عقد مؤتمر بعنوان “دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي” في العاصمة الاردنية تنديدا بما يحدث في دول المنطقة من صراعات طائفية وظهور تنظيمات ارهابية سرطانية .
ودعا المشاركون من علماء ومفكرين وممثلي جهات عربية واسلامية ودولية إلى إبراز صورة الدين الاسلامي المشرقة وبيان دور العلماء والمفكرين في تعزيز منهج التوازن والاعتدال، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية والشبابية والاعلامية في مواجهة التطرف الارهابي بمختلف أشكاله ومسمياته وبناء استراتيجية شاملة لمكافحة هذا المرض المزمن الذي يهدد العالم بشكل خطير.
سرطان الارهاب
مما لا شك ان العالم في موقف حرج خاصة في الاونة الاخيرة, لما يشهده من صراع طائفي وحروب داخلية وتفكك النسيج الاجتماعي نتيجة ارتكاب التنظيمات الارهابية العديد من جرائم بحق الشعب والدولة.
ولو اخذنا ” العراق وسوريا” نموذجين لوجدنا ما يلي:
الوضع في العراق منذ عام 2003 الى هذا الحين غير مستقر ويزداد سوءا يوما بعد يوم, اذ وصل الى مرحلة السماح لدول اجنبية ان تتدخل بسياستها ، واصبح التحالف الدولي معضلة وليس حلا لإنهاء الصراع الدموي فيه, وادى التطرف فيه الى نزوح سكانه من ديارهم الى مناطق اخرى كإقليم كردستان خوفا من القتل والموت المفاجئ.
ويمر العراق حاليا بأزمتين خانقتين تتمثل الاولى بصراعه مع تنظيم “داعش” الذي يسيطر على الموصل ومناطق اخرى منه، والاخرى تتمثل بانخفاض اسعار النفط التي تشكل المورد الاساسي للاقتصاد العراقي وميزانيته.
ولو تطلعنا الى الوضع في سوريا التي تدخل ازمته عامها الخامس وهي منغمسة بالحروب الاهلية والقتل واتساع مظاهر العنف بين النظام وشعبه, الذي اصبح مشردا لما يتعرض له من حصار وجوع وظروف مروعة , فمنهم من لجأ الى تركيا اولبنان اوالاردن وغيرها من الدول الجوار, وقد تجاوز عدد اللاجئين السوريين الـ3 ملايين شخص واكثر من مليوني طفل سوري يعيشون في البلدان المجاورة منهم ثمانية آلاف عبروا الحدود وحدهم دون أوليائهم , بسبب تعرض السكان في بعض المدن للحصار والجوع والقتل دون تمييز, ومن جهته اكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس ان تركيا التي باتت أكبر بلد مضيف للاجئين في العالم انفقت أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي مساعدات مباشرة للاجئين.
اراء علماء المسلمين المشاركين المؤتمر
اكد امين عام منتدى الوسطية الامام الصادق المهدي ان دور منتدى الوسطية يسعى الى تشخيص اسباب هذه الامراض وايجاد حلول لإزالتها , مبينا ان ما حدث في العراق بعد فترة الاحتلال الامريكي 2003 ادى الى اختلال التوازن الداخلي وتفشي الظلم الاجتماعي, ما جعل الصراع الطائفي مصدرا خطيرا على المجتمع حيث يسعى كل طرف مشارك في العملية الى تنفيذ اجندته مستخدما الارهاب لترويع الاخرين .
وتحدث ايضا عن سبعة عوامل استقطاب يشعلها الغلاة والغزاة لمقاصدهم وهي: استقطاب حاد بين اعتقاد ديني وفكر علماني واستقطاب بين مسلمين وكتابيين، واستقطاب بين السنة والشيعة، واستقطاب داخل الجسم الإسلامي بين سلفيين وعصريين، واستقطاب بين قومية غالبة ومجموعات قومية أخرى، وتباين بين أثرياء وفقراء واختلافات حول التعامل مع المحيط الدولي.
ودعا مؤسس حركة النهضة التونسية عبد الفتاح مورو الى تحويل قدرات الامة لشيء فاعل لاستكشاف اسباب انتشار سرطان الارهاب وخلاياه, مشيرا الى ان القضاء على الواقع الارهابي لا يمكن باستخدام الطائرات والدبابات فقط بل لابد من سلاح الكتب من جهة اخرى . ومن وجهة نظره ان المجتمع العربي لم يقدم قضية يعيشها الشباب وانعدم مفهوم المواطنة اذ اصبحت كنشيد وطني فقط مشددا على الالتزام بقضية المجتمع وهي قضية المواطنة واعطاء الحرية للشباب ليتمكنوا من العمل والابداع وليستطيعوا تغيير المجتمع، قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ”.
اما امين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القرة داغي فبين ان بداية ظاهرة الارهاب برزت بعد ضرب فكرة الاعتدال في بعض الدول. واضاف : لتحديد معالم استراتيجية شاملة لمكافحته والقضاء عليه لا بد من تشخيص اسبابه المتنوعة لوضع العلاج النافع قبل ان تتفشى خلاياه بين الشعوب.
واكد ان المسؤولية تقع على الحكام والعلماء في محاربة الارهاب داعيا لاعطاء الشعوب الحريات واستعادة كرامة الانسان والعمل على تشجيع الفكر الوسطي المعتدل لتعزيز الاسباب الداخلية والخارجية التي تحد من انتشاره.
وطالب بالتركيز على الشباب الغربي الذي يظلله تنظيم “داعش” وينقله الى بلادنا ليمارس القتل على الهوية ضد شعوب المنطقة.
جميع المؤتمرون يتفقون على انه تجب محاربة منابع فكر التطرف والإرهاب وتجفيفها واستحداث قوانين صارمة للتصدي للفكر المتطرف والاعمال الارهابية وتعطيل نموه بشتى الوسائل.
اماني العبوشي