسة الاف دينار بينما يدفع طلاب المدارس شهريا 15 آلاف دينار” ، وكل سيارة صغيرة تدفع 25 آلاف دينار والمتوسطة 50 الف دينار والشاحنة 120 الف دينار.
إن “تنظيم داعش ينتج الكهرباء من مدينتي الموصل والرقة، ويقوم بتكرير النفط لإنتاج الديزل والبنزين من المصافي التي تحت يده، واما الغذاء فهم يتعاملون مع مافيات كردية وتركية لاستيراد المواد الغذائية لمناطقهم بالإضافة إلى الانتاج المحلي”، مبيناً أن “داعش يتعامل مع المزارعين بنظام الآجل في انتاج محاصيلهم الزراعية .
واستولى تنظيم داعش على 430 مليون دولار من فرع البنك المركزي بالموصل بالإضافة إلى مليارين دينار من المصارف الخاصة التي يبلغ فروعها عشرة فروع .

حسب تقديرات البنك الدولي فإن أكثر من 40 % من السكان في المناطق التي يسيطر عليها داعش يعيشون في فقر، لكن وبحسب مصادرنا مركز الروابط فان اكثر من 60% هم في فقر مدقع ، والمراقبون يرون أن الميزانية لا توفر الكثير من الفرص لهؤلاء بعد استعادة مناطقهم من داعش ، ويضربون المثل بما حدث لمناطق أخرى مثل إقليم الأنبار وديالى وغيرها التي ما زال أهلها يعانون شظف العيش بعد استعادة الحكومة السيطرة عليها.
وعودة إلى الميزانية التي تبلغ (نحو 85 مليار دولار أمريكي) بانخفاض 6% عن ميزانية العام 2016.
وتتضمن تخصيص القروض والمساعدات من ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة لمشروعات إعادة التأهيل والإعمار في المناطق المستعادة من سيطرة داعش، والقدر الأكبر من خفض الإنفاق (تلبية لشروط المؤسسات الدولية المقرضة).

يتحمله المواطن مع زيادة أسعار الخدمات الأساسية وخفض رواتب الموظفين بنسبة 3,5 %، البند الأكبر من الميزانية (12 تريليون دينار) مخصص للحرب ضد داعش، هذا غير مخصص جديد في الميزانية لقوات الحشد الشعبي والعشائري تحدد على أساس الأعداد المشاركة في تلك الميليشيات.

تأثير السلام المجتمعي على الاقتصاد العراقي :
السلام المجتمعي هو الاحترام المتبادل لجميع الأديان والقوميّات والعرقيّات (مكوّنات الشعب) في الدولة ، وتشير الدراسات الاجتماعية والاقتصادية ، إلى ان خير مثال على ذلك دولة “الإمارات العربية المتحدة” كيف تتعايش ٢٠٠ جنسية مختلفة الأديان والقوميات والاعراق مع مكونات شعب له خصوصياته دون تقاطع مبنيةً على الاتزان دون الذوبان.
وأن هذا التعايش انعكس ايجابياً على النمو الاقتصادي الكبير والذي من نتائجه ارتفاع المستوى المعاشي للفرد الإماراتي والاستقرار الأمني للمجتمع. لفت إلى ان الإمارات حققت المرتبة الأولى عالمياً في التعايش السلمي، وبريطانيا ثانياً، وأمريكا ثالثاً، في تقييم الأمم المتّحدة لعام 2015.
وعلى الرغم من كل هذه الثروات التي يمتلكها العراق، في مجال النفط والزراعة والغاز، والثروة الحيوانية والنباتية والصناعية والمعادن، والثروات الأخرى، ولاسيّما النفطية منها التي تعتمد ميزانية العراق عليها بنسبة ما يقارب 95%، إلا أن شعبه يعد من أفقر شعوب العالم، ومؤسّساته التربوية والتعليمية تحتلُ المراتب الأخيرة في مجال التطور العلمي والتكنولوجي.
وعن العلاقة بين السّلام والاقتصاد، وتأثيرهما على المجتمع، وازدهار المجتمع الموصلّي من خلالهما، وأبرز فوائدهما: أجاب الخبير الاستراتيجي عبدالعظيم الخفاجي قائلاً: ان السلام والاستقرار السيّاسي يعدان من الأركان المهمّة في تحقيق التنميّة الاقتصادية بأوجهها التربوية والصحية والسكنية وإتمام البنية التحتية.
– اذ وصلت اسعار المواد الغذائية الى نحو مرتفع جدا بحيث يتعذر على المواطنين شراؤها : فبلغ سعر كيلو السكر 125 الف دينار عراقي ، و100 الف دينار كيلو الشاي ، 20 الف كليو البرغل ، 25 الف كيلو الرز ، 35 الف دينار علية زيت الطعام ، 25 الف دينار سعر علبة معجون الطماطم ، مليون دينار سعر خمسين كيلو طحين .

وهنا نسأل هل كان احتلال داعش لثلث العراق كافيا كمؤشر خطر الى مدى هشاشة ادارة البلاد وعمليتها السياسية المتأزمة وضعف التماسك الاجتماعي؟ ام اننا (لا سمح الله) نحتاج الى مؤشر آخر اسوأ منه، ويجب ان لا ننسى مدى تداعياته.
وأن “اقتصاد البلد خسر الكثير بسبب خروجها من سيطرة الحكومة التنظيم الاجرامي اقدم في اطار حملته المنظمة ضد المعالم التاريخية والآثار العراقية والسورية، على هدم بوابة المسقى” ماشكي’” التاريخية التي شيدت في عهد الملك الاشوري سنحاريب٧٠٥ ق م، وقصر ملك الدولة الأشورية في محافظة الموصل.
ونشر التنظيم، صورًا للآثار التي دمرها عناصرها في مدينة نينوى التابعة لمحافظة الموصل العراقية، وأظهرت تلك الصور دمارًا لقصر الملك “سنحاريب” الأشوري وأسواره، وبوابة المسقى التاريخية.
و قالت زارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية ان “داعش جرفت وتدمير بوابة المسقى ، إحدى بوابات نينوى الأثرية مع أجزاء من سور المدينة الأثرية ونقل أحجاره الآشورية إلى أماكن مجهولة”. وذلك بعدما تداول عدد من السكان المحليين لأخبار هذه الفاجعة الحضارية .
وكان تنظيم داعش الارهابي أقدم في وقت سابق على هدم ونسف وتفجير العديد من الآثار التاريخية في مدينة الموصل العراقية، أبرزها متحف الموصل، وآثار الحضر والنمرود.
وصولاً إلى بوابة المسقي، وذلك منذ سيطرته على المدينة منتصف العام 2014، بالإضافة الى تدميره آثار مدينة تدمر السورية (وسط البلاد) قبل أن يتمكن الجيش السوري من تحريرها.

 اصبحت مرحلة ما بعد داعش تثير تكهنات الكثير من المحللين السياسيين، خصوصا ان مرحلة تحرير الموصل شارفت على مراحلها الاخيرة، ويمكن القول ان مرحلة تحرير الموصل وهزيمة داعش عسكريا انتهت من الناحية العملية، بعد ان اصبح اكثر من 80% من الموصل تحت سيطرة القوات العراقية، اما النسبة الاخرى 20% فان العمليات العسكرية مستمرة لتحريرها وهي في مراحلها الاخيرة.

ولذا يجب ان تكون هناك استراتيجية واضحة تتبعها الحكومة العراقية في مرحلة ما بعد داعش ،وهي:
– تشجيع ودعم المصالحة الوطنية وجعلها فوق مختلف الانتماءات العرقية والقومية والدينية وفوق الخلافات السياسة ، كي يتمكن العراقيون من اعادة بناء ما حطمه الارهاب في المناطق التي دمرها داعش الارهابي ، والبنى التحتية في مدينة الموصل التي دمرتها العمليات العسكرية كالمستشفيات والمدراس والجامعات والدوائر الحكومية والمناطق الاثرية المهمة عالميا.
– اعادة النازحين وتقديم الخدمات الاساسية واعادة تأهيل المواطنين نفسيا بالأخص الشباب والاطفال، ويجب هنا التركيز على منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، وكذلك الدولة ورجال الدين من اجل استأصل الفكر الداعشي ، لان هزيمة داعش عسكريا لا تعني هزيمته فكريا، وبالتالي فلابد ان تكون هناك استراتيجية فكرية لمحاربة تلك الافكار المنحرفة.

التحدي الاقتصادي
بسبب الحرب على الارهاب منذ ثلاث سنوات فان معظم ميزانية الدولة تذهب للأغراض العسكرية، غيران ايرادات الاقتصاد العراقي تعتمد95% على النفط ، وبما ان اسعاره انخفضت في السوق العالمية، فهذا يعني ان العراق سيكون عاجزا عن اعادة البنى التحتية المدمرة بمفرده مالم تدعمه المنظمات الدولية والدول الاخرى الصديقة كالولايات المتحدة والاتحاد الاوربي ودول الخليج العربي.

التحدي السياسي
هناك عدة اطراف تتنافس في بسط نفوذها على ادارة الموصل بعد تحريرها من بينها اقليم كردستان والحكومة الاتحادية، اذا للإقليم وجهة نظر في المناطق التي تم تحريرها من قبل قوات البيشمركة والتي تسمى بالمتنازع عليها ويطالب بضمها له، وعلى مستوى الموصل نفسها فهناك عدة قوميات واعراق واديان فهل تتمكن من الاتفاق وادارة المحافظة بشكل عادل للجميع؟ اذ سيكون هناك تعددية في القرار الامني قد تؤدي الى نوع من الاحتكاك بين الاطراف من جهة اخرى خصوصا ان العراق مقبل على انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان مطلع العام المقبل.
ونظرا للأهمية التي تتمتع بها محافظة الموصل كونها ثاني مدينة في العراق بعد بغداد من حيث عدد السكان ويمثلها 34 نائب في مجلس النواب العراقي، كما تحتوي على خليط من القوميات والاديان والاعراق، وبالتالي فالأمر يتطلب ان تتضافر كل الجهود من قبل تلك المكونات في ادارة المدينة لتحقيق الاستقرار فيها، وهذا الامر مرهون باتفاق وتوافق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ودعم اقليمي ودولي، وان الحل الامثل لإدارة الملف الامني ان يناط الى اهل المدينة انفسهم بمساندة الحكومة الاتحادية نظرا للطبيعة الديمغرافية المتنوعة والمعقدة للمدينة.

ونستنج ان المظاهر المسلحة واضطراب الأمن القومي في المجتمعات، هو أحد العوامل المؤثرة سلباً على التنمية الاقتصادية في المجتمع. وفي هذه الحالة يكون الاقتصاد هو الخاسر الأول بسبب هذه الصراعات، لأن الاقتصاد يزدهر بشكل عام طردياً مع زيادة مستوى الأمن في البلد.
وبمعنى آخر كلما كان الوضع الأمني لأي مجتمع مستتبا ومستقرا، يكون الاقتصاد في أوج مراحل نمّوه، وكذلك العكس، اذ يكون الاقتصاد في أدنى مستوياته إذا كان الأمن غير مستقر.
ويعاني الاقتصاد العراقي مشاكل كثيرة في السنوات الأخيرة، ليس بسبب الإنفاق الحربي في محاربة داعش فقط، وإنما بسبب تراجع العائدات مع هبوط أسعار النفط منذ صيف عام 2014 رغم أن الحكومة العراقية تضغط على الشركات لزيادة الإنتاج إلا أن الواضح أن الحقول العراقية تنتج أقصى طاقة لها، وهنا يتحدد لنا هل بمقدور الاقتصاد العراقي إعادة تأهيل المناطق التي سيطر عليها من حيث الإعمار وتوفير فرص العمل للسكان الذين يعانون الفقر في ظل سيطرة داعش

اعادة اعمار الموصل :
خمنت لجنة الاعمار في مجلس محافظة نينوى احتياج المحافظة الى اكثر من 30 مليار دولار لإعادة اعمار الجسور والمستشفيات وباقي البنى التحتية فيها، في وقت اوعزت فيه لجنة الخدمات والاعمار النيابية الى وزارة الاعمار والاسكان بالاهتمام بمشاريع تلك البنى التحتية في اولويات العمل.
واوضحت اللجنة ، ان “خطوات اعادة المحافظة الى ما كانت عليه في السابق تحتاج لثلاث مراحل، الاولى تتمثل بحملات التأهيل واعمال رفع الانقاض والنفايات وفتح الطرق”، مبينة ان “ما قامت به بلدية الموصل والفرق الهندسية من المحافظات الوسطى والجنوبية في هذا المجال اسفرت عن فتح العديد من الشوارع ومنها شارع بطول 40 كم في منطقة الحمدانية وشارع بطول 70 كم في منطقة حمام العليل، اضافة الى شوارع اخرى في بقية الاقضية والنواحي، اذ وصلت نسبة الانجاز في تلك المشاريع الى 75% ، وما تبقى من اصلاح التخسفات وانابيب المياه يحتاج الى اسناد مديرية المجاري”.

واضافت ان “المرحلة الثانية هي اعادة الروح لحركة المدينة، وهذا ما يعاني فقدانه اهالي الموصل”، مشيرة الى ان “هذه المسألة ستحل بأقرب وقت بمساعدة المنظمات المحلية والدولية من خلال تسديد اجور العمال اليومية وادامة النظافة في المدينة وتنسيق العمل فيها، حيث بدأت الوزارات المعنية بالمساعدة في توفير رواتب العاملين، فضلاً عن برنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) ، الذي بدأ بتشجيع الشباب على العمل للقضاء على البطالة وتنظيف المدينة”.

وبينت رئيسة لجنة الاعمار في المحافظة ان “المرحلة الاصعب هي اعادة الاعمار والبناء لكل المباني العامة، نظراً لخروج الجسور الخمسة في المدينة، التي كانت تربط بين جانبيها، عن الخدمة بشكل كامل، اضافة الى صعوبة تأهيل المستشفيات والبنى التحتية الاخرى كالكهرباء والخدمات التي وصلت نسب تدميرها الى 60 بالمئة،

اما نسبة التدمير في شبكات المياه فقد وصلت الى 65 % ، بينما تفاوتت نسبة التدمير الذي لحق بباقي الخدمات ما بين 60 ـ 70 % ”.
واعربت كهية عن تفاؤلها لإعادة اعمار ما تم تخريبه بوجود “دول مانحة وصندوق لإعادة اعمار المناطق المتضررة يمكن ان يعيد للمحافظة وضعها الطبيعي، ما يسهم بعودة النازحين اليها في اقرب وقت بعد تحريرها”.
و قال عضو لجنة الخدمات والاعمار في مجلس النواب بيستون زنكنة: ان “اللجنة اوعزت الى وزارة الاعمار والاسكان والبلديات بضرورة الاهتمام بتنفيذ مشاريع الاعمار للبنى التحتية في المناطق المحررة”.
واضاف في تصريح : ان “المناطق المحررة اصبحت كثيرة والبنى التحتية منهارة في اغلب مناطقها، ما يستدعي توفير الكثير من المبالغ لإعادة اعمارها وتأهيلها، ويمكن ان تكون تلك المبالغ من صندوق النقد الدولي او من صندوق اعمار المناطق المتضررة من الارهاب”.
وبينت ان اللجنة “ مستمرة بالتنسيق مع وزارة البلديات بغية تسهيل عملها وتوجيه آلياتها في جميع المحافظات الى تلك المناطق لفتح الشوارع ورفع الانقاض والنفايات”، موضحاً ان البنى التحتية في تلك المناطق تحتاج الى توفير مبالغ هائلة، الا ان الظرف المالي الصعب الذي يمر به العراق يحول دون ذلك”.

شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية