عدن (اليمن) – تصاعدت حدة التوتر في المشهد السياسي اليمني، سواء داخل جبهة الشرعية أو جبهة التمرّد، ما ينذر بتحولات عاصفة قد تشهدها الساحة اليمنية قريبا وتكون مدخلا لتحريك جمودها وإنهاء حالة المراوحة التي يعرفها الملف اليمني.
وفي جنوب اليمن شهدت العلاقة بين الحكومة المعترف بها دوليا والمجلس الانتقالي الجنوبي توترا غير مسبوق إثر القرارات التي أصدرها الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي بإقالة عدد من قيادات المجلس من وظائفهم في مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي قوبل بردة فعل شعبية وسياسية، يعتقد خبراء مهتمون بالشأن اليمني أن ملامحها ستظهر بشكل جلي في السابع من يوليو موعد الاحتشاد الجماهيري الذي دعت إليه رئاسة المجلس الانتقالي.
ويبدو المجلس في موقع قوّة بمواجهة حكومة هادي نظرا لشعبية قادته وعلى رأسهم محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي المرتبط في أذهان الغالبية العظمى من سكان جنوب اليمن بالعمل الميداني والقرب من مشاغل مواطنيه.
وفي تعبير عن حالة الخوف التي تعتري حكومة هادي من أي تصعيد يصدر عن فعالية الجمعة، حذر رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر في مقال له نشرته وسائل الإعلام الرسمية مما وصفه بـ”صراع غبي” قال إنه يلوح في الأفق نتيجة التحشيد الذي تقوم به الأطراف الجنوبية المختلفة.
واعتبر بن دغر في مقاله الذي حمل عنوان “حافظوا على عبدربه أو ابشروا بعبدالملك” أن مثل هذا الصراع بين هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي ربما يسهل عودة الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح الذين قال إنهم يتربصون “على بعد مئة وخمسين كيلومترا من عدن”.
وخاطب بن دغر من أسماهم “العائدين”، في إشارة إلى اللواء الزبيدي ووزير الدولة السابق هاني بن بريك وقيادات في المجلس الجنوبي الذين عادوا إلى عدن الاثنين والذين يشرفون على تنظيم فعالية السابع من يوليو، قائلا “رشّدوا برامجكم الجمعة القادمة، واحفظوا الدماء”.
وردّا على حكومة بن دغر رفع المشرفون على الفعالية المرتقبة شعار السلمية، مشدّدين على الموقف المعلن سابقا من قبل المجلس الانتقالي بشأن دعم جهود التحالف العربي في مواجهة المتمرّدين الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وأشار مراقبون إلى أن رسالة بن دغر غير المباشرة للقيادات في المجلس الجنوبي تعكس حالة عدم الثقة المتنامية التي تسود العلاقة بين “معسكر” الرئيس هادي وحكومته من جهة، والمكونات الجنوبية الفاعلة وفي مقدمتها المجلس الانتقالي من جهة أخرى.
وباشرت هيئة رئاسة المجلس اجتماعاتها فور وصولها عدن مساء الاثنين الماضي لتأكيد سلمية الفعاليات الحاشدة التي دعت إليها، فيما أصدر المكتب الإعلامي للمجلس بيانا صحافيا ردا على حديث رئيس الوزراء، هاجم فيه حكومة بن دغر.
وجاء في البيان الذي تم توزيعه مساء الثلاثاء تعقيبا على تصريحات بن دغر “إن الرسالة التي نشرها بن دغر دليل على فشل الحكومة وإفلاسها ولجوئها إلى التحريض وإثارة الصراعات السياسية والاجتماعية والمذهبية والتخلي عن التزامها الأخلاقي تجاه قوات التحالف العربي التي قدمت الدماء والمال لبناء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وفيها دعوة لتحميل مسؤولية الأمن على عاتق الأطراف التي طالما خذلتها الشرعية وحاولت إقصاءها”.
ولفت مراقبون إلى أن تصاعد حدة التوتر في العاصمة المؤقتة عدن والعودة مجددا للاستقواء بالشارع أمور تقوض من السيطرة الرمزية للرئيس هادي وحكومته على المناطق المحررة في جنوب اليمن، نتيجة ما وصف بأنها قرارات غير مدروسة التي تسببت في استفزاز الشارع الجنوبي ولجوئه مجددا للمطالبة بحق تقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية وهي مطالب تراجعت إلى حد كبير عقب تحرير عدن من ميليشيا الحوثي وصالح في مثل هذا الشهر الجاري من العام 2015.
وفي صنعاء عادت التجاذبات مرة أخرى في صفوف شركاء الانقلاب نتيجة إقدام الحوثيين على ما وصفت بأنها حالة انقلاب مصغرة على الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وفي تجاوز للاتفاق الثنائي الذي وقّع بين الحوثيين وصالح في أغسطس من العام الماضي والذي تم بموجبه انخراط الطرفين في تشكيل حكومة موحدة ومجلس سياسي أعلى، أعلن الحوثيون للمرة الثالثة عن التمديد لرئيس المجلس السياسي صالح الصماد لدورتين رئاسيتين جديدتين.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد تم إجبار حزب صالح على الموافقة على هذا القرار الذي يتعارض مع اتفاق الشراكة الذي ينص على التبادل الدوري لمنصب رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى، وهو المنصب الذي استأثرت به جماعة الحوثي إضافة إلى رفضها حل اللجان الثورية، وهو الأمر الذي كان يشترطه الرئيس السابق للدخول في أي شراكة مع الحوثيين.
ويرى محللون سياسيون يمنيون أن الحراك الذي تشهده الساحة السياسية في اليمن، يعد بمثابة مخرج ستسلكه المكونات السياسية شمالا وجنوبا في الفترة القادمة باتجاه حالة من التغيير الإجباري سيفرزها المشهد للتخلص من حالة الجمود والانسداد السياسي التي حالت دون حسم أي من الملفات سواء بالتسوية السياسية أو الحرب التي تدخل عامها الثالث.
العرب اللندنية