ذكرت صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية في تقرير خاص بها أن مصادر حكومية رفيعة أعلمتها أن لندن تشك في دور ممكن لإيران في تقديم المساعدة لكوريا الشمالية مما أدى إلى تقدّم سريع في تكنولوجيا تركيب رؤوس نووية لصواريخ باليستية.
وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون لمح الأسبوع الماضي إلى دور لعبته دول نووية حاليا أو سابقا في القفز بقدرات بيونغيانغ التكنولوجية، وتؤكد الأخبار المنشورة أمس أن الدول المعنية هي إيران وروسيا، وأن كوريا الشمالية تلقّت، على الأغلب، دعما بالأجهزة والخبرات مما جعلها تقترب حثيثا من كونها أمة نووية.
هذه التصريحات كانت قد سبقتها تقارير عديدة عن تعاون بين طهران وبيونغيانغ في مجالات العلوم النووية والصاروخية، بعضها يؤكد أن علماء إيران التي كانت تتلقى الدعم من كوريا الشمالية في هذه الشؤون أضحوا أكثر تقدّما من نظرائهم الكوريين الشماليين وأن تبادل الخبرات والتكنولوجيا صار باتجاهين.
يتناظر هذا مع محاولة أمريكية اليوم الاثنين للحصول على قرار من مجلس الأمن بعقوبات مشددة تركز على منع تصدير النفط لبيونغيانغ وكذلك تجميد أرصدة لمسؤولين ومنع كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، من السفر، وهذه المحاولة ستؤدي، على الأغلب، إلى نقض هذا القرار من قبل الصين، التي تصدر 500 ألف طن من النفط سنويا لبيونغيانغ، وروسيا، التي ترفض مبدأ العقوبات هذه أيضاً (كونها تخضع هي نفسها لعقوبات أمريكية وأوروبية).
حصول ذلك سيدفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها نحو خيارات صعبة فأي هجوم نووي أو تقليدي على كوريا الشمالية محفوف بسيناريوهات كارثية، كما أن تقبّل وصول كوريا الشمالية إلى مرحلة تجهيز صواريخها العابرة للقارات برؤوس نووية سيدبّ الرعب في أنحاء العالم.
غير أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنظومة حلفائها في آسيا وأوقيانوسيا وأوروبا كانوا قد تعاملوا مع هذا الرعب الصاروخي ـ النووي سابقاً خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي السابق، وهذه السابقة يمكن، في ظل التغيّرات العاصفة التي يشهدها العالم، أن تتكرر مع كوريا الشمالية لأن البديل عن ذلك هو حرب مرعبة ستهز الاستقرار في منطقة شديدة التأثير على اقتصاد العالم وتوازناته العسكرية والسياسية.
وبالعودة إلى التعاون الكوري الشمالي ـ مع إيران، الجاري بالتأكيد تحت أنظار روسيا والصين، فإن سيناريو تقبّل وجود كوريا الشمالية مجهّزة بصواريخ نووية سيفتح الطريق لتحدّي الهيمنة الأمريكية على العالم، وسيمهد لإيران أيضاً للسير مجددا على طريق امتلاك القوة النووية.
وبذلك تصبح كوريا الشمالية، الدولة الضعيفة اقتصادياً، والمتطوّرة عسكريّاً، قد جهّزت، (سواء احتسبت لذلك أم لم تحتسب) لتغيّر تاريخي في معادلات القوّة العالمية للقرن الواحد والعشرين.
علينا، كي تكتسب هذه الاحتمالات مصداقية، أن ننتظر كيف ستجري الأمور في جلسة مجلس الأمن اليوم.
القدس العربي