القاهرة – تسابق الحكومة المصرية الزمن لإخلاء منطقة جديدة على الشريط الحدودي مع قطاع غ
زة، شمال شرق القاهرة، بطول 500 متر في إطار تمديد المنطقة العازلة برفح المصرية لتبلغ 1500 متر لممارسة المزيد من تضييق الخناق على الجماعات المسلحة في سيناء وتحجيم تحركاتها.
وقالت مصادر أمنية، لـ”العرب”، إن جرافات الجيش المعنية بتنفيذ قرارات إزالة المنازل والمزارع في نطاق المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة ستعمل بشكل متسارع للانتهاء من هذه المهمة خلال شهر نوفمبر المقبل على أقصى تقدير.
وأضافت أن المنطقة الثالثة المطلوب إخلاؤها حاليا تمثل المأوى الأكثر حيوية للتنظيمات المتشددة بسيناء، سواء بإخفاء العناصر الإرهابية نفسها داخلها أو استخدامها مخازن للأسلحة والمتفجرات التي تستخدم لتنفيذ العمليات النوعية ضد قوات الأمن.
وأعلنت السلطات المصرية، الجمعة، بدء عملية تمديد جديدة للمنطقة العازلة على الشريط الحدودي مع قطاع غزة لتبلغ 1500 متر، بعدما كانت كيلومترا واحدا.
وتعكس هذه الخطوة إدراك أجهزة الأمن أن تكثيف حماس الفلسطينية تعاونها لتأمين الحدود مع مصر وقيامها بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع مصر بعمق 200 متر في غزة لن يوقفا نهائيا التهديدات القادمة من ناحيتها، في ظل استمرار وجود عناصر جهادية داخل غزة بما يشكل خطورة على استقرار الوضع بسيناء.
وأعلن جهاز الأمن الداخلي في قطاع غزة أنه اعتقل، فجر السبت، عدة أشخاص بينهم أحد قادة تنظيم داعش في القطاع.
صحيح أن هذه الخطوة استثنائية من جانب حماس، لكنها تأتي في إطار سياسة “حسن النوايا” التي تريد الحركة إظهارها للجانب المصري وأنها ملتزمة بالتفاهمات الأمنية معها.
وتعمل الحكومة المصرية منذ أكتوبر عام 2014، إثر الهجوم الإرهابي الذي استهدف 30 جنديا بحاجز أمني في منطقة الشيخ زويد، على إنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة.
ويرى مراقبون أن شروع السلطات المصرية في توسيع المنطقة العازلة في رفح يعكس استمرار الهواجس حيال غزة، مهما حاولت حماس إظهار جديتها في تأمين الحدود.
خبراء عسكريون: تطهير المنطقة الحدودية مع غزة أكبر رسالة إلى حماس تفيد بأن القاهرة قدمت الخطوة الأولى بتوسيع المنطقة العازلة، وتنتظر منها (أي من حماس) الخطوة الثانية بضبط التكفيريين الموجودين لديها بالقطاع
وهذه الخطوة إشارة غير مباشرة من جانب الحكومة المصرية بأن قطاع غزة أصبح المعبر الرئيسي الذي ينطلق منه الإرهاب نحو سيناء، خاصة في الفترة التي تتزامن مع انتقال سلطة الأمن في غزة من حماس إلى حكومة الوفاق الفلسطينية وما يمكن أن يشوبها من عثرات حول آلية القيام بذلك وتوزيع الأدوار وإنجاح المصالحة الفلسطينية التي ترعاها مصر.
وفي كل مرة تعلن القاهرة تنفيذ مرحلة جديدة من المنطقة العازلة يتلقى البعض من سكان شمال سيناء ذلك بقلق في ظل ارتباطهم بالمكان، لكنهم يضطرون للقبول بما تقوم به الحكومة أمام محاولات إقناعهم بضرورة الحفاظ على الأمن القومي المصري.
وقال عبدالله جهامة، رئيس جمعية المجاهدين في سيناء، إن “سكان المنطقة مضطرون للتنازل المؤقت عن الأرض والمنازل نظير التطهير الأبدي لسيناء من العناصر الإرهابية، وهذا ما يحلمون به وأصبحوا يضحون بأغلى شيء وهو الأرض من أجل تحقيق هذا الهدف”.
ولم ينف جهامة، لـ”العرب”، وجود مخاوف عديدة لدى السكان من أن تكون للحكومة نية إبعادهم نهائيا.
وأوضح أن ثمة وعودا كبيرة تلقوها من قادة بالجيش تؤكد أن الإجراء مؤقت ويستهدف خنق وحصار المسلحين بسيناء.
ونفذت الحكومة الإزالة في المرحلتين السابقتين من المنطقة العازلة بطول 500 متر لكل مرحلة، مع تعويض السكان بتوفير منازل بديلة لهم في مدينة الشيخ زويد وسط سيناء.
ورأى خبراء عسكريون أن تطهير المنطقة الحدودية مع غزة بعمق أكبر رسالة إلى حماس تفيد بأن القاهرة قدمت الخطوة الأولى بتوسيع المنطقة العازلة، وتنتظر منها (أي من حماس) الخطوة الثانية بضبط التكفيريين الموجودين لديها بالقطاع.
وفسر محمد مجاهد الزيات الخبير الاستراتيجي والعسكري، لـ”العرب”، تركيز الحكومة المصرية على تمديد مساحة المنطقة العازلة بأن هذه المنطقة تمثل نقطة انطلاق رئيسية لاستهداف العناصر الأمنية في سيناء لقربها من الأنفاق وانتشار الزراعات بما يسمح لهم بالتخفي واعتبار المنطقة سكانية ما يوفر لهم الانضمام إلى الأهالي.
وأشار الزيات، وهو أحد الخبراء الذي استندت إليهم الحكومة لدراسة مدى التوسع في المنطقة العازلة، إلى أن المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة تستهدف أولا القضاء على أماكن اختباء العناصر الإرهابية والقضاء على الأنفاق بشكل نهائي لأنها تمتد إلى مسافة أكبر داخل رفح المصرية وبالتالي زيادة مساحة المنطقة العازلة تكشف كل الأنفاق والمخابئ ما يسهل تدميرها.
ولفت إلى أن “لجنة الخبراء العسكريين اقترحت أن تكون المنطقة العازلة بعمق 3 آلاف متر داخل رفح، لكن الجيش تحفظ على ذلك حتى لا يمارس المزيد من الضغوط على السكان وتم الاكتفاء بـ 1500 متر” منوها إلى أن هذه المساحة كافية لوقف التهريب من وإلى غزة وتضييق الخناق على الإرهابيين ومنعهم من حرية التحرك.
وعلمت “العرب” أن هناك خطة حكومية مستقبلية للتعامل مع المنطقة العازلة بعد تطهيرها، بأن تقوم بإنشاء تجمعات سكنية على الطراز البدوي للسكان الذين جرى ترحيلهم منها كتعويض لهم على تجاوبهم مع متطلبات الحفاظ على الأمن القومي.
العرب اللندنية