بغداد/ دمشق – وصلت الحرب على تنظيم داعش إلى منعطفها الأخير بعدما بدأت قوات عراقية وسورية وكردية سورية الإطباق على ما تبقى من مناطق تتمركز فيها قوات التنظيم في منطقة وادي الفرات على الحدود السورية العراقية، ما يمهد لتنافس استراتيجي مستقبلي بين إيران وحلفائها من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى على المنطقة الغنية بالنفط والتي تمثل تقاطع طرق مركزي.
ولن تستغرق المعركة وقتا طويلا قبل أن تحقق أهدافها. لكن ذلك سيطرح سؤالا محوريا حول ما إذا كانت إيران ستقبل بالتخلي عن ممرها الاستراتيجي من الأراضي العراقية وصولا إلى بيروت، أم أن الولايات المتحدة ستجد عقبات تتمثل في مقاومة طهران لرغبة واشنطن في تنفيذ استراتيجية الرئيس دونالد ترامب التي وعد خلال الإعلان عنها بحصار النفوذ الإيراني في المنطقة.
وفي وقت أعلن فيه الجيش السوري سيطرته على مدينة دير الزور (شرق) وطرد تنظيم داعش منها، تقدمت القوات العراقية الجمعة داخل مركز مدينة القائم في غرب البلاد، الذي يعد آخر معقل للتنظيم بمحاذاة الحدود مع سوريا، بحسب ما أفاد عسكريون.
وأفادت وحدة الإعلام الحربي التابعة لحزب الله اللبناني المتحالف مع الجيش السوري أن الجيش استعاد أحياء الحميدية والشيخ ياسين والعرضي والرشيدية في المعارك الأخيرة ولم يتبق له سوى حي الحويقة.
ورغم تزامن المعارك في الجهتين السورية والعراقية لوادي الفرات إلا أن مراقبين استبعدوا وجود أيّ تنسيق بين قوات التحالف التي توفّر غطاء جويا لتقدم القوات العراقية في القائم والقوات السورية التي سيطرت على دير الزور.
لكنهم لم يستبعدوا وجود تنسيق بين التحالف الدولي والقيادة العسكرية الروسية التي تقدم الدعم لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الداعمة له.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية نقلا عن وزارة الدفاع أن روسيا نفذت 18 غارة جوية وتسع ضربات بصواريخ كروز من غواصات في الأيام الثلاثة الماضية استهدفت تنظيم داعش في شرق سوريا.
وكانت مصادر عراقية قد أعلنت أنه في وقت مبكر من صباح الجمعة بدأت المدفعية العراقية وطيران الجيش والتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية داخل مركز المدينة تمهيدا لاقتحامها.
جيمس ماتيس يقود استراتيجية حصر النفوذ الإيراني داخل الحدود العراقية
وذكرت مصادر عسكرية عراقية في وقت لاحق أن القوات العراقية استعادت حي غزة أول الأحياء الواقعة داخل مركز المدينة “ما أدّى إلى مقتل عدد من الإرهابيين وهروب بقية العناصر في عمق مركز القائم”.
وفي خضم التقدم المزدوج من الأراضي العراقية والسورية في ذات الوقت تسعى قوات سوريا الديمقراطية بدعم جوي وآخر يشمل الإمداد بقوات خاصة أميركية لكسب أرض في المنطقة يحافظ على نفوذ أميركي مستقبلي، ويقطع الطريق على تمدد إيراني محتمل، يتجسد في مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في العملية على الجبهة العراقية.
ولو تمكنت واشنطن من تحقيق ذلك فستكون قد أغلقت الطريق أمام التمدد الإيراني على ثلاثة محاور تقع على الحدود بين سوريا والعراق: محور تلعفر-الحسكة في شمال شرق سوريا، ومحور القائم-البوكمال في الشرق، ومحور الرطبة-معبر الوليد-البادية في الجنوب الشرقي من سوريا.
وتهدف هذه الاستراتيجية الأميركية التي يشرف عليها وزير الدفاع جيمس ماتيس ومستشار الرئيس للأمن القومي هاربرت ماكماستر إلى حصر النفوذ الإيراني داخل الحدود العراقية ومنع طهران من لعب الدور المحوري في مرحلة صياغة الحل النهائي في سوريا لاحقا.
لكن مازالت سيطرة الجيش السوري على المناطق الحدودية تمثل أحد أهم العقبات أمام الاستراتيجية الأميركية. ومنح ذلك إيران اليد العليا في سباق محتدم على المعابر الاستراتيجية ومصادر النفط.
كما ستؤدي سيطرة الجيش السوري على دير الزور إلى تعزيز موقع نظام الرئيس بشار الأسد سياسيا، وستكون إعلانا عن انتصار معنوي، يمنح دمشق أوراقا حاسمة في أي جولة للمفاوضات مع المعارضة قد تعقد قريبا.
ووصف التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، في وقت سابق عملية القائم بـ”آخر معركة كبيرة” ضد تنظيم داعش، ويتوقع أن تنتهي بالتقاء على جانبي الحدود لتطويق التنظيم في منطقة وادي الفرات الممتدة من دير الزور في شرق سوريا إلى القائم في غرب العراق.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أعلن الخميس أن “قوات النظام والمقاتلين المتحالفين مع دعم جوي روسي يسيطرون بشكل كامل على مدينة دير الزور”. وقال مديره رامي عبدالرحمن أن “المعارك انتهت وهناك عمليات جارية”.
وتؤكد مراجع دبلوماسية أن تسارع المعارك في منطقة وادي الفرات سيسرّع السباق نحو إيجاد ترتيبات ما بعد داعش في المنطقة. وقال هؤلاء إن تعجّل روسيا لعقد مؤتمر سياسي بين النظام والمعارضة في منتجع سوشي في روسيا سببه سعي موسكو لقطف سريع لثمار الإنجاز العسكري للنظام، واستباق أيّ تطورات دولية أخرى داخل الميدان السوري.
العرب اللندنية