تزامنت مطالبة الجنرال ستيفن تاونسند قائد قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالعمل على منع ظهور نسخة جديدة من داعش، مع تصريحات رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بأن الجيش العراقي في طريقه لأن يصبح عقائديا بعد معركة الموصل.
وطالب الجنرال تاونسند الحكومة العراقية بالتواصل مع العراقيين السنة لمنع التنظيم الجهادي من طرح نفسه بصورة جديدة.
وقال تاونسند في حوار مع هيئة الإذاعة البريطانية إن “مقاتلي تنظيم داعش مازالوا في العراق وإن الحرب لم تنته بعد رغم الانتصار التاريخي في الموصل”.
وأشار إلى أنه على العراقيين “التواصل والتصالح مع السنة وجعلهم يشعرون بأن الحكومة العراقية تمثلهم”.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن سليماني قوله إن “الجيش العراقي يمكن الوثوق به ضد أي اعتداء أجنبي وليس في حاجة إلى قوات خارجية تفرض نفسها على العراقيين بحجة دعم الجيش العراقي”.
وأكد أن الحرس الثوري الإيراني عمل على مدار الساعة لتسليح الحشد الشعبي بعد تأسيسه.
وذكر سليماني على هامش مشاركته في تأبين أحد قتلى الحرس الإيراني في سوريا، أن حزب الله اللبناني قدم خبراته للحشد، وخسر الكثير من قواته في سوريا والعراق.
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن تحذير الجنرال ستيفن تاونسند لا قيمة له في ظل اللاكتراث الذي تبديه الإدارة الأميركية بما تفعله إيران في العراق.
وقال في تصريح لـ”العرب”، “اللافت أن السياسات الأميركية القائمة على التسليم بواقع الهيمنة الإيرانية في العراق لم تتغير بالرغم من الموقف الأميركي المتشدد في معارضته للتمدد الإيراني”.
وكشفت تصريحات سليماني المخطط الإيراني بعيد المدى في سلب وطنية الجيش العراقي، والدفع باتجاه اعتبار الحشد الشعبي الذي تدين غالبية ميليشياته إلى إيران بديلا للجيش الوطني العراقي.
وتخطط إيران في المرحلة المقبلة إلى منع العراقيين من الاستفادة من درس الموصل باعتباره مفصلا تاريخيا خطيرا. عن طريق العسكرة القائمة على التحشيد الطائفي “العقائدي بالتعبير الإيراني”.
وسيجد العراقيون أنفسهم مرة أخرى أمام مفترق طرق بوجود سياسات عزل وتهميش تنال بأضرارها مكونا بعينه، وسيؤدي استمرارها إلى استئناف الضغط على ذلك المكون من أجل أن يكون بيئة معادية وحاضنة لكل قوى التشدد والتطرف وصولا إلى تكريس مفهوم الخلايا النائمة.
وتكرس إيران من خلال الضخ العقائدي في الحشد الشعبي من أجل تضخيمه وجعله ضرورة بالنسبة للشيعة العراقيين الذين يجري فصلهم بشكل منظم عن محيطهم العربي.
ولا يستبعد المراقبون أن يتحول الحشد الشعبي بعد نهاية داعش إلى قوة قمع شيعية، يكون في إمكانها أن تجبر الحكومة العراقية على عدم الالتفات إلى واجباتها الخدمية العاجلة في إعادة إعمار المدن ذات الغالبية السنية التي لحق بها الدمار الكامل بذريعة أن تلك المدن كانت حاضنة لداعش.
وارتبط ملف الحشد الشعبي بجدل حاد بين رئيس الحكومة حيدر العبادي ونائب رئيس هيئة الحشد أبومهدي المهندس، الذي قال إن رئيس الوزراء نفسه لا يمكنه حل الحشد، فرد رئيس الحكومة العراقية بأن الذين يحذرون من حل الحشد يمثلون “أجندات خارجية”.
وهاجم قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق أحد أكبر فصائل الحشد، وقاحة المطالبين بحل الحشد الشعبي.
وقال الخزعلي إن “مطالبة البعض بحل الحشد الشعبي تمثل وقاحة سياسية”، مشيرا إلى أن “الذين يطالبون بحل الحشد لا يحترمون العراق”.
وأضاف أن “الحشد أصبح مؤسسة رسمية بعد إقرار قانونه في البرلمان”، معبرا عن استعداده لسماع “المخاوف” المتعلقة بالحشد وإزالتها.
ويرى الخزعلي أن “الحشد الشعبي هو أهم أسباب النصر في العراق”، وهو “أكبر قوة عسكرية في المنطقة حاليا”.
وقال سياسي عراقي شيعي إن “القوى السياسية الشيعية تدرك أن لحظة الإعلان عن النصر في الموصل، تمثل فرصة حقيقية لبناء القواعد الجماهيرية استعدادا لاقتراع أبريل الذي يمكن أن يعيد رسم الخارطة السياسية الشيعية”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” من العاصمة بغداد أن “الأحزاب الشيعية العراقية التي تدور في فلك إيران لن تسمح للعبادي ببناء شعبيته على حساب جمهورها، مستغلا نصر الموصل”، مشيرا إلى أن “الخارطة السياسية الشيعية دخلت الآن فعليا عملية الفرز تحضيرا لانتخابات 2018″.
ويبدو أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أخذ على عاتقه الرد على سلسلة المواقف الشيعية بشأن تحرير الموصل. وطالب الصدر في كلمة تهنئته بنصر الموصل، بـ”محاسبة المتسببين في سقوط مدينة الموصل بيد الإرهابيين”، في إشارة واضحة إلى رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، محذرا من “محاولة جهات سياسية تجيير النصر لصالحها”.
ويقول السياسي الشيعي إن رئيس الوزراء العراقي يحاول تأجيل مواجهة سياسية مع قيادات في الحشد الشعبي وسياسيين موالين لإيران، حتى ينتهي من معارك تحرير المناطق التي لا تزال تخضع لسيطرة داعش في العراق، وهي الحويجة في كركوك وتلعفر في نينوى وراوة وعنة والقائم في الأنبار.
ويضيف أن “الصدر يدرك هذا، لذلك يحاول ملء الفراغ بموازنة الأجواء والرد على تصريحات حلفاء إيران، حتى لا يتمكنوا من الاستيلاء على الساحة الشيعية في ظل انشغال العبادي بأعباء الحرب واستحقاقات الإعمار وعودة النازحين”.