أطلق الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار سلسلة من التصريحات اللافتة بشأن انضمام قوات سوريا الديمقراطية إلى الجيش السوري، في وقت أكدت فيه أنقرة أن واشنطن أبلغتها بوقف الدعم عن هذه القوات.
وقال درار “إن قوات سوريا الديمقراطية ستنضم إلى الجيش السوري الذي سيتكفل بتسليحها عندما تتحقق التسوية في سوريا”. وأوضح “إذا كنا ذاهبين إلى دولة سورية واحدة بنظام فيدرالي نعتقد أنه لا حاجة إلى السلاح والقوات، لأن هذه القوة سوف تنخرط في جيش سوريا ولأن الوزارات السيادية مثل الجيش والخارجية ستكون لدى المركز”.
وشدد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية “نحن نعمل من أجل السلام في سوريا وليس المواجهة مع أي طرف سوري، إنما نبني ذاتنا ونحمي مناطقنا ونحافظ عليها في حالة أمن وأمان وسلام إلى أن يحين الموعد المرتقب للتفاوض الحقيقي”.
وجدد التأكيد قائلا “نحن لا نفكر ببديل لأن بديلنا الوحيد هو سوريا وعندما نكون في إطار الحل السوري السوري عندها لن تكون هناك حاجة إلى السلاح، والولايات ستبقى صديقا ونحن نشكر لها مساهماتها في دحر الإرهاب”.
ويرى مراقبون أن تصريحات الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية لا يمكن قراءتها بمعزل عن التفاهمات الجارية تحت الطاولة بين القوى الإقليمية والدولية حيال التسوية السورية التي لا يمكن بالمطلق التوصل إليها دون معالجة القضية الكردية.
ويشير المراقبون إلى أن إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الجمعة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ نظيره رجب طيب أردوغان بأنه تم إصدار أمر بوقف دعم وحدات حماية الشعب الكردي، وعدم وجود نفي أو تأكيد رسمي أميركي حيال الأمر، يشي بأن هناك اتفاقا دوليا تم بخصوص هذه الخطوة، لتشجيع تركيا على القبول بمشاركة الاتحاد الديمقراطي الكردي في محادثات السلام السورية السورية التي ستجرى في سوتشي الشهر المقبل لبحث ملف التسوية.
وجدد الأحد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمل بلاده في أن تفي الولايات المتحدة بتعهدها بقطع التمويلات عن الوحدات. ووحدات حماية الشعب الكردي هي العمود الفقري لتحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تشكل في العام 2014 بدعم أميركي ازداد سخاء منذ تولي دونالد ترامب السلطة. ومكن الدعم الأميركي الوحدات من السيطرة على قرابة ربع المساحة السورية في شمال البلاد وشمالها الشرقي، بعد طرد تنظيم داعش منها.
وتسعى الوحدات وحزبها السياسي الاتحاد الديمقراطي اليوم لفرض واقع خاص في المنطقة التي سيطرت عليها، وآخر خطواتها الإعلان عن إجراء انتخابات تمهد لتشكيل برلمان محلي في الأول من ديسمبر.
وقال إبراهيم إبراهيم المتحدث باسم الحزب الكردي السوري إن الانتخابات التي يشارك فيها أكثر من 30 حزبا وكيانا ستجرى على مجالس البلدية والمدينة. وأجرت منطقة شمال سوريا المرحلة الأولى من الانتخابات في سبتمبر حيث اختار الناخبون رؤساء نحو 3700 بلدية في ثلاث مناطق بالشمال، حيث أعلنت الجماعات الكردية إدارة ذاتية منذ 2011.
والأكراد اليوم في حالة صراع مع الوقت وهم يسارعون الخطى إلى فرض أمر واقع في مناطق سيطرتهم قبيل انطلاق عملية التسوية للأزمة السورية، والتي يتوقع أن تبدأ من جنيف في 28 من الشهر الجاري لتأخذ زخما أكبر في ديسمبر، حيث سيعقد مؤتمر سوتشي الذي سيشارك فيه الاتحاد الديمقراطي.
والجمعة الماضية أكدت أنقرة أنها ستشرف مع إيران وروسيا على مؤتمر السلام في سوتشي، دون أن تتطرق مجددا إلى موقفها الرافض لمشاركة الاتحاد الديمقراطي، ما يشي بأنه قد تم إقناع أردوغان خلال قمة سوتشي الثلاثية بأنه لا سبيل لحل الأزمة السورية بإلغاء الطرف الكردي.
ويرجح أن يكون الجانب الروسي قد أكد أن موسكو ستفرض على الاتحاد الديمقراطي تقديم جملة من التنازلات ومن بينها حل قوات سوريا الديمقراطية وإعادة دمجها في الجيش السوري أي تحت السلطة المركزية دمشق، مع إعطاء الأكراد وضعية إدارية خاصة في المجال السوري.
وبالطبع هذا الوضع قد يعتبر بالنسبة للاتحاد الديمقراطي مقبولا، خاصة وأنه لم يكن يوما قد أعلن عن خطوات انفصالية، بل إن طموحه حكم ذاتي ضمن فيدرالية سورية، كما أن ما حصل لأكراد العراق بالتأكيد يدفع الاتحاد إلى عدم السير بعيدا في طموحاته.
وفي هذا الصدد تأتي تصريحات الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار الذي أكد أن قوات سوريا الديمقراطية ستكون جزءا من الجيش السوري، وهذا ما قد يطمئن الجانب التركي، الذي سبق وهدد باجتياح مدينة عفرين في ريف حلب التي تسيطر عليها الوحدات.
وتدرك تركيا أنه في حال إصرارها على موقفها المتصلب حيال الأكراد، فإنها ستجد نفسها خارج مجال التسوية في سوريا، خاصة وأن هناك توافقا روسيا أميركيا وحتى مع النظام السوري على ضرورة عدم تجاهل هذا المكون، رغم التباينات بشأن خطواته السابقة، وبشأن حدود سيطرته حيث تطالبه دمشق بإعادة محافظة الرقة إليها.
وتقول أوساط سياسية كردية إنه ليس بالمقدور الجزم في حقيقة الليونة التي قد تبديها تركيا حيال مشاركة الاتحاد الديمقراطي في سوتشي، وإن الأيام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بإيضاح ذلك. ورحبت الأحد الحكومة السورية بعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي.
ونقلت وكالة الأنباء “سانا” عن مصدر مسؤول في الخارجية السورية قوله “بعد الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والحلفاء، والتي دفعت العمل على المسار السياسي، ترحب حكومة الجمهورية العربية السورية بمؤتمر الحوار الذي سيعقد في سوتشي بمشاركة واسعة من شرائح المجتمع السوري”.
وسيركز اجتماع سوتشي على ذات أهداف مؤتمر جنيف وهو النقاش حول دستور جديد لسوريا والانتخابات، وهذا يطرح السؤال التالي: هل اعتماد نفس الأهداف يعكس تنافسا بين مؤتمري سوتشي وجنيف أم أن هناك تفاهما دوليا وإقليميا على أن مهمة اجتماع سوتشي هو إعطاء زخم أكبر لإنجاح محادثات جنيف؟
صحيفة العرب اللندنية