صنعاء – قطعت تصريحات ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمّد بن سلمان، الشكّ باليقين بشأن عزم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن على مواصلة الحرب هناك حتّى تحقّق جميع الأهداف التي أعلنت لأجلها باستعادة الشرعية في البلد وضرب المشروع الإيراني للسيطرة عليه وتأمين الممر البحري الحيوي الواقع ضمن مجاله، مسقطا بذلك آمال المتمرّدين الحوثيين في حلّ سياسي يحفظ لهم مغانمهم العسكرية ومكاسبهم الميدانية، ويبقي عليهم طرفا في المعادلة السياسية مع الاحتفاظ بترسانتهم الحربية.
وقال محلّلون سياسيون إن كلام الأمير محمّد لا يعتبر بأي حال مضادّا للسلام الذي هو الهدف الأخير من إعلان التحالف حربه على المتمرّدين الحوثيين في ربيع سنة 2015، ولكنه يخدم سلاما عادلا وشاملا وراسخا لا يحمل بذور عودة الحرب بالإبقاء على سيف الميليشيات مسلّطا على رقاب اليمنيين.
وقال ولي العهد السعودي في تصريحات لوكالة رويترز إن التحالف العربي الذي تقوده بلاده في اليمن لن يسمح بإنشاء حزب الله إيراني جديد على حدود السعودية، وإن التحالف سيواصل الحرب لمنع ذلك.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي العميد حسن الشهري في تصريح لـ”العرب” إنّ “عاصفة الحزم” انطلقت لتحقيق جملة من الأهداف تتصل كلّها بالحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتشمل إعادة الشرعية اليمنية وتأمين الملاحة الدولية في بحر العرب وخليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر وبتر المشروع الإيراني في اليمن، وصولا إلى منع قيام أي ميليشيا مشابهة لحزب الله في شمال اليمن.
وشدّد الخبير الاستراتيجي على عزم السعودية وبلدان التحالف العربي على بلوغ الأهداف التي أطلقت لأجلها عاصفة الحزم في مارس 2015، وأنّ المملكة لن تسمح بقيام ميليشيات عسكرية على حدودها، مذكّرا باستعراض الحوثيين لميليشياتهم على حدود السعودية قبيل عاصفة الحزم وتهديدهم حينها للعمق السعودي.
العميد حسن الشهري: ساعة الحسم لن تتأخر كثيرا بعد الانقسام الحاد في معسكر الانقلاب
وقال إنّ تهريب السلاح الإيراني للميليشيات في اليمن ونقل تقنية إطالة أمد الصواريخ الباليستية وزيادة قدرتها التدميرية مازالا مستمرين، وبالتالي فالعمليات العسكرية مستمرة حتى يتم القضاء على الميليشيات الحوثية.
وتوقّع الشهري أن ساعة الحسم العسكري ضدّ ميليشيات الحوثي لن تتأخر كثيرا “خصوصا أن مسرح العمليات في المناطق التي تحت سيطرة الانقلابيين تنبئ بانفجار كبير بين شريكي الانقلاب”.
وتطرّق الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي إلى الدور القطري في ما يجري باليمن، مؤكّدا أن الدوحة كانت دائما جزءا من المشروع الإيراني هناك وأن دعمها السياسي للحوثيين كان قائما منذ العام 2004 وقد طوّرته إلى دعم بالمال والسلاح منذ العام 2009 الذي شهد اعتداء حوثيا على أراضي المملكة بمباركة من أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة.
وجاء كلام ولي العهد وزير الدفاع السعودي بشأن اليمن، بالتزامن مع حديث أوساط سياسية يمنية عن توجّه لدى التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية خلال المرحلة المقبلة نحو إجراء عملية تقييم شاملة للملف اليمني برمته بما يضمن تسريع حسمه واستدامة أي حل في مرحلة ما بعد إنهاء انقلاب الحوثي وعلي عبدالله صالح.
وتقول مصادر مطّلعة على الشأن اليمني أن طرد قطر من التحالف هو مقدّمة لعملية لاحقة تهدف لإعادة التوازن إلى معسكر الشرعية والحد من تغوّل بعض التيارات الراديكالية التي كانت تتهيأ للانقضاض على أي مكاسب يتم تحقيقها على الأرض مستفيدة من حالة الفوضى التي خلفتها الأيام الأولى للحرب في اليمن وكانت سببا في تعثر الحسم العسكري.
وعلّق المحلل السياسي اليمني فارس البيل على ما يجري باليمن قائلا إنّه في حال لم يتمّ التوصّل إلى حلّ سياسي جذري يحقّق كلّ الأهداف بما فيها استعادة الشرعية، وإعادة الحوثيين إلى موقعهم الطبيعي كحركة منزوعة السلاح تشارك في الحياة السياسية بشكل سلمي، فإنّ البديل الضروري سيكون خيار الحسم العسكري، أي أن يتجه التحالف العربي نحو هذا السيناريو بقوة واستغلال الرؤية الأميركية الحازمة تجاه إيران.
العرب اللندنية