الجمود السياسي يضع ملف توحيد الجيش الليبي بين التفاؤل والتشاؤم

الجمود السياسي يضع ملف توحيد الجيش الليبي بين التفاؤل والتشاؤم

تنطلق الاثنين في العاصمة المصرية القاهرة، أعمال الاجتماع الثالث لقادة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وآخرين من تشكيلات مختلفة،

برعاية رئيس اللجنة المصرية المكلفة بشؤون ليبيا.

وسيعكف المشاركون في اجتماع القاهرة على بحث هذا الملف المُعقد والشائك وفق آليات وتراتيب تُعيد للجيش الليبي الذي تأسس قبل نحو 77 عاما، دوره ومكانته في البلاد.

وقال العميد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، إن 20 من ضباط القوات المسلحة من كافة المناطق الليبية، منهم ضباط عن مدينة مصراتة، إلى جانب أمر المنطقة العسكرية الغربية العقيد إدريس مادي، وآخرين عن المنطقة الشرقية، سيُشاركون في هذا الاجتماع الثالث.

ولفت إلى أن الاجتماع “يأتي لاستكمال الاجتماعات السابقة حتى تبدأ اللجان الفنية عملها من الناحية المالية والقانونية لجمع شتات المؤسسة العسكرية وتوحيد الإدارات وإعداد الهيكل التنظيمي وتكوين مجلس أو هيئة عسكرية موحدة تضم كافة منتسبي القوات المسلحة بعيدا عن السياسة ومخرجاتها”.

وينظر المراقبون بتفاؤل حذر إلى هذا الاجتماع، بالنظر إلى توقيته الذي تزامن مع جمود الملف السياسي، وعودة خليفة الغويل رئيس ما يُسمى بحكومة الإنقاذ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته الموالي لجماعة الإخوان المسلمين، إلى إطلاق التصريحات النارية التي ساهمت في تعميق إرباك الوضع السياسي والعسكري.

وأعرب أبوبكر بعيرة عضو مجلس النواب (البرلمان) الليبي بطبرق، عن أمله في أن يتمكن هذا الاجتماع من تجاوز العقبات الكثيرة التي تحول دون توحيد الجيش الليبي. ولكنه استدرك قائلا لـ”العرب” إن هذا الأمل “لا يحجب حقيقة الصعوبات التي تُحيط بهذا الملف من كل جانب نتيجة الانقسام السياسي الذي أدخل البلاد في دوامة من الفوضى العارمة التي جعلت المواطن يعيش معاناة يومية على مختلف الأصعدة الحياتية”.

ووصف مهمة توحيد الجيش بأنها “صعبة للغاية” في ظل الظروف الحالية، لعدة اعتبارات محلية تشابكت مع أجندات إقليمية ودولية، مازالت فاعلة ومؤثرة، رغم الجهود المصرية المُرحب بها في هذا الاتجاه.

وكانت مصر التي استطاعت خلال الفترة الماضية انتزاع الملف الليبي من التجاذبات السياسية الأوروبية، قد بادرت بالدعوة على لسان رئيسها عبدالفتاح السيسي في شهر مايو الماضي إلى ضرورة العمل من اجل توحيد الجيش الليبي.

وبعد نحو أربعة أشهر من هذه الدعوة، أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية في بيان رسمي وزعه في شهر سبتمبر الماضي، عن تشكيل لجان فنية مصرية-ليبية مشتركة، لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، لضمان استقرار الدولة الليبية.

واستضافت العاصمة المصرية خلال الشهر الماضي عدة اجتماعات لعسكريين ليبيين من الغرب والشرق، في مسعى لتوحيد الجيش الليبي، وإبعاده عن الصراع السياسي، وإنهاء حالة الانقسام الراهنة، تم خلالها الاتفاق على مجموعة من المبادئ والثوابت الوطنية.

ومن أبرز تلك الثوابت، التمسك بوحدة ليبيا، وسيادتها، وأمنها، وسلامتها، والتأكيد على مهنية ووطنية المؤسسة العسكرية الليبية، وتعزيز قدراتها، وإبعادها عن مظاهر الصراعات الفكرية والعقائدية والتجاذبات السياسية.

ورحبت الأطراف الليبية حينئذ بالالتزام بتلك الثوابت، خاصة بعد الإعلان عن الأسس والمعايير والضوابط التي سيتم من خلالها توحيد الجيش الليبي، والتي تستند إلى الترتيبات الأمنية التي نصت عليها اتفاقية الصخيرات الموقعة في 17 ديسمبر 2015.

ووسط هذه الأجواء التي جعلت ملف توحيد الجيش الليبي يتأرجح بين التفاؤل حينا، والتشاؤم في أحيان كثيرة، عاد أبوبكر بعيرة للتأكيد على أن المناخ السياسي الراهن لا يُساعد على تحقيق هذا الهدف رغم إجماع مختلف الفرقاء على أهمية إخراج المؤسسة العسكرية من دائرة الصراع.

وأشار في هذا السياق إلى تصريحات خليفة الغويل بهذا الشأن، ووصفها بأنها “تشويش جديد” على الجهود الرامية لتوحيد الجيش، وعلى المشهد السياسي بشكل عام الذي يُعاني من تعثر مساراته السياسية.

وقال إن الغويل أراد بتلك التصريحات توجيه رسائل مفادها أنه موجود على الخارطة السياسية، رغم أنه يُدرك قبل غيره أن السياقات السياسية والعسكرية الراهنة قد تجاوزته منذ مدة.

وكان خليفة الغويل قد هاجم السبت الجيش الليبي بقيادة حفتر، الذي قال إنه “لا يستطيع دخول طرابلس لأنه لا يمتلك جيشا”.

العرب اللندنية