الرياض – قالت أوساط خليجية مطّلعة إن التصريحات السعودية القوية ضد كل من إيران وحزب الله على خلفية إطلاق صاروخ باليستي من اليمن والاتهامات التي أطلقها حسن نصرالله على الرياض بعد استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، تعكس وجود سياسة مستقبلية حازمة ضد من يهدد أمنها الإقليمي ومصالحها ومصالح حلفائها، وأنها ستقطع مع الأسلوب القديم الذي يقرأ حسابات مبالغا فيها للاستقرار الإقليمي، وهو أسلوب استفادت منه إيران وأذرعها للتمدد وتهديد أمن المنطقة.
واتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الثلاثاء إيران بشن “عدوان عسكري مباشر” ضد المملكة عبر اليمن، في خطوة قال متابعون للشأن الخليجي إنها رسالة قوية لإيران لأجل مراجعة أسلوبها، والأخذ في الاعتبار أن السعودية القديمة التي تبالغ في الحذر لم تعد موجودة، وأن على طهران لجم أذرعها في المنطقة لمنع أي صدام ربما تتسع تداعياته بالشكل الذي تعجز عن محاصرة نتائجه.
وهدد المتمردون الحوثيون الثلاثاء بضرب مطارات وموانئ السعودية والإمارات، ما يزيد من حدة المخاطر.
وبدا واضحا أن السعودية، ومنذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز العرش في 2015، قد نحت منحى طرح الخلافات والمشاكل الخارجية في العلن، والسعي لمواجهتها عبر استراتيجية تراعي مصالح المملكة قبل كل شيء، ويدخل في هذا السياق موقفها من الاتفاق النووي ومن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ورغبته في استمالة إيران دون مراعاة مصالح الحلفاء الخليجيين.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن ولي العهد قوله في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون
“إن ضلوع النظام الإيراني في تزويد الميليشيات الحوثية التابعة له بالصواريخ يعد عدوانا عسكريا ومباشرا من قبل النظام الإيراني”.
وأضاف الأمير محمد بن سلمان الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع أن هذا الانخراط “قد يرقى إلى اعتباره عملا من أعمال الحرب ضد المملكة”.
واعتبر المتابعون للشأن الخليجي أن تصريحات ولي العهد السعودي تحمل رسالة واضحة مفادها أن الرياض لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أنشطة طهران في مناطق النفوذ التقليدية للسعودية، لافتين إلى أن المملكة تمتلك ما يكفي من الأوراق لوقف التمدد الإيراني وأن على طهران أن تأخذ على محمل الجد الرسائل السعودية الجديدة.
ثامر السبهان: سنعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب حزب الله
وأشار هؤلاء إلى أن التصعيد ضد إيران وأذرعها مثل أمرا مشتركا في تصريحات المسؤولين السعوديين، فضلا عن اجتماع مجلس الوزراء الثلاثاء الذي أكد “حق المملكة في الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.
وسيجد لبنان نفسه في قلب العاصفة بسبب حزب الله ودوره في تمكين المتمردين الحوثيين في اليمن من الأسلحة وبينها الصاروخ الذي تم إطلاقه باتجاه الرياض.
وقال وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان في تصريح صحافي “سوف تُعامَل الحكومة اللبنانية كأنها حكومة إعلان حرب على المملكة العربية السعودية”.
وعاب السبهان على حكومة سعد الحريري المستقيل فشلها في التحرك ضد حزب الله خلال عام لها في السلطة. وقال “هناك من سوف يردعه ويجعله يعود إلى كهوفه في جنوب لبنان”.
وأضاف السبهان “يجب على اللبنانيين جمعيا أن يعوا هذه المخاطر وأن يعملوا على تدارك الأمور قبل أن تصل إلى نقطة لا رجعة فيها”.
ولم يوضح السبهان الإجراءات، التي قد تتخذها المملكة ضد لبنان الدولة المثقلة بالديون، لكن مراقبين لبنانيين يعتقدون أن السعودية، ومن ورائها دول خليجية أخرى، قد تلجأ إلى إجراءات اقتصادية أكثر حزما تجاه لبنان لتفهم الطبقة التي تدير المشهد السياسي، والتي يصطف بعضها وراء حزب الله، أن الرياض ستكيف استثماراتها ودعمها المالي للبنان على ضوء مواقفه من إيران ومن وكيلها في لبنان، أي حزب الله.
ويرى المراقبون أن السعودية الجديدة لم يعد من الوارد أن تقبل بضخ الأموال في لبنان، والاستثمار في اقتصاد مثقل بالديون فيما الطبقة السياسية التي تديره تقف وراء حزب الله، وتخشى من إثارة موضوع سلاحه.
وتراهن السعودية على خنق حزب الله من خلال تفكيك شبكات الدعم المالي التي تصله من دول خليجية في شكل تبرعات، وهي خطوة سيكون تأثيرها كبيرا في ضوء العقوبات الأميركية ضد الحزب.
وتجد السعودية في هذا المسعى دعما قويا من دول غربية محورية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي ترى أن المملكة ستكون محور أي تحرك دولي لمحاصرة السياسات التخريبية لإيران في محيطها الإقليمي.
وقال وزير الخارجية البريطاني خلال اتصال بينه وبين ولي العهد السعودي إن بريطانيا تواصل دعم السعودية في مواجهة الأزمات الإقليمية والتحديات الأمنية، مدينا بأشد العبارات عملية إطلاق صاروخ باليستي باتجاه الرياض والجهات المشاركة فيها.
ولم يخف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين ثقته في إجراءات العاهل السعودي ونجله ولي العهد والتي اتخذت في سياق مواجهة الفساد، وهو تصريح يرى المتابعون أن هدفه دعم خيارات السعودية الداخلية والخارجية بما يؤهلها لأن تكون قطب التحالف الإسلامي الأميركي الذي تبنته قمة الرياض في مايو الماضي.
وقال ترامب في تغريدة على تويتر، “لدي ثقة كبيرة بالملك سلمان وبولي العهد، فهما يدركان بالضبط ما الذي يفعلانه”.
واتهمت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الثلاثاء إيران بانتهاك قرارات الأمم المتحدة من خلال تزويد المتمردين الحوثيين بصواريخ.
وقالت هايلي في بيان إن “نظام طهران يؤكد مرة جديدة الازدراء بشكل كامل بالتزاماته الدولية”.
العرب اللندنية