نيويورك – اتسعت الهوة الكبيرة بين مدراء الشركات ونقابات الأعمال الأميركية وبين الرئيس دونالد ترامب بعد أن كان معظمهم من المرحبين بوصوله إلى البيت الأبيض.
وكانت موجة التفاؤل التي اجتاحت أصحاب العمل قد بلغت في يونيو الماضي أعلى مستوى لها منذ 3 سنوات، مدفوعة بالأمل في أن ينجح الرئيس في تطبيق جدول أعماله المحفز للنمو والذي يشمل اقتطاعات ضريبية.
لكن ترامب فقد اليوم دعم العديد من المدراء التنفيذيين الذين غادروا المجلس الاستشاري لشؤون التصنيع بسبب ردة فعله على أحداث شارلوتسفيل عندما قام شاب من المنادين بتفوق العرق الأبيض بدهس مجموعة من المشاركين في تظاهرة مضادة في فرجينيا ما أدى إلى مقتل امرأة، في دليل على استياء الشركات الكبيرة من الرئيس الملياردير.
ريتشارد ترومكا: لا يمكننا أن نشارك في مجلس مع رئيس يتساهل مع التعصب والإرهاب الداخلي
وفي نكسة جديدة للرئيس الجمهوري، أعلن رئيس “الاتحاد الأميركي للعمل – رابطة المنظمات الصناعية”، أكبر نقابة عمالية في الولايات المتحدة، استقالته من عضوية مجلس مهمته تقديم المشورة للرئيس بشأن الاقتصاد.
وانضم ريتشارد ترومكا بذلك إلى مدراء تنفيذيين آخرين، من بينهم رؤساء شركات ميرك للصيدلة واندر آرمور وانتل، إضافة إلى تحالف التصنيع الأميركي.
وقال ترومكا في بيان “لا يمكننا أن نشارك في مجلس مع رئيس يتساهل مع التعصب والإرهاب الداخلي… علينا أن نستقيل باسم عمال أميركا الذين يرفضون أي شكل من أشكال إسباغ الشرعية على هذه الجماعات العنصرية”. ولم يتأخر ترامب المعروف بميله الى الجدل في الرد. وغرد على تويتر “لكل مدير تنفيذي يغادر مجلس التصنيع، لدي كثيرون يأخذون مكانه”.
وقد انتشرت تكهنات بشأن قرب مغادرة مدراء آخرين. وقد تساءلت شبكة بلومبيرغ الإخبارية قائلة “مدير تنفيذي يغادر مجلس ترامب: من التالي؟”.
وقال الخبير الاقتصادي جويل ناروف إنه يعتقد أن آخرين يرغبون في الاحتجاج لكنهم “في مأزق”.
وأضاف “من ناحية، تتطلب منهم وظيفتهم تحقيق أكبر عائدات للمساهمين. ومن ناحية أخرى لا يمكنهم تجاهل الآثار الاجتماعية للخطوات التي تقوم بها شركاتهم”.
وكانت معظم المؤشرات من كبرى الشركات إيجابية في الأيام الأولى لرئاسة ترامب التي بدأت في 20 يناير الماضي. لكن برزت أولى مؤشرات الاستياء منذ الأيام الأولى حين انتقد رئيس شركة بل تيم كوك وسواه إجراءات منع السفر التي أمر بها ترامب.
وخاض عملاق العقارات في مانهاتن المعركة الانتخابية صديقا لقطاع الأعمال متعهدا بخفض الضرائب وإلغاء قرارات واتخاذ خطوات أخرى لتعزيز النمو في أكبر اقتصاد في العالم.
وفي يونيو، استقال رئيس مجموعة “تيسلا” لصناعة السيارات إيلون ماسك ورئيس مجلس إدارة “ديزني” بوب إيغر من المجلس الاستشاري للبيت الأبيض بعد إعلان ترامب قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
لورنس سامرز: ترامب يشيطن المجموعات العرقية ويتنصل من الاتفاقات ويقدم وعودا طنانة
ومع ذلك، ارتفع “مؤشر التوقعات الاقتصادية” الصادر في يونيو عن المدراء التنفيذيين لمجموعة “بيزنس راوند تيبل” والذي يقيس خطط إنفاق وتوظيفات الشركات في الأشهر الست المقبلة ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عام 2014.
وقال رئيس “بيزنس راوند تيبل” جوشوا بولتن للصحافيين “أعرف أن غالبية المدراء التنفيذيين يعتقدون أن تطبيق إصلاحات ضريبية إيجابية فعلا، لا يزال أكثر من ممكن”.
وبالطبع، واجهت خطط ترامب المتعلقة بالشركات عراقيل أخرى في الأشهر الستة الأولى من ولايته، ولا يعرف ما إذا كان تراجع شعبيته بين رؤساء الشركات الرائدة، سيعيق تقدمه.
لكن المدراء التنفيذيين يواجهون بالتأكيد خيارا صعبا بالنسبة إلى البقاء في معسكر رئيس تتراجع نسبة التأييد له، لكنه يتمتع بدعم غالبية الناخبين الجمهوريين والخطط الضريبية التي يؤيدونها.
وكتب وزير سابق للخزانة من الديمقراطيين لورنس سامرز في مقال في واشنطن بوسط “بعد عطلة نهاية الأسبوع هذه، لا أدري ما هي الأسباب التي ستدفع المدراء التنفيذيين هؤلاء للاستقالة”.
وأضاف “شيطنة مجموعات عرقية؟ حصلت. إلغاء اتفاقيات دولية تدعم مصالح الشركات؟ حصل. المنفعة الشخصية من الرئاسة؟ حصلت أيضا. الإخفاق في تنفيذ وعود طنانة؟ حصل هذا أيضا”.
ويبدي النشطاء من الجانبين اندفاعا إزاء المسألة. فمجموعة “غراب يور واليت” المناوئة لترامب والتي تقاطع الشركات التي تبيع منتجاته، تحث متابعيها على تويتر باستمرار على مراسلة الشركات التي لا يزال مدراؤها أعضاء في مجالس البيت الأبيض. وفي جانب المحافظين، هاجمت مجموعات مثل “ناشونال سنتر فور بابليك بوليسي” المدراء لانتقادهم ترامب.
والعام الماضي، تمت مقاطعة شركة بيبسي لفترة وجيزة بعد أن أعربت مديرتها التنفيذية أندرا نويي علنـا عن أسفها لنتيجة الانتخابات بعـد إعلان فوز ترامب بالرئاسة في نوفمبر الماضي. وبعد فترة قصيرة انضمت إلى مجلس استشاري في البيت الأبيض.
وأدانت نويي ومدراء كبار آخرون بينهم رئيس مصرف “جي بي مورغن” هذا الأسبوع العنصرية في شارلوتسفيل، لكنهم لم يلمحوا إلى خطط لمغادرة مجالس استشارية في البيت الأبيض.
العرب اللندنية