الحلف السني” السعودي يتعثر بعد “التردد” الباكستاني وصعوبة الجمع بين اردوغان والسيسي تحت سقفه.. فما هي خيارات الرياض الآن بعد تسلل لهيب الحرب الى حدودها الجنوبية؟ وماذا بعد اتهام ايران لها بـ”احتلال اليمن”؟ وهل الحل السياسي بات ممكنا؟

الحلف السني” السعودي يتعثر بعد “التردد” الباكستاني وصعوبة الجمع بين اردوغان والسيسي تحت سقفه.. فما هي خيارات الرياض الآن بعد تسلل لهيب الحرب الى حدودها الجنوبية؟ وماذا بعد اتهام ايران لها بـ”احتلال اليمن”؟ وهل الحل السياسي بات ممكنا؟

بعد دخول الحرب في اليمن يومها الثاني عشر، وانتهاء الاهداف الذي يمكن ان تستهدفها طائرات التحالف السعودي، بات الحديث عن الحل السياسي والعودة الى مائدة الحوار ووقف اطلاق النار هي الطاغية على المشهد اليمني.

السيد علي لارجاني رئيس مجلس الشورى الايراني الذي اكد امس، ولاول مرة، ان “السعودية تحتل اليمن” في تصريحات نقلتها وكالة “ارنا” الحق هذا الاتهام غير المسبوق بالقول “ان طهران تدعم الحل السياسي، وان عمليات “عاصفة الحزم” تتسبب في مقتل المسلمين وتؤدي الى انهيار البنية التحتية للبلاد”.

وكان لافتا ما نقلته وكالة “رويترز″ العالمية للانباء عن صالح الصماد مستشار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي السابق واحد كبار الاعضاء في الحركة الحوثية من “ان حركته مستعدة لاجراء محادثات سلام اذا توقفت الضربات الجوية واشرفت عليها اطراف محايدة”.

حتى هذه اللحظة لم تكشف القيادة السعودية عن موقفها تجاه هذه المطالب بوقف غاراتها والعودة الى مائدة الحوار مجددا، كما ان الدولة المرشحة للوساطة، وهي سلطنة عمان، لم تبدأ جهودها بعد، رغم انها تلقت رسالة في هذا الخصوص من الرئيس الايراني حسن روحاني يوم السبت حملها السيد حسين امير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الايراني.

لا يخامرنا ادنى شك بأن هذه القيادة (السعودية) تدرك جيدا ان الضربات الجوية لن تحسم الحرب لصالحها في اليمن، لانها ليست بحاجة الى التذكير بأن هذه الضربات فشلت في دول عديدة مثل افغانستان والعراق وسورية وليبيا، مثلما تدرك ايضا ان التدخل العسكري البري في بلد مثل اليمن سيكون باهظ التكاليف ماديا وبشريا خاصة ان لديها الكثير الذي يمكن ان تخسره في مقابل عدو ليس لديه ما يخسره.

المملكة العربية السعودية راهنت، وما تزال تراهن، على تكوين “تحالف سني” يضم الدول العشر المنخرطة في الحرب الى جانبها في اليمن، علاوة على تركيا وباكستان، ولكن هذا الرهان يواجه صعوبات كبيرة، وآمال تتآكل في النجاح.

الباكستان التي عولت عليها القيادة السعودية في ارسال قوات برية الى اليمن، بدت مترددة في التجاوب مع هذا الطلب المحفوف بالمخاطر، ويبدو ان زيارة السيد نواز الشريف رئيس الوزراء الباكستاني والحليف الوثيق للاسرة الحاكمة السعودية الى تركيا غيرت الكثير من مواقفه، وجعلته يتراجع عن الدعم البري لاسباب ما زالت غامضة.

سردار عياض صادق رئيس البرلمان الباكستاني قال في تصريحات ادلى بها بعد اتصال مع نظيره الايراني “ان باكستان ليس لديها نية للتدخل في الصراع في اليمن بأي شكل من الاشكال ولا نريد الدخول في الازمة الراهنة فيها”، واضاف قائلا “من اجل مصالح العالم الاسلامي نريد السلام والاستقرار في اليمن”.

ما اراده رئيس البرلمان الباكستاني هو القول بأن الصداقة مع السعودية شيء والدخول في حرب غير مضمونة النتائج شيء آخر مختلف تماما، وان مصلحة باكستان تتمثل في النأي بالنفس عن قفص الثعابين هذا الذي اسمه اليمن.

باكستان الذي يبلغ تعداد ابناء الطائفة الشيعية في جيشها حوالي عشرين في المئة من مجموع جنوده، لا تريد ان تنقل الحرب الطائفية التي يزداد لهيبها في اليمن والعراق وسورية اليها، ورسالتها واضحة في هذا الصدد.

الموقف الباكستاني هذا اذا ما اكده البرلمان في جلسته المفتوحة سيكون “انتكاسة” للقيادة السعودية خاصة ان موقف تركيا اردوغان ما زال غامضا ومراوغا في الوقت نفسه، لانه ما زال من الصعب جدا الجمع بين العدوين اللدودين، اي مصر وتركيا تحت سقف تحالف واحد.

الضربات الجوية لم تمنع التحالف “الحوثي الصالحي” من التقدم في عدن والاستيلاء على القصر الرئاسي، كما ان القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي فشلت كليا في التصدي لقوات هذا التحالف رغم الانزال الجوي لاطنان من الاسلحة الحديثة لتعزيز قدراتها العسكرية، والشيء نفسه يقال عن “القوات الخاصة” السعودية التي ارسلت الى عدن للمشاركة في القتال، وتؤكد التقارير الاخبارية ان معظم محافظات الجنوب اليمني مثل شبوة والضالع وابين باتت في يد التحالف “الحوثي الصالحي”.

روسيا كذبت بالامس ان يكون الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح قد وصل الى موسكو على ظهر طائرة اجلت الدبلوماسيين الروس من صنعاء، وهذا يعني ان الرجل لم يهرب مثلما اكد الدكتور رياض ياسين وزير الخارجية اليمني الذي يبدو انه كان يعبر عن امنياته ويدير حربا نفسية لاحداث شرخ في الحلف “الحوثي الصالحي”.

ما نريد ان نقوله وباختصار شديد، ان المأزق السعودي يتفاقم حتى كتابة هذه السطور، فالضربات الجوية لم تعط اؤكلها، والحرب انتقلت الى الجنوب السعودي بريا، وما اخلاء السلطات السعودية حوالي مئة قرية على الحدود مع اليمن من سكانها الا احد الادلة في هذا الصدد.

السعودية فردت عضلاتها “الجوية” واظهرت عدم خوفها من الحرب، وربما حان الوقت لكي تعود الى مائدة الحوار والتحلي بالمرونة للوصول الى اتفاق ينهي هذه الحرب قبل ان تطول، وتزداد تعقيدا، ويتحول اليمن الى سورية اخرى، تجر الجنوب السعودي الى اتونها.

راي اليوم