الرياض – أعلنت وزارة المالية السعودية أمس عن اكتمال إنشاء برنامج الصكوك بالريال السعودي لكنها لم تحدد قيمته أو الأطر الزمنية للإصدارات المتوقعة.
وأكدت في بيان نشر على موقعها الإلكتروني أنها ستقوم من خلال البرنامج، بإصدار صكوك وطرحها على عدة مراحل من وقت إلى آخر للمستثمرين، وفقاً لتقدير وزارة المالية المفوضة بذلك بموجب مرسوم الموازنة العامة للبلاد.
وكانت الحكومة السعودية قد ذكرت مع إعلانها موازنة العام الحالي في شهر ديسمبر الماضي أنها ستصدر سندات وصكوكا لتوفير التمويلات اللازمة لسد العجز في موازنة 2017.
وتوقع محللون أن يكون البرنامج مقدمة لتوسيع الاقتراض من السوق المحلية بسبب ارتفاع الإنفاق على إعادة هيكلة الاقتصاد بموجب برنامج التحول الاقتصادي في إطار “رؤية السعودية 2030″.
واعتمدت الرياض في العام الماضي إجراءات تقشف واسعة بينها إلغاء مخصصات وبدلات موظفي القطاع العام في أكتوبر الماضي. وقد مكنها ذلك من خفض العجز في الموازنة بنسبة 71 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي.
لكن الحكومة قررت في أبريل الماضي إعادة جميع البدلات وبأثر رجعي الأمر الذي يرجح عودة عجز الموازنة إلى الارتفاع.
9 مليارات دولار جمعتها السعودية في أبريل الماضي من خلال أول إصدار دولي للصكوك الإسلامية
وكانت الحكومة طرحت في أبريل الماضي أول إصدار دولي للصكوك الإسلامية وتمكنت من جمع 9 مليارات دولار، في محاولة لتخفيف الضغط على الاحتياطات الأجنبية للبلاد.
ورأى محللون أن نجاح الإصدار أكد ثقة أسواق المال العالمية بالأوضاع المالية للسعودية، حين بلغت طلبات الاكتتاب نحو أربعة أضعاف قيمة الاكتتاب ما أدّى إلى تراجع فوائد التسعير الأولي للإصدار.
ويأتي توسيع إصدارات الصكوك المحلية والدولية بعد أن توجهت الرياض في أكتوبر الماضي إلى سوق الدين العالمي التقليدي لأول مرة، وجمعت 17.5 مليار دولار في إصدار للسندات السيادية.
ويقول محللون إن حجم الدين العام السعودي لا يزال منخفضا إلى حد كبير مقارنة بمتوسط المستويات العالمية، وهو ما يؤهلها للمزيد من الاقتراض، خاصة في ظل احتياطاتها المالية الكبيرة.
وأشارت وزارة المالية في بيان أمس إلى أن إنشاء برنامج الصكوك، يأتي استكمالاً لدور مكتب إدارة الدين العام في تأمين الاحتياجات التمويلية للخزينة العامة للدولة، بأفضل التكاليف الممكنة، وتماشياً مع أهداف برنامج التوازن المالي.
وذكرت الوزارة أنها ستحدد لاحقا شروط وأحكام كل إصدار من إصدارات البرنامج والفئات التي يحق لها الاكتتاب في الصكوك وحجم الطرح والعائد المتوقع لحملة الصكوك.
وقال باحثون إن أي إصدار للسندات السيادية الدولية بما فيها الصكوك الإسلامية سوف يخفف الضغط على السحب من احتياطي العملة الأجنبية في البلاد.
ويرى باترك دينيس الاقتصادي البارز في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس في لندن قوله إن بيع الصكوك يساعد على جعل السعودية “في وضع قوي من حيث التمويل”.
وذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية للأخبار الاقتصادية أن الإقبال الكبير على الصكوك الدولية السعودية أدى إلى خفض تكلفة الاقتراض.
أوكسفورد إيكونومكس: بيع الصكوك يساعد في جعل السعودية في وضع قوي من حيث التمويل
وأعلنت الرياض العام الماضي عن رؤية مستقبلية طموحة تمتد حتى عام 2030 وتهدف لخفض اعتمادها على إيرادات النفط، الذي يشكل مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.
واشتملت تلك الرؤية على إصلاحات اقتصادية واجتماعية واسعة، وتدعو إلى تطوير القطاعات غير النفطية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والقاعدة الاستثمارية الأوسع على أن توظف سعوديين.
وأعلنت الرياض نهاية العام الماضي عن موازنة العام الحالي بإجمالي نفقات تبلغ نحو 237.3 مليار دولار. وتوقعت فيها تسجيل عجز يقدر بنحو 52.8 مليار دولار.
وارتفع دين السعودية العام في نهاية العام الماضي إلى نحو 84.4 مليار دولار ما يعادل نحو 12.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 38 مليار دولار في نهاية عام 2015 أي ما يعادل 5.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك الحين.
وكان تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني قد أظهر في الأسبوع الماضي تراجع إصدارات دول الخليج العربي من أدوات الدين خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 43.7 بالمئة بمقارنة سنوية.
وأكد أن إصدارات الدين الخليجية بلغت نحو 20.4 مليار دولار في الربع الثاني من 2017، مقابل نحو 36.2 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2016.
وجاءت السعودية في صدارة المقترضين في الربع الثاني من العام بنحو 9.5 مليار دولار، تتبعها قطر بنحو 3.5 مليار دولار والكويت 3.2 مليار دولار وعمان 2.9 مليار دولار.
وأظهر التقرير أن الإمارات لم تصدر سوى 1.3 مليار دولار، فيما لم تصدر البحرين أيّ أدوات دين خلال تلك الفترة.
وتوقع التقرير، أن يبقى إصدار أدوات الدين الخليجية قوياً على مدار العام الجاري، نظراً لاستمرار الدول في البحث عن وسائل منخفضة التكلفة، لتمويل عجز الموازنة.
وأشار التقرير إلى أن الأزمة مع قطر، أثرت بالفعل على ثقـة المستثمـرين وقـد تعرقل نشاط الإصدارات الإقليمية في المستقبل ولا سيما إذا تصاعدت حدة الخلافات أو طال أمدها.
العرب اللندنية