مجلس النواب الأمريكي يصوت خلال أيام على عقوبات ضد إيران.. والحرس الثوري يستعرض عضلاته

مجلس النواب الأمريكي يصوت خلال أيام على عقوبات ضد إيران.. والحرس الثوري يستعرض عضلاته

قال قياديون جمهوريون بمجلس النواب الأمريكي إن المجلس سيصوت خلال أيام على فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من طهران وذلك في مسعى لاتخاذ نهج صارم ضد الحكومة الإيرانية دون الحاجة لتقويض الاتفاق النووي الدولي على الفور.

وقال كيفن مكارثي زعيم الأغلبية والنائب إد رويس رئيس لجنة العلاقات الخارجية، في بيان مشترك، “مسؤولية الكونغرس العمل مع الجهة التنفيذية لرسم إستراتيجية واضحة لوقف السلوك الإيراني المتهور”.

وقال النائبان “التحرك الفوري باتجاه هذا الهدف سيأتي من المجلس الأسبوع المقبل حيث سنصوت على تشريع يزيد العقوبات على حزب الله وانتشار الصواريخ الإيرانية”.

وتحدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كلا من الحلفاء والخصوم في 13 أكتوبر/ تشرين الأول برفض التصديق على التزام طهران بالاتفاق النووي الدولي وهدد بأنه قد يلغي الاتفاق في نهاية المطاف.

استعراض عضلات

بعد أسبوع من إلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابا ناريا بشأن الحرس الثوري الإيراني، لم تبد أكبر قوة عسكرية واقتصادية في الجمهورية الإسلامية أي نية للحد من أنشطتها بالشرق الأوسط.

وقال قائد كبير بالحرس الثوري بعد تصريحات ترامب إن الرئيس الأمريكي “يتصرف بجنون” وإنه يتبع إستراتجية إثارة “شبح الحرب في المنطقة”.

وحققت فصائل شيعية موالية لإيران مكاسب عسكرية كبيرة في سوريا والعراق خلال الشهور الأخيرة امتدت من شمال العراق إلى سلسلة مدن صغيرة واستعادت هذا الأسبوع بعد خطاب ترامب مدينة كركوك العراقية الغنية بالنفط.

وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد “من الواضح أن ترامب زاد قوة وعدائية الحرس الثوري الإيراني على الأمد القصير”.

وتابع موضحا “لا يمكن للحرس الثوري الإيراني أن ينسحب من حرب شوارع. التقدير الذي يحظى به محليا وإقليميا يستند إلى أنه يخوض معاركه ببراعة ولا ينسحب”.

وبعد يوم من خطاب ترامب، سافر قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الميجر جنرال قاسم سليماني إلى منطقة كردستان العراق حيث أجرى محادثات بشأن الأزمة المتصاعدة بين السلطات الكردية والحكومة العراقية بعد استفتاء الأكراد على الاستقلال.

وقالت آلاء الطالباني قريبة الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني في تصريح لتلفزيون الحدث إن سليماني التقى بأفراد من عائلتها يوم السبت.

وأوضحت أنه جاء للعزاء في الطالباني الرئيس السابق للعراق ومؤسس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي توفي هذا الشهر.

وقال مسؤولون عراقيون وأكراد آخرون إن سليماني عقد اجتماعات مع زعماء أكراد لإقناعهم بالانسحاب من كركوك قبل دخول الجيش العراقي المدينة.

وقالت آلاء إنها لا تنكر أن سليماني خلال زيارته نصح بالتوصل إلى حل لمشكلة كركوك. وأضافت أنه ذكر أنه يجب العودة إلى القانون والدستور العراقيين والتوصل إلى اتفاق بشأن كركوك والتخلي عن العناد فيما يتعلق بالاستفتاء على الاستقلال.

هجوم خاطف

في غضون أيام شنت فصائل شيعية من بغداد تدعمها طهران هجوما خاطفا وأجبرت المقاتلين الأكراد على الانسحاب من المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك مما يعزز وضع إيران في العراق.

واتهم قادة قوات البيشمركة الكردية إيران بتنسيق تقدم قوات الحكومة المركزية العراقية في مناطق تحت سيطرة البيشمركة وهو اتهام نفاه مسؤولون إيرانيون. ونشرت قناة رووداو الكردية مقطع فيديو على الإنترنت أظهر مسلحا شيعيا مواليا لإيران يعلق صورة للزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي في مقر محافظة كركوك. ولدى إيران التي تعيش بها أقلية كردية كبيرة العدد دواع للقلق بشأن مساعي أكراد العراق للاستقلال. فهي تخشى أن يشجع الاستقلال أكراد إيران الذين سعوا أيضا للانفصال.

وبعد الاستفتاء على الاستقلال في 25 سبتمبر/ أيلول أظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت مئات يحتفلون في الشوارع بالمناطق التي يغلب على سكانها الأكراد في إيران

لاعب على الخط الأمامي

يقول محللون بالمنطقة إن ظهور إيران في العراق وسوريا وكردستان ولبنان حيث تمارس نفوذا من خلال حليفتها جماعة حزب الله الشيعية يعني أن طهران أصبحت لاعبا على الخط الأمامي في المنطقة وهو أمر لا يمكن أن تتجاهله واشنطن.

وقال خامنئي “يجب ألا تلهينا حماقة ترامب عن خداع أمريكا… إذا قطعت الولايات المتحدة الاتفاق فنحن سنمزقه…الأمريكيون غاضبون لأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمكنت من إحباط مخططاتهم في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة”.

وبعد خطاب ترامب قال أمير علي حاجي زادة قائد القوات الجوفضائية بالحرس الثوري “منذ بداية الثورة الإسلامية… (الرؤساء) زادوا من شبح الحرب في المنطقة… إخوتي وأخواتي الأعزاء.. اليوم ترامب يتصرف بجنون للحصول على تنازلات بتلك الطريقة”.

وقد يضع تصاعد التوتر الدولتين على مسار تصادمي في الخليج حيث تم تجنب الاشتباكات بالكاد في الأشهر القليلة الماضية.

وانحرفت قوارب صغيرة من القوات البحرية التابعة للحرس الثوري لتمر قرب قطع بحرية أمريكية في الخليج مرتين على الأقل هذا العام مما دفع الجيش الأمريكي لإطلاق أعيرة تحذيرية وطلقات مضيئة.

وفي أغسطس/ آب قال مسؤول أمريكي إن طائرة إيرانية غير مسلحة بدون طيار اقتربت إلى أن وصلت إلى مسافة 31 مترا من طائرة تابعة للبحرية الأمريكية مما هدد بوقوع حادث تصادم.

ووقعت بعض المواجهات البحرية في الآونة الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة قرب مضيق هرمز الذي يمر عبره ما يصل إلى 30 في المئة من صادرات النفط العالمية سنويا.

وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية في سبتمبر/ أيلول الماضي تعهد ترامب بأن أي سفينة إيرانية تتعرض للبحرية الأمريكية في الخليج “ستدمر”.

منطقة اضطرابات محتملة

يمكن للحرس الثوري الإيراني أن يستهدف القوات الأمريكية في العراق وسوريا من خلال عشرات الآلاف من المسلحين الشيعة الموالين له دون أن يعترف بشكل مباشر بلعب دور في الهجمات.

وقال علي ألفونه وهو كبير باحثين في المجلس الأطلسي والذي أجرى أبحاثا كثيرة عن الحرس الثوري “يمكن للحرس الثوري أن يدعي الجهل بهجمات للفصائل الشيعية على الجيش الأمريكي”.

وفي أوائل أكتوبر/ تشرين الأول قال الجيش الأمريكي إن جنديا أمريكيا قتل في العراق في انفجار عبوة ناسفة خارقة وهي نوع من القنابل التي تزرع على الطريق وعادة ما يستخدمها المسلحون الشيعة الموالون لإيران في العراق.

وقال الكولونيل ريان ديلون المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “تلك هي المرة الأولى التي نشهد استخدامها في هذه المنطقة” وأضاف أن الجيش الأمريكي لم يتمكن بعد من تحديد الجهة التي نفذت الهجوم.

ويقول الجيش الأمريكي إن عشرات من جنوده في العراق قتلوا أو أصيبوا بذات العبوات التي تستخدمها جماعات مسلحة مرتبطة بإيران وذلك منذ غزو العراق في 2003.

وقال ديلون لدى سؤاله عن التهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة الشيعية الموالية لإيران في العراق وسوريا خاصة بعد خطاب ترامب “نقيم على الدوام الأخطار بغض النظر عن مصدرها. وخلال إعلانات بعينها أو تواريخ محددة أو عندما تقع أحداث معينة نقوم بالتعديلات المناسبة”.

ويقول مراقبون إن خطة ترامب الجديدة ستضعف أيضا مجموعة حققت تقدما في كبح الطموحات السياسية والاقتصادية للحرس الثوري في السنوات الماضية تتكون من الرئيس الإيراني حسن روحاني والساسة البراجماتيين في حكومته.

ومنذ أن أصبح رئيسا في 2013 تصدى روحاني وأعضاء من مجلس وزرائه مرارا للنفوذ الاقتصادي للحرس الثوري وتدخله في الشؤون السياسية.

وقال مراقبون بالمنطقة إن المساعي التي قادها روحاني للتصدي للحرس الثوري ضعفت في الوقت الراهن بسبب نهج ترامب المتشدد حيال طهران. وقال ناصر هاديان جازي وهو أستاذ علوم سياسية في جامعة طهران “أدى ذلك إلى أن حتى من كانوا منتقدين يدافعون الآن عن الحرس الثوري”.

“القدس العربي”- (وكالات)