الرياض – تسعى الحكومة السعودية إلى تطوير السياحة وتحويلها إلى قطاع استراتيجي مستقبلا، في إطار مساعيها الرامية إلى بناء اقتصاد على أسس مستدامة وتنويع إيرادات الموازنة للتأقلم مع عهد النفط الرخيص.
وكشفت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية أمس، عن تسارع وتيرة تطوير المواقع السياحية خلال الفترة الأخيرة انسجاما مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كشفت عنه الحكومة العام الماضي.
وتعمل الرياض على إقامة شراكات مع القطاع الخاص بهدف جعل عدة مواقع وجهات سياحية متكاملة ومستدامة تقدّم قيمة تثري تجربة السياحة الداخلية ولاستقطاب مواطني دول مجلس الخليج والمقيمين فيها مستقبلا.
كما تسعى إلى جذب رجال الأعمال والحجّاج والمعتمرين وفئات محددة من سياح الخارج ضمن برنامج “السعودية وجهة المسلمين”.
ولعل مشروع تطوير موقع سوق عكاظ من أبرز المشاريع التي تعمل عليها الهيئة في الوقت الحاضر من أجل الارتقاء بمدينة الطائف كأول وجهة سياحية متكاملة بالبلاد ضمن برنامج التحول الاقتصادي 2020.
755 مبادرة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، يتضمنها برنامج التحول الوطني
ويعدّ مشروع تطوير مدينة عكاظ أحد المشاريع الرئيسية والرائدة في هذا البرنامج، ومنذ أن تسلمت الهيئة قرار الدولة بتوليها الإشراف على سوق عكاظ، وهي تعمل جاهدة لمواصلة البناء على الإنجازات التي تحققت للسوق في السنوات العشر الماضية.
ورصدت الحكومة ملياري ريال (530 مليون دولار) كاستثمارات لتطوير المواقع السياحية حيث تم تخصيص ميزانية للهيئة بلغت 775 مليون ريال (نحو 207.2 مليون دولار) لإنشاء المشاريع.
وقال أسامه خلاوي، مدير مبادرة الوجهات السياحية ومبادرة مدينة سوق عكاظ في الهيئة لقد “خصص 555 مليون ريال (147 مليون دولار) لتطوير البنية التحتية لسوق عكاظ بمشاركة مع القطاع الخاص الذي ضخ 1.3 مليار ريال (350 مليون دولار) في المشروع الواعد”.
وأوضح خلاوي أن “مشروع تطوير مدينة عكاظ بالطائف أحد المبادرات التي تندرج ضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني 2020”.
وأشار إلى أن موقع سوق عكاظ يخضع حاليا لدراسات أثرية وتنقيبات في أجزاء واسعة منه بعد أن أظهرت المسوحات الأولية أنه من المواقع الغنية بالآثار.
ويتضمن المشروع إنشاء مركز الشعر العربي والمتحف التفاعلي وتطوير جادة عكاظ التراثية واستحداث جادة للمستقبل تكمل الأبعاد التي كانت تمثلها السوق قديما بوصفها مكانا لتقديم الجديد من الأفكار.
وسيتم كذلك إنشاء مخيم بيئي وتأهيل المجموعة الأولى من المواقع الأثرية وفتحها للزوار ومركز للتنزه ومرافق رياضة ومساحات مكتبية وتمديد شبكة الطرق ومواقف السيارات.
الهيئة العامة للسياحة والتراث: موقع سوق عكاظ يخضع حاليا لدراسات فهو من المواقع الغنية بالآثار
وكان برنامج التحوّل الوطني الذي أقرّته الحكومة العام الماضي، قد رصد 13 مبادرة للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتكلفة تتجاوز 26 مليار ريال (6.95 مليار دولار).
ومن أبرز هذه المبادرات مبادرة “تطوير الوجهات السياحية” حيث اعتمد البرنامج تطوير أربع وجهات سياحية أقرتها الدولة عام 2004، وهي جزر فرسان في جنوب البحر الأحمر ومدينة سوق عكاظ بالطائف ومدينة العلا وشاطئ الرأس الأبيض في المدينة المنورة.
وقال الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة في وقت سابق إن “مبادرة الهيئة بتطوير مدينة عكاظ بالشراكة مع إمارة منطقة مكة المكرمة وشركائها في القطاعين الحكومي والخاص تعود لما لهذا الموقع من أهمية تاريخية كرمز للتراث العربي”.
وأضاف “هو أهم أسواق العرب القديمة وقد ارتبط اسمه بازدهار النشاط الثقافي والاقتصادي في الجزيرة العربية. وقد زاره النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة الشريفة”.
وتأتي المبادرات الجديدة للهيئة العامة للسياحة في سياق المرحلة الأولى من برنامج التحول الوطني التي يجري تنفيذها حاليا بالشراكة بين مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية و18 جهة حكومية.
ووفق المسؤولين السعوديين، فإن هناك 755 مبادرة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والتي ينتظر أن تسهم في تحول السعودية نحو رقمنة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتوفير فرص عمل جديدة.
وكشفت شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو في مايو الماضي، أنها تعتزم إنشاء مركز لتدريب العاملين في قطاع السياحة بالبلاد ضمن مساعي الحكومة لتطوير وتنويع الاقتصاد من أجل تقليص الاعتماد على إيرادات قطاع النفط.
ووقعت أرامكو مذكرة تفاهم مع كل من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والهيئـة العـامة للسياحة والتراث يتضمن تأسيس مركز تدريب لإدارة المنشآت والضيافة.
ويهدف المركز إلى تطوير وتهيئة الشباب السعودي للعمل في مجال إدارة وتشغيل المنشآت الخدمية العامة والخاصة، بالإضافة إلى وظائف قطاعات السياحة والفندقة على مستوى جميع أنحاء السعودية.
ويتوقع أن يتم تدريب ما يصل إلى 5 آلاف متدرب ومتدربة خلال السنوات الأربع المقبلة، وفق ما قاله مسؤولون في الشركة التي تشارك عادة في المبادرات الحكومية الأخرى نظرا لأنها احدى أكثر الشركات كفاءة في البلاد.
العرب اللندنية