أستانة – لم تحقق الجولة الخامسة من مفاوضات أستانة اختراقا مهما في الأزمة السورية، بل شرّعت لفصول جديدة من الخلافات بين الأطراف الثلاثة الضامنة لمشروع وقف إطلاق النار شبه المتوقف منذ الإعلان عنه في ديسمبر الماضي.
وكان البعض يأمل أن تحرز هذه المفاوضات تقدما كالذي تحقق في الجولة الماضية التي عقدت قبل نحو شهرين بتوقيع الأطراف الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) لاتفاق يقر بتطبيق مناطق خفض التوتر في سوريا، بيد أن تفاصيل الاتفاق أغرقت الجميع في هذه الجولة وأفضت إلى بيان ختامي أقل ما يقال عنه “هزيل” تلاه وزير الخارجية الكزاخستاني خيرت عبدالرحمنوف ممثل البلد المضيف.
وجاء في البيان أنه تقرر “تكليف مجموعة عمل مشتركة، ستجتمع بطهران في الأول والثاني من أغسطس المقبل، على أن تكون الجولة السادسة من محادثات أستانة في الأسبوع الأخير من الشهر نفسه”.
وأعاد البيان تكرار ما جاء في سابقيه من أن “مسار أستانة هو داعم لمسار جنيف، وسيستمر من أجل تأمين السوريين، ودعم المسار السياسي، ووقف إطلاق النار”.
وبالنظر إلى هذا البيان يمكن القول إن النقطة الوحيدة التي تحققت هي الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل للنظر في تحديد مناطق خفض التصعيد، مع إنجاز لم يعلن عنه وهو إخراج منطقة الجنوب من اتفاق أستانة، وجعله في يد كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وحتى النقطة الأخيرة لا تزال مثار جدل كبير، في ظل تحفظات إيرانية واضحة عليها لجهة أن طهران كانت تطمح لأن يكون لها موطئ قدم في تلك المنطقة، وترى في اتفاق خفض التصعيد فرصتها لتحقيق ذلك.
ابراهيم الجباوي: المنطقة الآمنة في الجنوب في حال تم تنفيذها سوف تحد من تمدد إيران
وقال العميد ابراهيم الجباوي لـ“العرب” “أعتقد أن المنطقة الآمنة في الجنوب في حال تم تنفيذها سوف تحد من تمدد إيران في سوريا وتقطع الطريق على مشروعها الطائفي”.
ويرى مراقبون إن الموقف الإيراني مفهوم بالنظر للعقلية التوسعية التي تحكم استراتيجية طهران، بيد أن اللافت هو موقف بعض فصائل المعارضة من المسألة.
واعتبرت مصادر في المعارضة إن التفاهم الأميركي الروسي بشأن إنشاء مناطق آمنة جنوبي سوريا، بمعزل عن اتفاق “مناطق خفض التوتر” من شأنه أن يقسم المعارضة التي تحاول تجميع صفوفها.
وأوضحت تلك المصادر أن التفاهم يقضي بتولي فقط الفصائل التي تنتمي للجبهة الجنوبية مهمة المراقبة على خطوط التماس مع النظام في الجنوب.
ويرجح مراقبون أن تكون تركيا خلف هذا التململ من جانب بعض تلك الفصائل.
وكان مسؤولون روس وأميركيون قد اجتمعوا طيلة الفترة الماضية في العاصمة الأردنية عمان لإيجاد تسوية في منطقة الجنوب المحاذية لكل من إسرائيل والأردن.
الحضور التركي سجل في أكثر من نقطة خلافية أخرى، حيث كشفت مصادر مطلعة أن تركيا كانت لديها تحفظات بشأن إدلب وهي الدولة التي لها التأثير الأكبر هناك.
وكان من المتوقع أن تشرف قوات روسية وتركية على مراقبة وقف إطلاق النار في إدلب، إلا أن أنقرة تراجعت على مايبدو فيما يتعلق بكيفية الانتشار الروسي في المحافظة.
وفي النهاية رفضت تركيا التوقيع على أي اتفاق لتحديد خرائط مناطق خفض التصعيد، مشددة على أنها تريد سلة متكاملة، وترفض منطق تجزئة الاتفاق.
وفي محاولة للتقليل من حجم الفشل قال كبير المفاوضين الروس ألكسندر لافرينتييف إن الوثائق التي تحدد كيفية تطبيق اتفاق خفض التصعيد “تحتاج إلى الانتهاء منها”.
وأضاف أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق محدد حول القضية الشائكة المتعلقة بالقوات التي ستقوم بدوريات في هذه المناطق.
وحمل رئيس وفد النظام السوري تركيا مسؤولية فشل أستانة5. وقال بشار الجعفري “بسبب موقف أنقرة حققت المحادثات نتائج متواضعة للغاية”.
العرب اللندنية