لندن – أصدرت منظمة متخصصة في الاقتصاد السوري تقريرا يضع خارطة تفصيلية لواقع القطاع الزراعي السوري والتحديات الكبيرة التي يواجهها بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من 6 سنوات.
ودعا التقرير الصادر عن مجموعة عمل اقتصاد سوريا إلى إنشاء بنوك للجينات والبذور والعمل على سبل تطويرها للحفاظ عليها عبر استخدام أحدث الأساليب العلمية.
وأكد أسامة قاضي رئيس المجموعة على ضرورة التركيز على حفظ وتطوير البذور والاستعانة بالمنجزات العلمية التي أنجزتها الدول المتقدمة والمجاورة مثل فرنسا وألمانيا وتركيا. وأشار إلى تجربة الأردن الذي أصبح يصدّر البذور إلى أكثر من 50 دولة.
وذكر التقرير أن الجينات الوراثية النباتية مورد استراتيجي ومحور أساسي لاستدامة إنتاج المحاصيل. وأكد أن صيانتها واستخدامها بشكل فعال أمر ضروري لضمان الأمن الغذائي في الحاضر والمستقبل.
وقال قاضي إن مواجهة هذا التحدي تتطلب تطوير المحاصيل المحسّنة والأصناف المتأقلمة للظروف الزراعية والنظم الإيكولوجية خاصة في سوريا.
وأضاف أن فقدان التنوع الوراثي يقلل من خيارات الإدارة المستدامة للزراعة المرنة ويزيد من صعوبة مواجهة البيئة غير المواتية والظروف المناخية المتقلّبة. وأكد أن بنوك الجينات التي تدار بشكل جيد تعزز الحفاظ على التنوع الجيني وإتاحته للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية.
عبد العزيز ديوب: قلة إنتاج البذور الهجينة في البلدان النامية تفرض استيرادها بأسعار باهظة
ويرى التقرير أن الموارد الزراعية المهددة بفعل تغير تناقص الأراضي والموارد المائية وفقدان التنوع الوراثي النباتي للأغذية والزراعة تقلل بدرجة كبيرة الخيارات المتاحة للتكيّف مع هذه التغيرات المناخية وفرص ضمان الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والسلام العالمي.
وأكد أن الحاجة إلى صيانة التنوع الوراثي النباتي في العالم أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لأنها الأساس الذي يقوم عليه الأمن الغذائي في عالم يواجه العديد من التحديات.
وقال الخبير الزراعي عبدالعزيز ديوب، الذي أعد التقرير، إن بنوك الجينات تلعب دورا رئيسيا في صيانة التنوع الوراثي النباتي لتحسين المحاصيل للغذاء وتحقيق الأمن الغذائي.
وأضاف أنها يمكن أن تساعد في ربط الماضي بالحاضر والمستقبل من خلال ضمان استمرار توافر الموارد الوراثية وتحسين نوعية البذور لإقامة نظام زراعي مستدام ومرن.
وأوضح أن الإدارة الفعالة لبنوك الجينات من خلال تطبيق أحدث المعايير العالمية تمثل حجر الزاوية لحفظها خارج الموقع الطبيعي داخل المختبرات من خلال التبريد الشديد للحفاظ على الصفات الوراثية وفق المعرفة التكنولوجية والعلمية المتاحة حاليا.
وتعد المؤسسة السورية لإكثار البذار إحدى أهم المؤسسات الزراعية ذات الطابع الاقتصادي في سوريا، والتي أنشئت لخدمة المزارعين وتأمين مستلزمات البذور المحسّنة بأسعار تشجيعية.
وأشار التقرير إلى التدهور الكبير في الإنتاج الزراعي خلال سنوات الحرب وأكد أن بوادره تمتد لنحو ثلاثة عقود. مشيرا إلى أن إنتاج القمح لم يتجاوز 1.3 مليون طن في الموسم الماضي مقارنة بنحو 4 ملايين في عام 1990.
وقال ديوب إن علاقة سوريا بالمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) تعود إلى أكثر من 30 عاما، وينبغي البناء عليها وتطويرها. وذكر أن المركز كان يخزّن البذور في بنك الجينات في حلب، لكن الحرب عرقلت استمرار عمله.
أسامة قاضي: ضرورة تطوير المحاصيل المحسنة والمتأقلمة مع النظم الإيكولوجية في سوريا
وأضاف التقرير أن المؤسسة العامة لإكثار البذار التي تأسست في بداية السبعينات، فشلت في القيام بمهامها، بدليل أن سوريا تستورد نحو 20 ألف طن من بذار البطاطا المحسنة لتوزيعها على المزارعين.
وأشار إلى أن المؤسسة عاجزة عن توزيع بذور القمح على المزارعين الذين أصبحوا يعتمدون على أنفسهم في إكثار البذور وبكميات متواضعة نظرا لعدم قدرتهم من تحسينها.
ودعا ديوب إلى اعتماد أساليب التنمية الزراعية المستدامة من خلال تشجيع إنتاج البذور المحسّنة من خلال جمعها وحفظها واستخدامها في عمليات التهجين الوراثي للاستغناء عن استيرادها كما. وأكّد ضرورة تأسيس شركات لإنتاج البذور المحسنة بدل الاعتماد على المؤسسة العامة لإكثار البذار.
وأوصى التقرير بتأسيس بنك جيني متطور وبرنامج للموارد الوراثية النباتية للأغذية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (فاو) والاتحاد العالمي لفحص البذور والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، التي كانت قد أسست مختبرات زراعية في حلب عام 2000.
وقال ديوب إن مواكبة النمو السكاني تتطلب إنتاج المزيد من الغذاء واتخاذ إجراءات زراعية جادة في صناعة البذور المحسنة وراثيا من خلال عمليات تهجين بين نباتين مختلفين للحصول على نباتات تتمتع بصفات أفضل من الأبوين.
وأضاف أن قلة إنتاج البذور الهجينة في البلدان النامية أصبحت تفرض استيرادها بأسعار باهظة جدا، ما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أسعار المحاصيل رغم زيادة الإنتاج.
العرب اللندنية