تجارة الأسلحة: خطر يهدد أمن العراق

تجارة الأسلحة: خطر يهدد أمن العراق

رسمت معالم الغزو الأمريكي للعراق صورة جديدة أصبحت أحد سمات المجتمع العراقي ومنها ما أثرت بصورة واضحة على حالة التجانس والتماسك الاجتماعي لوحدته الوطنية وأخرى ساهمت في حالة الانفلات والضياع الأمني وظهور أوجه عديدة في عملية التعامل اليومي التي حددت سلوك الأنسان العراقي وتوجهاته ،وسمحت بالتدخل الإقليمي والدولي في كل مجالات الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية بسبب غياب الإرادة السياسية وانعدام وضوح الرؤية في وضع برنامج أساسي وتوافقي لقيادة الدولة حيث ساهم هذا الأمر في ظهور عدد من المجاميع التي قامت بالتأثير على حياة المواطن واستهداف أمنه وسلامته وهي مجاميع غير منضبطة عملت على المتاجرة بالأسلحة والأعتدة والمعدات العسكرية ومنها الأليات والسيارات المستخدمة من قبل العديد من الصنوف العسكرية .

مركز الروابط حصل على معلومات دقيقة ومن مصادر خاصة عن قيام هذه المجاميع غير المنضبطة بالتجارة بهذه الأليات وبيع العديد منها الى المؤسسات العسكرية في إقليم كردستان العراق ومنها عجلات (الهمر) التي يقوم العراق باستيراد الواحدة منها بمبلغ (220) ألف دولار في حين أن هذه المجاميع باعتها للإقليم بمبلغ (25-30) ألف دولار في عملية سرق ونهب وتجارة سوداء لمعدات مهمة وسيارات وأليات كان من المفترض استخدامها في تأمين مستلزمات الحفاظ على أمن وسلامة العراق وشعبه .
وسبق لمركز الروابط للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن أشار الى خطورة هذه الأوضاع في مقال نشر بعنوان (بمساعدة عراقية –قد نرى قريبا دبابة ابرامز ايرانية ) بتاريخ 5 تموز 2017 .
ان من أخطر ما يواجه المجتمع العراقي الأن هي حيازة الأسلحة والمعدات الثقيلة التي يقبل الناس على شرائها لعدة أسباب منها الحماية الشخصية لهم ولأسرهم ومنازلهم وممتلكاتهم كما تستخدم الأسلحة لأغراض عشائرية ،وهذا ما شاهدناه في عدة محافظات عراقية استخدمت فيها أسلحة ومعدات ثقيلة في تصفية نزاعات عشائرية وخلافات اجتماعية كما حدث في محافظتي البصرة وذي قار .

وان هناك العشرات من الحوادث الفردية التي تحصل في العديد من مدن العراق تستخدم فيها الرمانات اليدوية بنوعيها الهجومي والدفاعي في الاعتداءات الجانبية أو تصفية الحسابات بين الأفراد وتتم برمي الرمانات اما على الدور السكنية او المكاتب والمتاجر التجارية .أما عن السؤال من أين يحصل هؤلاء التجار على هذه الأسلحة والمعدات فان بعضها يتم شراؤه كما قلنا من عناصر وجهات غير منضبطة أو جماعات مسلحة وان السلاح المتداول للبيع يكفي لتشكيل تنظيمات ومنظمات مسلحة خطيرة وقادرة على احتلال مدن بأكملها .

من يشاهد الأسلحة المعروضة في سوق مريدي الواقع في مدينة الصدر يتخيل له أنها تستخدم لحماية أمن العراق من الداخل ولا يجول بخاطره مطلقا أنها تستخدم في حل الكثير من المشاكل والمنازعات الاجتماعية ، وان الذين يتولون ادخال العديد من الأسلحة والمعدات لا يستطيع أحد التعرض لهم بسبب نفوذهم وسيطرتهم وامكانياتهم المالية والتسليحية وعلاقاتهم الواسعة .

ويتواجد الراغبون باقتناء هذه الأسلحة وشراءها في التواجد المستمر داخل سوق مريدي ومد علاقاتهم وتمتين أواصرها مع العديد من تجار الأسلحة ليحصلوا على ما يريدونه ويحتاجونه من مسدسات ورشاشات خفيفة ومتوسطة وحتى المعدات الثقيلة وعبر صفقات سرية وبمبالغ عالية وبواسطة أشخاص معينين ولديهم صلات واسعة بشبكات تهريب الأسلحة والمتاجرة بها .

هناك أسباب أخرى جوهرية تتعلق بعدم وجود الرقابة الأمنية والاستخبارية للجهات العسكرية في متابعة العديد من العناصر غير المنضبطة أو التي ترتبط بعناصر مسلحة فالكثير من أصحاب الشأن يعزون وصول هذه الأسلحة لكثرة الغنائم التي يتم الحصول عليها نتيجة المواجهات أو المعارك التي تخوضها صنوف الجيش العراقي والتشكيلات التابعة له أو المرتبطة به وعمليات نقل الأسلحة والمعدات وعدم وجود السيطرة الميدانية الفعالة للتعامل مع هذه الظاهرة الخطرة .

ورغم العديد من الجلسات والنقاشات التي تضمنتها اجتماعات المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي وتقديم الآراء والمقترحات البناءة وتسخير جميع الإمكانيات في متابعة هذه الظاهرة والحد منها ومتابعة الشخوص الذين وراءها فلم تتمكن الجهات التنفيذية من تحجيم ظاهرة المتاجرة بالأسلحة التي أصبحت تقلق الوسط الاجتماعي العراقي وتهدد الأمن الداخلي للعراق .

وحدة الدراسات العراقية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية