أنقرة – أكدت مصادر تركية أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول الوضع الاقتصادي في تركيا تهدف إلى طمأنة الأسواق الداخلية وتهدئة المخاوف من أزمة اقتصادية قد تتفاقم في الأشهر المقبلة وفق توقعات الخبراء.
وقالت هذه المصادر إن الاقتصاد التركي يعيش وضعا صعبا بسبب توتر علاقات أنقرة مع أوروبا والولايات المتحدة ومع المحيط الإقليمي، لافتة إلى أن السياسة الخارجية لأردوغان منذ 2011 والتي لعبت على دعم جماعات الإسلام السياسي ساهمت في خسارة تركيا لأسواق كان حضور الشركات والمنتجات التركية فيها كبيرا خاصة في دول الخليج.
وأضافت أن ارتباك العلاقات مع أوروبا، بسبب سعي أردوغان لتحزيب الجالية التركية وجعلها ورقة لابتزاز الدول الغربية، فضلا عن اشتراطات أنقرة للتعاون الإيجابي في قضية المهاجرين الوافدين من الشرق، من شأن كل ذلك أن يزيد في انكماش الاقتصاد التركي ويعطل مرونته وقدرته التنافسية.
وأكد أردوغان الاثنين، في كلمة ألقاها خلال حفل توزيع جوائز “أفضل المشاريع في العاصمة أنقرة”، أن الاقتصاد التركي لا يزال قويا وصلباً، رغم الهجمات والمؤامرات التي تعرضت لها البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وكان سعر صرف الدولار الأميركي في تركيا قد شهد انخفاضا مقلقا في الأيام الأخيرة وهو ما أرجعه محللون اقتصاديون إلى توتر العلاقات التركية-الأميركية، وعوامل مالية أخرى.
وبلغ سعر الدولار الاثنين 3.98 ليرة تركية، فيما سجل سعر اليورو 4.6 ليرة، وهي مستويات قياسية في تركيا.
وعن حقيقة ارتفاع قيمة بعض العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية خلال الفترة الأخيرة، قال أردوغان “أثق بأنّ الارتفاع الحاصل في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية سيزول خلال فترة قصيرة”.
وقال مراقبون إن أردوغان يريد إسباغ الأمر حججا شعبوية تتعلق بكرامة البلد واستقلاله ليخفي الوهن المسجل عمليا في المؤشرات الاقتصادية التركية عامة.
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا قد ضجت بالتعليق على هذا الانخفاض في سعر العملة الوطنية مطالبة بتوضيحات من الحكومة. كما طالبت بردود شفافة تتطرق إلى التدابير التي ستتخذها الحكومة التركية لكبح جماح الانخفاض المقلق في سعر تبادل الليرة التركية مع العملات الدولية.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده لن تخضع للضغوط والابتزازات الاقتصادية التي تستخدمها بعض الجهات، كسلاح ضد تركيا، وستظل تقاوم كافة التحديات في هذا الإطار، كما تقف في وجه التنظيمات الإرهابية.
ولم يحدد أردوغان الجهات المبتزة ولا الأسباب التي دفعتها إلى ذلك، لكن كلامه يؤكد المآخذ التي سبق أن رفعت في وجهه من المعارضة التركية، وهي أن سياسته الخارجية القائمة على التصعيد والتورط في مواقف غير محسوبة، فضلا عن الدعم الذي قدمته أنقرة للإسلام السياسي بما في ذلك جماعات متشددة في سوريا، كانت وراء تراجع منزلة تركيا سياسيا واقتصاديا.
ورجحت بعض الآراء أن الرئيس التركي يغمز من قناة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه يسعى لتبرير الأزمة الاقتصادية وربطها بالخلافات بين حكومته وواشنطن وبعض العواصم الأوروبية.
وتعتبر مراجع اقتصادية تركية متخصصة أن أجواء التوتر في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة وأوروبا تلقي بظلال سلبية على أسواق تركيا وعلى مناعة البلاد الاقتصادية.
ويعتبر هؤلاء أن هذه الرمادية في علاقات أنقرة وواشنطن خصوصا وعدم وضوح ما ستؤول إليه علاقات البلدين يجعلان أسواق الاستثمار في تركيا في حالة عدم يقين، ما يسبب حالة إحباط في أسواق القطع.
وأوقعت المواقف غير المحسوبة لأردوغان تركيا في أزمة مع موسكو على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر 2015، وهو ما قابلته موسكو بإعلان مقاطعة شبه تامة للمنتجات التركية. ولم تلفح أنقرة في الخروج من الأزمة إلا بعد اعتذار شخصي من أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، فضلا عن انقلاب تام في مواقف تركيا من الأزمة السورية والالتجاء للاصطفاف وراء روسيا بشكل كامل.
ورغم مساعيه المتكررة لإعادة العلاقات الاقتصادية الواعدة مع دول الخليج وخاصة السعودية، إلا أن الرئيس التركي فشل في ذلك بشكل كامل بسبب مواقفه الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين، وفتح الأراضي التركية للإساءة إلى مصر ورموزها السياسية.
وصار من الصعب توقع عودة السياح الخليجيين ورأس المال الخليجي إلى تركيا بعد الدور الذي لعبه أردوغان في تعميق الخلاف القطري الخليجي والإيهام بتعويض قطر عن عمقها الخليجي.
العرب اللندنية