تهمة «الكذب» لفلين في قضية «الاتصالات الروسية»

تهمة «الكذب» لفلين في قضية «الاتصالات الروسية»

شهدت قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسة الأميركية تطورا لافتا أمس، مع إقرار مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بتهمة الكذب على محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).

ومثل فلين أمام قاض فيدرالي بواشنطن بعد ظهر أمس الجمعة، بعد وقت قصير من إصدار مكتب المحقق الخاص روبرت مولر قرارا بتوجيه الاتهام إليه لإدلائه بتصريحات كاذبة حول اتصالاته مع السفير الروسي سيرغي كيسلياك في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال القاضي رودولف كونتريراس: «أنا أقبل اعترافك بالذنب»، مضيفا: «لن يكون هناك محاكمة». وأقرّ فلين بأن تصرفاته كانت «خاطئة»، مؤكدا أنه وافق على التعاون مع القضاء. وفي نيويورك، سجّلت الأسهم الأميركية في وول ستريت خسائر كبرى مع هذا الإعلان، أمس، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

ووجهت إلى الجنرال فلين تهمة الكذب حول مضمون اتصالاته مع سيرغي كيسلياك، السفير الروسي في واشنطن في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، خصوصا حول موضوع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا. وأكد المحققون في فريق مولر في نص الاتهام الواقع في صفحتين: «في 24 يناير (كانون الثاني) 2017، أقدم المتّهم مايكل فلين بكامل إرادته على إصدار تصريحات وبيانات خاطئة ومزورة ووهمية».

وقلل البيت الأبيض من أهمية اتهام مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترمب وإقراره بالذنب، مؤكدا أن هذا الأمر لا يورط أي شخص آخر، كما قلّل من أهمية فلين في الإدارة. وقال محامي البيت الأبيض تي كوب إثر التطورات المتسارعة في قضية التدخل الروسي: «لا شيء في الإقرار بالذنب أو التهم الموجهة يورط أي شخص آخر غير فلين». وبدا أنّه يريد التقليل من دور فلين من خلال التأكيد أنه كان مستشارا لمدة 25 يوما فقط، ووصفه بأنه من «إدارة أوباما السابقة»، في حين أنّه كان أحد أوائل الذين دعموا ترشيح ترمب.

واعتبر مراقبون أن إقرار فلين بالذنب هو محاولة لإبداء التعاون مع فريق المحقق الخاص روبرت مولر. وقال جوناثان تورلي، أستاذ القانون الدستوري، لشبكة «فوكس نيوز»: «ليس واضحا بعد ما هي ملابسات إقرار فلين بالذنب، وما إذا كان ذلك في إطار صفقة يكشف فيها فلين عن معلومات عن زملائه لمولر».

وذكرت أوراق المحكمة أن مايكل فلين أعطى معلومات كاذبة للمسؤولين التنفيذيين والقضائيين ومسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي في حكومة الولايات المتحدة حول اتصالاته مع الحكومة الروسية، في 24 يناير 2017، أي بعد أربعة أيام من تنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة. كما أشارت الوثائق القضائية إلى واقعة بتاريخ 29 ديسمبر (كانون الأول) 2016، لم يذكر فيها فلين للمحققين أنه طلب من سفير روسيا لدى الولايات المتحدة عدم تصعيد التوتر بين واشنطن وموسكو عبر الرد على فرض عقوبات أميركية ضد روسيا.

وأكّد محللون قانونيون أنّ منصب مايكل فلين يتيح له التشاور وعقد اجتماعات مع دبلوماسيين ومسؤولين أجانب، وأن القضية لا تتعلق بقيام الأخير بالحديث مع السفير الروسي، وإنما بكذبه على المحققين الفيدراليين. وأشاروا كذلك إلى أن فلين كذب كذلك على نائب الرئيس مايك بنس، الذي نفى علنا وجود أي اتصال مع الجانب الروسي، ليتّضح بعد ذلك أن فلين كذب على نائب الرئيس، ما أدّى إلى إقالته بعد 24 يوما فقط من تولي إدارة ترمب المسؤولية في العشرين من يناير الماضي.

والجنرال فلين هو رابع شخص من الأوساط المقربة من الرئيس الأميركي يتهمه المدعي العام روبرت مولر بعد بول مانافورت المدير السابق لحملة ترمب. وكان الجنرال السابق مستشارا للرئيس ترمب وليس عضوا في الإدارة الأميركية حين حصلت الوقائع التي يتهم بها. وأصبح لاحقا ولبضعة أسابيع فقط مستشار الأمن القومي للرئيس.

وسبق أن اتّهم مولر في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) اثنين من أعضاء فريق حملة ترمب، هما مانافورت وريتشارد غيتس. أما الثالث جورج بابادوبولوس فقد أقرّ بأنه كذب على محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي ووافق على التعاون مع المحققين.

واستغلّ الديمقراطيون في الكونغرس هذه التطورات الساخنة لزيادة الضغط على الجمهوريين واستغلال التحقيقات في التدخل الروسي للتغطية على نجاح جمهوري مرتقب في مجلس الشيوخ عبر التصويت لصالح مشروع الإصلاح الضريبي الكبير. ونفى الرئيس الأميركي مرارا وجود أي «تواطؤ» مع روسيا في الحملة الانتخابية، وندّد بحملة ضده دبرها أولئك الذين يرفضون قبول فوزه بالرئاسة

الشرق الاوسط