تعز ـ «القدس العربي» من خالد الحمادي: ذكر مصدر مقرب من حركة أنصار الله «جماعة الحوثي»، أن قيادة الجماعة تشعر بالقلق البالغ جراء التحشيد الكبير وغير المسبوق، الذي يقوم به حزب المؤتمر الشعبي العام، جناح الرئيس السابق علي صالح، إلى العاصمة صنعاء في 24 الشهر الجاري، بمناسبة الذكرى 35 لتأسيس الحزب، خشية استخدام هذه القوات للسيطرة على العاصمة، كما سيطر عليها الحوثيون في 21 أيلول/ سبتمبر 2014.
وقال لـ«القدس العربي»: «إن التوتر الشديد والتراشق الإعلامي المتنامي بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر، ليس بسبب تنظيم المسيرة التي سيقوم بها حزب صالح، بقدر ما هي المخاوف والقلق البالغ من تحويل هذه الحشود الى قوات للسيطرة على العاصمة صنعاء، خاصة وأن حزب صالح استعان بقوات الحرس الجمهوري الموالية لصالح، بذريعة حماية هذه المسيرة الحزبية».
وكشف أن هذا أكبر تصعيد للخلاف بين الحليفين الانقلابيين (الحوثي/ صالح) منذ تشكيل تحالفهم العسكري والشعبي في 2014، واللذين يخوضان مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية وقوات التحالف العربي بقيادة العربية السعودية منذ 26 شباط (فبراير) 2015.
وكان المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام، رد يوم أمس على خطاب علي صالح، الذي أبدى فيه استعداد حزبه لفك التحالف مع جماعة الحوثي قائلا إن تصريحات صالح «تشويه بحق أنصار الله (الحوثيين) وهي نتاج توجيهات مباشرة تصل من غرف عمليات العدوان (التحالف العربي الذي تقوده السعودية)، يندرج ضمن توزيع الأدوار فقط».
وأضاف «وهذا وحده كافٍ للدلالة على أن وقوفك (في إشارة لصالح) ضد الشراكة خيار وقرار، وليس نتاج إشكالية قانونية أو دستورية». وأكد عبد السلام أن «حزب المؤتمر قضى على مفهوم الدولة، وحوّلها إلى ممتلكات حزبية»، مهددا بفتح ملفات الفساد لصالح وقيادات حزبه.
وأرجعت العديد من المصادر السياسية أسباب المبالغة الحوثية في مواجهة التحشيد الشعبي الذي يقوم به حزب صالح من خلال هذه المسيرة، إلى شعور الحوثيين بالتحوّل السياسي الكبير لحزب صالح مع اندلاع الأزمة الخليجية بين دول التحالف العربي، وبالذات بين قطر من جهة والسعودية والإمارات العربية من جهة أخرى، والتي تتهم صالح بتلقي دعم كبير من أبوظبي لتغطية نفقات هذا التحشيد الكبير وشراء ولاء مشايخ القبائل واستعادة قواته العسكرية عبر ضخ الأموال الكبيرة لقاداته العسكريين الذين استمالت جماعة الحوثي الكثير منهم إلى صفوفها خلال الفترة الماضية.
وقالت لـ«القدس العربي»: «إن الحوثيين شعروا أن العد التنازلي لانتهاء الحرب بدأ بالاقتراب، وأن علي صالح أضحى يرتب أوراقه منفردا مع دول التحالف، وخاصة مع دولة الإمارات العربية، للحصول على نصيب وافر من كعكة السلطة المقبلة التي ستفرزها تفاهمات الأطراف المتصارعة لسلطة ما بعد الحرب، والتي قد تهمّش جماعة الحوثي وحشرها في زاوية ضيقة تصنّف فيها كجماعة مليشياوية يتكالب الجميع لمواجهتها».
وذكرت أن الاستخبارات العسكرية لجماعة الحوثي نشطت مؤخرا وركزت جهودها على مراقبة تحركات القوات العسكرية الموالية لصالح ولأعضاء حزبه، الذين أصبحوا تحت مجاهر مخبري الحوثيين، وتم تتويج هذا النشاط الحوثي الاستخباري بإعلان تعيين القائد العسكري البارز لجماعة الحوثي عبد الله يحيى الحاكم المشهور بلقبه (أبوعلي الحاكم) رئيسا لجهاز الاستخبارات العسكرية في صنعاء الواقع تحت سيطرتهم في صنعاء، والذي يطلق عليه رجل (المهمات الصعبة) في كافة التحركات العسكرية الحوثية.
ويعيش الحليفان الانقلابيان (الحوثي وصالح) حالة من الاستنفار القصوى في السباق على الزمن لكسب ولاء مشايخ القبائل المحيطة بصنعاء والتي يطلق عليها قبائل الحزام الأمني للعاصمة، والتي غالبا ما يكون لها القول الفصل في السيطرة على العاصمة لمن يكسب ولاءها ودعمها.
وفي الوقت الذي تداعت فيه جميع هذه القبائل لحضور مسيرة حزب المؤتمر الذي يرأسه صالح في العاصمة صنعاء يوم الخميس المقبل، رغم أن الوقت لا يزال مبكرا لذلك، قامت جماعة الحوثي بتحركات مضادة لذلك التحرك المؤتمري في أوساط هذه القبائل، وهو ما خلق هذا التوتر الشديد يتصاعد بشكل غير مسبوق بين الطرفين.
وذكرت مصادر قبلية أن جماعة الحوثي دعت أنصارها للاحتشاد المضاد على مداخل العاصمة صنعاء بعد غد الخميس، وهو اليوم الذي ستنظم فيه فعالية حزب المؤتمر، وهو ما قد يكون مؤشرا قويا على (اختبار التحشيد) لدى الطرفين، والاستعداد الحوثي لأي طارئ أو محاولة من قبل قوات صالح للسيطرة على العاصمة صنعاء.
وترددت أنباء أمس عن مقتل القيادي في حزب المؤتمر صالح لطف شيبان، على يد مسلحي جماعة الحوثي في المدخل الغربي للعاصمة صنعاء، بعد منع المسلحين الحوثيين له من دخول العاصمة صنعاء للمشاركة في مسيرة حزب المؤتمر.
القدس العربي