الرباط – كشفت بيانات الحكومة المغربية أمس أن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج إلى بلادهم ارتفعت خلال العام الماضي إلى أكثر من 62 مليار درهم (6.8 مليار دولار).
وتظهر تلك الأرقام حجم المساهمة الكبيرة في الاقتصاد المغربي، في وقت أعلنت فيه الرباط عن استراتيجية جديدة لزيادة الاستفادة من خبرات واستثمارات الجاليات المغربية في الخارج في تعزيز النشاط الاقتصادي في البلاد.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس المسؤولين في بلاده إلى القيام بجولات مكثفة في البلدان التي تضم أكبر عدد من أبناء الجالية المغربية، من أجل التدخل لحل مشاكلهم.
وأوضح الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجـرة عبدالكريم بن عتيق أن “ملك البلاد أعطى توجيهات لمسؤولين مغاربـة بالقيـام بجـولات مكثفة في البلـدان التي تضـم أكبر عـدد من أبناء الجـاليـة المغربية للتدخل لحل مشاكلهم”.
وفي هذه الأثناء، قال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) إن “الجالية المغربية تساهم مساهمة نوعية في دعم الاقتصاد الوطني”.
وأشار إلى النمو المتسارع في حجم تحويلاتها المالية خلال العقدين الأخيرين، حيث قفزت من نحو ملياري دولار في عام 1990 إلى نحو 6.8 مليار دولار في العام الماضي، لكنه قال إن “نسبة قليلة من التحويلات المالية توجه نحو الاستثمار”.
سعدالدين العثماني: ينبغي تشجيع المغتربين على توجيه استثماراتهم إلى المشاريع الإنتاجية في المغرب
وأوضح أن استثمارات الجالية المغربية في الخارج تتركز بشكل أساسي في قطاع العقار، الذي يستحوذ على أكثر من 41 بالمئة من مجموع التحويلات، بينما لا تتعدى الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية المنتجة نسبة 14 بالمئة.
واعتبر العثماني أن تلك الأرقام تتطلب من الحكومة تعبئة جهودها لتشجيع المغتربين المغاربة على الاستثمار في المشاريع الإنتاجية في بلادهم.
وأضاف أن عدد المغاربة المقيمين في الخارج تضاعف أكثر من مرتين ونصف خلال العشرين سنة الماضية ليصل إلى أكثر من 4.5 مليون مغترب حاليا، مقارنة بنحو 1.7 مليون شخص في عام 1998. وأشار إلى أن أعدادهم تعادل 13 بالمئة من سكان المغرب.
وأشار إلى أن هذه الجالية في مجملها جالية شابة، حيث لا يتجاوز عمر حوالي 70 بالمئة من أفرادها 45 سنة، بينهم 20 بالمئة ولدوا بالخارج، موضحا أن “نسبة كبيرة من الجيل الأول من المهاجرين بلغت سن التقاعد خاصة في أوروبا”.
وتابع يقول إن المغاربة بالخارج بتوزعون على أكثر من 100 دولة في القارات الخمس، لكن 80 بالمئة منهم يتمركزون بشكل قوي في أوروبا، ويتوزعون أساسا ما بين فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وألمانيا.
وأضاف أن الجاليات المغربية “تتميز بقدرتها الكبيرة على الاندماج في مجتمعات الإقامة ولديها توجه عام نحو الاستقرار الدائم”.
وأشار إلى أن 17 بالمئة من هذه الجالية تتمتع بمستوى تعليم جامعي، وأن ذلك يجعل المغرب يحتل المرتبة الثالثة عالميا بالنسبة لهجرة العقول، وفق بيانات البنك الدولي.
وذكر أن 44 بالمئة من الأجيال، التي ولدت ونشأت في بلدان الإقامة، لديها جنسية ثانية وأن هؤلاء لديهم تطلعات مختلفة عن الأجيال السابقة.
وأكد العثماني أن تلك البيانات “لا ينبغي أن تحجب عنا وجود فئات تعيش أوضاعا اجتماعية واقتصادية هشة خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة”.
41 بالمئة من التحويلات المالية التي ترسلها الجاليات المغربية في الخارج تذهب لقطاع العقار
وقال بن عتيق خلال المنتدى التشاوري الثاني لجمعيات المجتمع المدني لمغاربة العالم المنعقد في الرباط أمس، “إن توجيهات الملك محمد السادس تهدف إلى إطلاق سلسلة من الاجتماعات التشاورية مع ممثلي هيئات مغاربة الخارج، لبحث سبل ملاءمة آليات المواكبة الموجهة لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج مع انتظاراتهم وحاجياتهم”.
وأشار إلى أن “وزارته تنتظر خلاصات نقاشات الخبراء وممثلي مغاربة الخارج المشاركين في المنتدى من أجل ترجمتها إلى خطة عمل تشرع في تطبيقها ابتداء من سبتمبر المقبل”.
وأطلقت الحكومة الأسبوع الماضي مبادرة جديدة بالتعاون مع اتحاد المقاولات تهدف إلى استقطاب ما يصل إلى 300 ألف مقاول مغربي من المغتربين للمساهمة في برامج التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد.
وأعلنت الحكومة عن إطلاق تسمية “الجهة 13” على المغتربين تضاف إلى 12 جهة جغرافية تتكون منها البلاد، وذلك خلال الكشف عن النسخة الأولى من جسر الأعمال المغربي.
وقال بن عتيق حينها إن “المبادرة تتوج الشراكة بين الوزارة واتحاد مقاولات المغرب”، وهو أكبر تجمع للشركات في المغرب.
وتسعى الرباط من خلال استقطاب المقاولين لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي وتعزيز الاستثمارات في البلاد وتوفير فرص عمل لأكثر من مليون عاطل عن العمل.
وتشير التقديرات إلى وجود رؤوس أموال تصل إلى 100 مليار دولار لدى المغاربة في الخارج. وتستهدف الحكومة من المبادرة جذب تلك الأموال من خلال تعزيز ثقة المغتربين بمستقبل بلادهم.
العرب اللندنية