بدأ تنظيم داعش وقياداته باستخدام طائرات الهيلودأت، كما بدأت الاستعدادات الميدانية واللوجستية العسكرية من جميع الأطراف التي ستشارك في عملية قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى لتخليصه من براثن مقاتلي داعش ، فشرعت القوات الأمنية والعسكرية العراقية في التهيؤ لمحاصرة جميع أطراف قضاء تلعفر وتوجيه ضربات موجعة لمقرات التنظيم وقياداته باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات السمتية، وأحكم مقاتلو الحشد الشعبي طوقهم حول منطقتي (العياضة والمحلبية) التي تقع في أطراف قضاء تلعفر .
ولكن الملفت للنظر والجدير بالقراءة الميدانية هو الوجود الأمريكي العسكري الذي اتخذ شكلا واضحا يختلف عن أوجه المشاركة التي أبدتها القوات الأمريكية من خلال التحالف الدولي وهي البدء بانشاء وتأهيل القاعدة الأمريكية في قرية كهريز التابعة لناحية زمار والقريبة من قضاء تلعفر حيث ظهرت ملامح وصول الدفعات الاولى من الضباط والمستشارين والجنود التابعين للجيش الأمريكي لقرية كهريز حيث بلغ (45) عسكريا أمريكيا مع معداتهم وامكاناتهم التسليحية والعلمية والاستخباراتية ومعهم طائرات الشينوك التي لديها القدرة على حمل العديد من العربات والسيارات والمعدات العسكرية من مدرعات وهمر ومداغع ثقيلة واسلحة وأعتدة وأجهزة متطورة ، في سعي حثيث من الجيش الأمريكي للاستعداد والاشراف على معركة تلعفر المقبلة .
وفي المقابل فان عناصر داعش وقياداته تتابع وتراقب عن كثب هذه الاستعدادات المكثفة والقوات العسكرية الأمريكية والعراقية وعناصر الحشد الشعبي الذين بدأوا بالاحاطة بقضاء تلعفر فاستنفر داعش جميع امكاناته لتعزيز الجانب الدفاعي عن القضاء بحفر الخنادق ووضع المتاريس وتهيئة الانغماسيين وعجلاتهم واعداد القناصين وتوزيعهم على أسطح البنايات العالية داخل مركز قضاء تلعفر ومحيطه لمواجهة تقدم القوات المهاجمة .
وبغية تسليط الضوء بشكل فعال على جميع هذه الاجراءات والأهداف الاستراتيجية من انشاء القاعدة الأمريكية يمكن لنا ان نقرأها بالاتي :
1. اصدار الجيش الأمريكي بيانا يوضح فيه أن عددا من جنوده استهدفوا شمالي العراق في عمليات قتالية أدت الى مقتل جنديين وجرح خمسة آخرين ، وتبين أن الحادث وقع نتيجة استهداف مقاتلي داعش للوجود الأمريكي قرب قضاء تلعقر وتم رصد هذا التحرك واستهداف القوة الأمريكية بصواريخ كراد الموجهة وتمكنوا من اصابتهم .
2.تسعى القيادات العسكرية الأمريكية بالوجود في أطراف قضاء تلعفر لايجاد موطئ قدم مهم لها يساعدها على تنفيذ أهدافها الاستراتيجية بالسيطرة على الحدود العراقية -السورية حيث لا تبتعد هذه القاعدة العسكرية عن منطقة الحدود أكثر من (65) كما تسعى القيادات العسكرية الأمريكية الى احكام سيطرتها على حركة وفاعلية عناصر الحشد الشعبي وعدم السماح لهم بالتحرك وتنفيذ فعالياتهم الميدانية العسكرية .
3.منع ومتابعة حركة الضباط والمستشارين الايرانيين الذين يرافقون بعض تشكيلات الحشد الشعبي في المحور الغربي لمحافظة نينوى وعدم السماح للمليشيات المسلحة التي تقاتل داخل العمق السوري من الاقتراب من منطقة الحدود المشتركة بين العراق وسوريا واحداث تماس تسعى اليه مع عناصر الحشد الشعبي داخل الأراضي العراقية ،وهي رسائل واضحة المعالم والدلائل كانت آخرها القصف المدفعي الأمريكي الذي نفذته المدفعية الأمريكية الذكية على مليشيات كتيبة الحمزة سيد الشهداء وأدت الى مقتل (69) مقاتلا وجرح (87)لدى محاولتها التقرب من منطقة الحدود المشتركة .
4.وضع الخطط العسكرية والاشراف الميداني على سير معركة تلعفر وتقديم الدعم اللوجستي للقطعات العراقية في أثناء تقدمها واقتحامها لقضاء تلعفر ودعم حركتها واسنادها في مواجهتها لعناصرداعش وتوجيه العديد من الضربات الجوية من قبل طائرات التحالف لانجاح عملية التقدم العسكري وتقليل الخسائر في القوات المهاجمة .
5.تعزيز الجانب الاستخباراتي لحركة القطعات العسكرية ورفدها بالمعلومات الأمنية عن وجود عناصر داعش ومقراتها داخل قضاء تلعفر ومخازن أسلحته ومعداته وتحديد المقاتلين الانغماسيين وعجلاتهم بغية استهدافهم والحد من خطورتهم وامكانية مواجهتهم للتقدم العسكري .
6.تحجيم مقاتلي وقيادات الحشد الشعبي في سعيهم للمشاركة في دخول مركز قضاء تلعفر وتحديد هذه المهام بالتنسيق مع القيادات العسكرية في بغداد والاكتفاء بوجود الحشد الشعبي في أطراف القضاء ومعالجة الأهداف العسكرية في منطقتي (العياضية والمحلبية ) .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية