توشك الحرب السورية المستمرة منذ زمن طويل على الانتهاء، إلا أن البلاد غارقة في الأسلحة ومجموعات مختلفة من الميليشيات المحلية والآلاف من القوات الأجنبية، وبعضها قد لا يغادر أبدا.
فبمساعدة من جانب إيران وروسيا، استعاد الرئيس بشار الأسد السيطرة على مناطق واسعة من سوريا في تقدم يبدو أنه قد أفسح المجال لإسقاط الجيش، على الأقل حتى الآن. بيد أن حكمه يعتمد بشكل كبير على المساعدات المستمرة من الميليشيات التى ترعاها إيران والتي انتشرت في جميع أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب.
وقد وفر القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي انتشر بعد فترة وجيزة من بدء الصراع في عام 2011، مبررا مناسبا للقوات الأجنبية لتنتشر في سوريا بحجة محاربة المتطرفين. والآن بعد أن تم طرد عناصر تنظيم داعش من المناطق الحضرية الهامة في سوريا، قد تتقلص كنتيجة لذلك أعداد بعض القوات.
القوات الأميركية
تركيا أرسلت قوات برية إلى سوريا العام الماضي في حملة يطلق عليها اسم “عملية درع الفرات”. كان هدفها محاربة تنظيم الدولة الإسلامية
كان الهدف من وجود القوات الأميركية في شمال سوريا هو المساعدة في تدريب ودعم القوات المحلية التي يسيطر عليها الأكراد والتي تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقد ازداد عدد القوات الأميركية بالتدريج.
فعلى الرغم من أن الحد الرسمي للقوات الأميركية ظل حوالي 503 قبل أن يغادر الرئيس باراك أوباما منصبه بوقت قصير، إلا أن عدد القوات الفعلي وصل الآن إلى 1500 بما في ذلك القوات الخاصة ووحدة المدفعية البحرية والمراقبون الجويون وغيرهم. وتنتشر هذه القوات عبر أكثر من اثني عشر قاعدة في شمال سوريا.
إن نهاية المعركة ضد داعش تُمحي الآن أي مبرر قانوني لوجود القوات الأميركية في سوريا، ولكن المسؤولين الأميركيين يقترحون الآن أنهم يخططون للحفاظ على وجود القوات الأميركية في الشمال حتى يتم التوصل إلى تسوية شاملة للحرب. وقد أثار ذلك مخاوف بشأن بقاء القوات الأميركية ما يُعتقد أنه سيتسبب في حدوث صدام بين الولايات المتحدة وسوريا وحليفتها إيران.
القوات الروسية
تشير بعض المصادر، بما في ذلك الفيديو من قاعدة حميميم الجوية، المحور الرئيسي للجيش الروسي في سوريا منذ بدء حملته في سبتمبر 2015، إلى أن روسيا لديها العشرات من الطائرات النفاثة والطائرات المروحية هناك.
كما نشرت روسيا قوات خاصة للقيام بالمخابرات وتنسيق الضربات الجوية. وساعد كبار ضباط الجيش الروسي في تدريب وتوجيه القوات الحكومية السورية. وفي الأشهر الأخيرة، انتشرت قوات الشرطة العسكرية الروسية بشكل واضح في سوريا.
وكان الجنرال فاليري غيراسيموف رئيس الأركان العامة للجيش الروسي، قد أعلن الأسبوع الماضي أن روسيا “ستخفض بشكل كبير موطئ قدمها العسكري في سوريا مع اقتراب نهاية الحملة”.
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن روسيا ستحافظ على وجودها في كل من قاعدة حميميم الجوية ومرفق إمدادات البحرية في طرطوس. وأضاف غيراسيموف أيضاً أن مركز المصالحة العسكرية الروسي، وهو مجموعة من الضباط الذين ساعدوا في التفاوض والحفاظ على مدد الهدنة في سوريا وتنسيق المساعدات الإنسانية، سيحافظون على تواجدهم أيضا.
وسمحت سوريا لروسيا باستخدام قاعدة حميميم الجوية إلى أجل غير مسمى دون تكلفة. كما وقعت موسكو اتفاقا مع سوريا لاستخدام قاعدة طرطوس لمدة 49 عاما، ويمكن تمديدها إذا اتفق الطرفان على ذلك.
وتخطط القوات الروسية لتحديث القاعدة الجوية للسماح لها باستضافة المزيد من الطائرات الحربية. كما تعتزم توسيع منشأة طرطوس بشكل كبير لجعلها قاعدة بحرية كاملة قادرة على استضافة السفن الحربية العملاقة.
روسيا نشرت قوات خاصة للقيام بالمخابرات وتنسيق الضربات الجوية. وساعد كبار ضباط الجيش الروسي في تدريب وتوجيه القوات الحكومية السورية
القوات الإيرانية والميليشيات الراعية
تعتبر القوات الإيرانية من أكثر القوات الأجنبية تواجدا واستدامة في سوريا. وقد بذلت جمهورية إيران الإسلامية جهدا هائلا لإبقاء الأسد في السلطة، وتقديم دعم عسكري ومالي واسع النطاق طوال الحرب الأهلية التي دامت ست سنوات.
وينتشر عشرات الآلاف من الميليشيات المحلية الموالية للحكومة التي ترعاها إيران والمعروفة باسم قوات الدفاع الوطني في جميع أنحاء سوريا، بالإضافة إلى الميليشيات الشيعية العراقية والآلاف من مقاتلي حزب الله المدعوم من إيران الذين كانوا من العوامل الرئيسية في تحويل الحرب لصالح الحكومة.
وتهدف إستراتيجية إيران إلى ضمان استمرارها في متابعة مصالحها الحيوية بعد الحرب، مستخدمة أجزاء من سوريا كقاعدة، مؤكدة على إبقاء الطريق من طهران إلى بيروت مفتوحا.
القوات التركية
أرسلت تركيا قوات برية إلى سوريا العام الماضي في حملة يطلق عليها اسم “عملية درع الفرات”. كان هدفها محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من أن تركيا تسعى أيضا، قبل كل شيء، للحد من توسع الأكراد السوريين على طول حدودها مع سوريا. وتعتبر أنقرة المقاتلين الأكراد السوريين امتدادا للمتمردين الأكراد في تركيا الذين يقومون بأعمال الشغب والعنف على مدى ثلاثة عقود مضت.
ولم يكشف المسؤولون الأتراك عن عدد الجنود الأتراك المنتشرين في سوريا، إلا أن خبراء أمنيين يقدرون أن ما لا يقل عن 2500 جندي متمركزون في مناطق متناثرة حول مدن وقرى مثل الراعي والباب وجرابلس، وقام المتمردون المدعومون من تركيا بهزيمة عناصر داعش العام الماضي من خلال “عملية درع الفرات”.
ويقدر عدد الجنود الأتراك في منطقة إدلب بحوالي 400 جندي تركي في إطار اتفاق تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا وإيران لحراسة منطقة “خفض التصعيد”. وتقوم تركيا ببناء مدارس ومستشفيات في المناطق المحررة من خلال “عملية درع الفرات” لتشجيع عودة اللاجئين، ولم يتضح بعد المدة التي ستبقى فيها القوات التركية في المنطقة.