الجزائر- كشف وزير الطاقة المثير للجدل شكيب خليل عن نواياه السياسية في أداء دور مهم في المرحلة القادمة من عمر البلاد، وألمح إلى أنه رجل الإجماع داخل سرايا السلطة، لخلافة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في قصر المرادية. وهو الأمر الذي يوحي إلى توافق غير معلن بين دوائر السلطة على شخص شكيب خليل ليكون الرئيس المقبل للبلاد.
وقدم شكيب خليل في المنشور الذي بثه على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، نفسه على أنه رجل “الإنجازات، الشفافية والإجماع″، من خلال تعداد أبرز المحطات التي كرسها في قطاع المحروقات أثناء إشرافه على حقيبة الطاقة والمناجم، وهي المفردات التي تلمح إلى إعلان مبكر عن طموحات الرجل السياسية، خاصة وأن المسألة تزامنت مع انطلاق الحملة الدعائية لحملة الانتخابات المحلية المقررة بعد ثلاثة أسابيع.
وجاءت إطلالة وزير الطاقة الأسبق على الرأي العام، في أعقاب إشارات قوية أطلقها زعماء أكبر الأحزاب السياسية الموالية للسلطة في البلاد، وهما أحمد أويحيى زعيم التجمع الوطني الديمقراطي، وجمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، حول ما أسموه بـ”الظلم الذي تعرض له شكيب خليل”.
وصرح أحمد أويحيى للإذاعة الرسمية بأن “شكيب خليل تعرض لظلم كبير”، وأشاد “بشخصية وكفاءة الرجل وتحكمه في القطاع”. ولم يشر أويحيى إلى الجهات التي ظلمت شكيب خليل، لكن الاستنتاجات ذهبت إلى جهاز الاستخبارات السابق، وحتى القضاء الجزائري، بعد التحقيقات المعمقة التي أجراها خلال السنوات الفارطة حول قطاع النفط وشركة سوناطراك، وصدور مذكرة توقيف دولية تم إبطالها بعد أسابيع، بإيعاز من بوتفليقة.
وفي شأن متصل، صرح جمال ولد عباس عشية انطلاق الحملة الانتخابية، بأن “شكيب خليل يتمتع بجميع حقوقه المدنية والسياسية، ويتجول في البلاد طولا وعرضا، ولو كانت للأمن أو القضاء مشكلة معه لتم توقيفه منذ مدة، وأن الرجل ينم عن كفاءة وقدرة كبيرتين في ميدان تخصصه”. وأضاف في تصريح آخر “الرئيس القادم للبلاد علمه عند الله، لكن نحن نعلم من هو”.
تصريحات جمال ولد عباس تشير إلى أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون لأول مرة بعيدة عن نفوذ المؤسسة العسكرية
وتجاوز ولد عباس بهذا التصريح الحظر الذي ضربه على نفسه في وقت سابق بشأن عدم الخوض في مسألة الرئاسة، كما أن طرح العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة لم تعد تتردد على لسانه، رغم أنه كان أول من أطلقها بعد تنصيبه على رأس الحزب الحاكم.
وتصب حملة التأهيل السياسي لشكيب خليل من طرف أكبر القادة السياسيين في البلاد، في وعاء الرسائل التي وردت في منشور الرجل، حيث عمد إلى وصف نفسه برجل “الإنجازات، الشفافية والإجماع”، ويقصد بها الخطوات التي قطعها قطاع المحروقات في عهده، ونظافة اليد من التهم الموجهة له، حول ضلوعه في ملفات الفساد، وتحقيقه التوافق بين الأجنحة النافذة في مركز القرار.
وكان ولد عباس قد صرح بأن “الجيش لم يعد يضطلع بمهمة تعيين رئيس البلاد”، وبرر ذلك بالتزام القيادة العسكرية بالمهام الدستورية في الدفاع عن وحدة وسلامة تراب البلاد، خاصة في ظل التوترات التي يعيشها المحيط الإقليمي للجزائر. وشدد على أن الرئيس بوتفليقة لا يرضى بتدخل الجيش مجددا في المسائل السياسية.
إلا أن تصريحه حمل رسالة تعكس طموحا قديما لبوتفليقة يقضي بتحييد العسكر في مسألة مؤسسة الرئاسة، ومركزة الصلاحيات والمهام التي كانت موزعة على المؤسسات الأخرى في قبضة رئيس الجمهورية. ويؤشر أيضا على أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون لأول مرة بعيدة عن نفوذ الجيش، وأنه قد تم تحييد الجناح المدعوم من طرف العسكر عن خلافة بوتفليقة.
ويرى مراقبون أن صعود مؤشر شكيب خليل لرئاسة البلاد، كان واحدا من الخيارات المهمة لجناح العائلة، تلجأ إليه في حال استحالة تمرير مشروع التوريث للشقيق الأصغر سعيد بوتفليقة، خاصة وأنه يمثل بديلا مريحا للعائلة، قياسا بالعلاقات العائلية والصداقة القديمة بين بوتفليقة وشكيب، التي تعود إلى سنوات الطفولة.
وعدّد وزير الطاقة الأسبق في عنوان فرعي للمنشور “رجل الإنجازات”، بأنه أنجز خلال إشرافه على القطاع 24 إنجازا لصالح القطاع وشركة سوناطراك، وبعنوان “رجل الإنشاءات”، ذكر بالمشروعات التي أمر بإنجازها لصالح الشركة والمؤسسات التابعة لها، من أجل النهوض وتطوير قطاع الطاقة في البلاد.
وتحت عنوان فرعي آخر “رجل الشفافية”، أشار إلى الآليات التي أمر بها، من أجل إضفاء الشفافية في التسيير، وفتح الفرص بشكل متساو أمام الجميع، سواء تعلق الأمر بالمناقصات أو الإنشاءات أو التشغيل أو توزيع الاستفادة.
وتحت عنواني رجل النظرة البعيدة والإجماع، أشار إلى الأفكار والبرامج التي وضعها من أجل توسيع نشاط شركة سوناطراك في عدد من الدول، على غرار مصر، مالي، ليبيا والبيرو، فضلا عن تسخير جزء من عائدات الشركة لخدمة الجوانب الإنسانية والاجتماعية والرياضية في البلاد.
العرب اللندنية