جدد رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، أمس الإثنين، استعداد أربيل للحوار مع بغداد لحل المشكلات العالقة بين الطرفين، مؤكداً «احترام» القرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا، في بادرة جديدة تتزامن مع عودة النواب الأكراد إلى مجلس النواب العراقي.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في مبنى مجلس الوزراء في أربيل، إن «الحكومة الاتحادية في بغداد لا تزال تخاطب الإقليم عبر وسائل الإعلام»، لافتاً إلى أن «المشكلات بين بغداد وأربيل يجب أن تحل بحوار جدي وهذا ما عبرنا عنه لأكثر من مرة».
وأضاف: «لغاية الآن هم (بغداد) غير مستعدون للحوار ويطالبوننا بتسليمهم المعابر الحدودية والمطارات، ولا نعرف ماذا يقصدون بالتسليم»، مبيناً «لا مانع لدينا بوجود مراقبين من الحكومة الاتحادية».
وتساءل: «أليس الكردي الذي يدوام في المعابر الحدودية والمطارات عراقياً؟ أو هل أنهم يريدون ان يأتوا بموظفين يتحدثون اللغة العربية؟»، وتابع: «نحن قلنا أكثر من مرة إننا نحترم قرارات المحكمة الاتحادية، ولكن أيضاً يجب إلغاء القرارات التي صدرت على خلفية الاستفتاء، كما ينص قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء كافة تبعاتها». وحسب بارزاني: «لغاية الآن لم نجتمع مع الحكومة الاتحادية لنفهم منها معنى تسليمها إلى المركز»، موضحا أن «لا مانع لدينا من وجود مراقبين من الحكومة الاتحادية في المطارات».
وتابع رئيس حكومة إقليم كردستان: «يتوجب على بغداد أن تقوم بإلغاء جميع الإجراءات التي فرضتها على إقليم كردستان وذلك حسب قرار المحكمة الاتحادية».
ووفق المصدر «في حال كانت بغداد مستعدة لدفع رواتب الموظفين حسب نظام (البايومتري) فنحن مستعدون للتعاون معها». ووصف بارزاني ما حصل في طوز خورماتو بـ«كارثة كبيرة»، مشيراً «لم نكن نتصور بعد دحر تنظيم الدولة الإسلامية أن يحصل هذا لشعبنا على أيدي القوات العراقية ـ إذ إنهم ينزحون من مناطقهم».
وبشأن الأوضاع السياسية في إقليم كردستان، قال «سيتم البحث مع جميع الأطراف الكردية حول مقترح تشكيل حكومة مؤقتة من عدمه»، مضيفاً «بعد الاجتماع مع الأطراف الكردستانية سنحدد موعد الانتخابات المقبلة».
وحمّل بارزاني «الحكومة العراقية مسؤولية ما حصل»، مطالباً إياها بـ«فتح تحقيق بذلك وإعادة النازحين وضمان حمايتهم».
معصوم يدعم مشروعاً للمصالحة
ومن المقرر أن تشهد أربيل زيارة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم ـ الذي يزور كركوك حالياً، بعد لقاءه القادة الأكراد في السليمانية، ضمن مساعٍ لإيجاد حل للأزمة بين بغداد وأربيل.
ومن بين سلسلة المبادرات الرامية لإنهاء الأزمة، قدّم أساتذة الجامعات الكردستانية لرئيس الجمهورية «مشروعاً» لتحقيق المصالحة الوطنية في عموم العراق.
وأعلن معصوم استعداد رئاسة الجمهورية لدعم المشروع، مؤكدا أن العراقيين في أمس الحاجة إلي «تعميق التفاهم».
وقال مكتبه في بيان إن «رئيس الجمهورية فؤاد معصوم استقبل، مؤخراً، في مدينة السليمانية وفدا من أساتذة الجامعات الكردستانية».
وأكد، حسب البيان، «أهمية دور المؤسسات العلمية والثقافية والجامعات في تطوير الواقع الثقافي والاجتماعي والتنموي ونشر الوعي العلمي والسياسي»، مضيفاً أن «العراقيين في أمس الحاجة إلي تعميق التفاهم وإنجاز مصالحة مجتمعية يساعدان في تحقيق الوحدة بين جميع أطياف الشعب».
وأيد أعضاء الوفد الجامعي تأكيد معصوم على «ضرورة بذل كل الجهود لترسيخ السلم الأهلي والمصالحة»، مشيدين بـ»دور الرئيس في دعم مثل هذە المشاريع والمبادرات».
النواب المشاركون في الاستفتاء يعودون للبرلمان
وفي بغداد، كشفت النائبة عن ائتلاف دولة القانون، عواطف نعمة، عن حضور النواب الكرد المشاركين في الاستفتاء، جلسة مجلس النواب، مؤكدة أن عودتهم جاءت بـ«صفقة خلف الكواليس» بين الكتل السياسية.
وأوضحت، في مؤتمر صحافي عقدته في مبنى البرلمان، أمس الإثنين، أن «هناك مجموعة قرارات صوت عليها مجلس النواب في جلسات سابقة منها تعليق عضوية النواب الأكراد الانفصاليين المشاركين في الاستفتاء، وقد طالبنا الحكومة بتنفيذ تلك القرارات حيث كلفت رئاسة البرلمان لجنتي القانونية وشؤون الأعضاء لتزويد مجلس النواب بأسماء النواب المشاركين في الاستفتاء».
وأضافت: «اليوم (أمس) ليس هناك أي اجراء يكّمل تلك القرارات التي صوت عليها مجلس النواب ضمن دوره الرقابي، لكن حتى الآن التوصيات التي وردت من اللجان النيابية المعنية لم يتم التصويت عليها في مجلس النواب لتذهب إلى القضاء».
وبينت أن «هناك اجتهادا شخصيا من النائب كامل الزيدي (عن ائتلاف دولة القانون) الذي قدم لائحة تلك التوصيات إلى القضاء للبت بها ولم تطرح داخل البرلمان».
وطالبت، رئيس مجلس النواب بـ«عرض لائحـة التوصيات التي أعدتها اللجنة القانونية الخاصة حسب قرار هيئة الرئاسـة»، مؤكدة على أن «النواب الأكراد الانفصاليين انتظموا اليوم (أمس) وعادوا لحضور الجلسات كأن شيئا لم يكن، ما يعني ان حضورهم تم بصفقة خلف الكواليس بين الكتل السياسية ولا بد من إطلاع ممثلي الشعب بذلك، لا أن يعود النواب لحضور الجلسات دون تنفيذ قرارات البرلمان وهذا أمر مرفوض ولا يمكن القبول به».
عقبات ومعرقلات
وأقرّ رئيس كتلة «الوركاء» البرلمانية النائب جوزيف صليوا، بوجود «عقبات ومعرقلات تعترض طريق حل الأزمة بين بغداد وأربيل»، مستبعداً عودة المياه إلى مجاريها بين الطرفين في الفترة القريبة.
وقال لـ«القدس العربي» إن «الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق لم تنته، فضلا عن وجود خلافات داخل البيت الكردي (…) كل ذلك لن يسهم في إيجاد حل سريع للأزمة».
وعن الورقة التي قدمتها حركة «التغيير» لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم في أثناء زيارته إلى السليمانية، أكد المصدر أنها تتضمن «إبعاد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني عن العملية السياسية، إضافة إلى استجواب بعض الرموز الذين كانوا سبباً في الأزمة بين بغداد وأربيل وتقديمهم إلى القضاء، فضلاً عن تشكيل حكومة إنقاذ تدير شؤون الإقليم وتتحاور مع بغداد».
يأتي ذلك في وقت قررت المحكمة الاتحادية العليا، إبطال دعوى أقامها وزير المالية السابق هوشيار زيباري ضد رئيس البرلمان سليم الجبوري.
وقال المتحدث الرسمي للمحكمة الاتحادية العليا إياس الساموك في بيان، إن زيباري «أقام دعوى على رئيس مجلس النواب، أضافة لوظيفته لطلب الحكم بإلغاء وإبطال قرار سحبه الثقة عنه وطلب الحكم بالايصاء إلى مجلس النواب بتعديل الحكم الدستوري بأن يعد الوزير المستجوب مقالاً وليس مستقيلاً من تاريخ قرار سحب الثقة».
وبين أن «المدعي لم يحضر إلى الجلسة رغم تبلغه، وأصدرت المحكمة قراراً بإبطال الدعوى بناءً على طلب المدعي عليه».
القدس العربي