في 7 تموز (يوليو)، أعلنت الولايات المتحدة وروسيا والأردن عن التوصل إلى اتفاق لنزع التصعيد في منطقة الحدود الجنوبية الغربية في سورية.
وتقرر أن يبدأ سريان الاتفاق يوم الأحد الماضي، 9 تموز (يوليو)، والغرض منه هو السماح لهذه البلدان وأي مجموعات تدعمها في المنطقة بالتركيز على محاربة “داعش”.
وفيما يلي تعليق خبيري مجلس الأطلسي، السفير فريدريك سي. هوف، والزميل الرفيع فيصل عيتاني على هذا الاتفاق:
فريدريك هوف
يشكل الإعلان الأميركي-الروسي عن وقف لإطلاق النار في جنوب غرب سورية أخباراً طيبة للمدنيين الذين كانوا في الآونة الأخيرة أهدافاً لقنابل البراميل المتفجرة التي يلقيها عليهم نظام الأسد. وإذا كانت شروط الاتفاق ستعفي المدنيين من الهجمات الجوية وقصف المدفعية، فإنه سيشكل خطوة أولى مفيدة في اتجاه خوض محادثات سلام مثمرة في جنيف.
كانت الاتفاقيات السابقة لوقف الأعمال العدائية قد عُرقلت في أوائل العام 2016، على ضوء الافتقار إلى آليات للإنفاذ، والوجود الكبير للمفسدين في كل مكان: نظام الأسد؛ والميليشيات ذات القيادة الإيرانية، وجبهة النصرة. وربما يضيف المرء إلى هذا الخليط المتقلب في جنوب غرب سورية وجود بعض عناصر تنظيم “داعش”.
سوف تكون رغبة وقدرة موسكو وواشنطن على قمع مثل هؤلاء الفاعلين السيئين بشكل دائم هما الفيصل في تحديد الفرق بين النجاح والفشل هذه المرة.
بالنسبة للأردن، ينطوي تحقيق الاستقرار في جنوب غرب سورية على أهمية قصوى: فآخر شيء تحتاجه المملكة الهاشمية الآن هو التعرض لتسوماني آخر من اللاجئين. وبالنسبة لإسرائيل، يعتبر إبقاء حزب الله و”داعش” بعيداً عن الجولان مهماً جداً بنفس المقدار.
ومع ذلك، إذا كان الأساس وراء هذا الاتفاق هو ببساطة قمع تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة، فإن وجود هذه الجماعات في مناطق مأهولة بالسكان يمكن أن يجتذب هجمات جوية ومدفعية عشوائية، وربما يفشل القضاء عليها في نهاية المطاف في الدفع بقضية الانتقال السياسي بعيداً عن نظام فاسد، غير كفؤ وخبيث، والذي يعزز وجوده في حد ذاته قضية التطرف والإرهاب.
فيصل عيتاني
كانت هناك مسبقاً العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار، ووقف الأعمال القتالية، ووقف التصعيد ومنع نشوب النزاعات في سورية. ومن دون استثناء، فشلت هذه الاتفاقيات في تهدئة مناطق جغرافية كبيرة من البلد.
كانت الحالات الوحيدة التي انتهى فيها العنف هي التي يسيطر فيها النظام بالقوة على المناطق التي تحتفظ بها المعارضة ويقوم بإخلاء السكان. ويعود هذا إلى حقيقة بسيطة، هي أنه لا يمكن أن يكون هناك وقف إطلاق نار دائم إذا لم يكن يخدم مصالح المتحاربين الرئيسيين، والذي يصادف أنهم يكسبون الحرب أيضاً: في هذه الحالة: إيران ونظام الأسد.
يتطلب نجاح اتفاق لنزع التصعيد بولاية دولية في جنوب سورية، أن يتخلى النظام السوري وإيران عن مطالباتهما بالسيطرة الكاملة على منطقة جغرافية حساسة وحرجة في سورية، والتي تضم طرقاً تفضي إلى العاصمة والحدود.
سيكون هذا ممكناً نظرياً إذا ما واجه هذان الحليفان حركة تمرد هائلة مع داعمين أجانب ملتزمين، أو تعرضا لتهديد موثوق بعقاب قوي من القوى الدولية إذا ما قاما بانتهاك الاتفاق.
لكنهما لا يواجهان مثل هذه القيود. ولذلك، سوف يلتزم النظام وإيران باتفاق يناسب غاياتهما مؤقتاً (مثل السماح لهما بإعادة نشر القوات في جبهاتهما) حتى يكونا جاهزَين للتركيز مرة أخرى على إجبار المعارضة على تسليم الأراضي.
حتى لو كانت روسيا تتصرف بنوايا حسنة وتؤمن حقاً بأن النظام سيُخدم بشكل جيد بالالتزام باتفاق من هذا القبيل، فإنني أشك كثيراً في أن تكون لديها القدرة على إجباره على القيام بذلك.
يمكن أن يكون تنفيذ انتشار عسكري أميركي كافياً لعرقلة تقدم النظام وإيران، لكن من غير المرجح أن يتم تحقيق ذلك في الحدود القصوى، وسوف يتم تقديم أحد المتحاربين كقوة شرطة في المناطق المتنازع عليها.
وبالمناسبة، يصادف أن تكون روسيا، التي يقال إنه يُنظر في شأن قيامها بدور الشرطة، مناسبة تماماً لهذا الوصف.
فريدريك هوف وفيصل عيتاني
صحيفة الغد