كل من يحقق السيادة البحرية في المحيط الهندي سيكون لاعبًا بارزًا على الساحة الدولية“. (الأدميرال، والخبير الجيوستراتيجي، ألفريد ثاير ماهان (1840-1914)).
تقع جزر أرخبيل سقطرى اليمنية في المحيط الهندي على بُعد نحو 80 كيلومترًا قبالة القرن الأفريقي، و380 كيلومترًا في جنوب الساحل اليمني. وهي محمية للحياة البرية معترف بها من قِبل (اليونسكو)، كموقع للتراث الطبيعي العالمي.
وتقع جزيرة سقطرى على مفترق طرق من الممرات المائية البحرية الاستراتيجية للبحر الأحمر وخليج عدن (انظر الخريطة أدناه). ولها أهمية جوهرية للجيش الأمريكي.
ومن بين الأهداف الاستراتيجية لواشنطن، هو عسكرة الطرق البحرية الرئيسة. يصل هذا الممر المائي الاستراتيجي بين البحر المتوسط وجنوب آسيا والشرق الأقصى، عبر قناة السويس والبحر الأحمر وخليج عدن.
وهو طريق عبور رئيس لناقلات النفط؛ حيث تمر حصة كبيرة من صادرات الصين الصناعية إلى أوروبا الغربية عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي. كما تمر التجارة البحرية من شرق وجنوب أفريقيا إلى أوروبا الغربية على مقربة من جزيرة سقطرى (سقطرة)، عبر خليج عدن والبحر الأحمر. (انظر الخريطة أدناه). وهناك قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى تستخدم لمراقبة حركة السفن بما في ذلك السفن الحربية في خارج خليج عدن.
المحيط الهندي هو ممر بحري رئيس يربط بين الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا مع أوروبا والأمريكتين. يوجد به أربع ممرات مائية أساسية، تعمل على تسهيل التجارة البحرية الدولية، وهم قناة السويس في مصر، وباب المندب (على الحدود مع جيبوتي واليمن)، ومضيق هرمز (على الحدود مع إيران وسلطنة عمان)، ومضيق ملقا (على الحدود مع إندونيسيا وماليزيا). إنهم “نقاط تفتيش” حيوية لتجارة النفط العالمية، حيث تعبر كميات هائلة من النفط عبر هذه المنافذ. (أمجد جافيد، منطقة توتر جديدة من التنافس، صحيفة “باكستان أوبزرفر”، 1 يوليو 2009).
القوة البحرية
من وجهة نظر عسكرية، تقع جزر أرخبيل سقطرى على مفترق طرق بحري استراتيجي. وعلاوة على ذلك، فإن الأرخبيل يمتد على مساحة بحرية كبيرة نسبيًا في المنفذ الشرقي من خليج عدن، من جزيرة عبد الكوري، إلى الجزيرة الرئيسة سقطرى. (انظر الخريطة 1 أعلاه والخريطة 2 ب أدناه). تقع هذه المنطقة البحرية من العبور الدولي في المياه الإقليمية اليمنية. هدف الولايات المتحدة هو حراسة خليج عدن البحري بأكمله من الساحل اليمني إلى الساحل الصومالي. (انظر الخريطة 1).
وتقع جزيرة سقطرى على بُعد حوالي 3000 كم من القاعدة البحرية الأمريكية “دييغو غارسيا”، وهي من بين أكبر المنشآت العسكرية الأمريكية في الخارج.
القاعدة العسكرية في سقطرى
في 2 يناير 2010، التقى الرئيس صالح والجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المركزية الأمريكية، لإجراء مناقشات رفيعة المستوى وراء الأبواب المغلقة.
وقدّمت وسائل الإعلام الاجتماع الذي دار بين صالح وبترايوس باعتباره استجابة مناسبة لمحاولة التفجير الفاشلة لطائرة الرحلة رقم 253 المتجهة إلى ديترويت والتابعة لشركة “نورثويست ايرلانيز” أثناء أعياد الميلاد. ويبدو أن هذا اللقاء حدث لهذا الغرض كوسيلة لتنسيق مبادرات مكافحة الإرهاب الموجهة ضد “تنظيم القاعدة في اليمن”، بما في ذلك استخدام طائرات بدون طيار أمريكية وصواريخ على أراضي اليمن.
أكدت العديد من التقارير أن الاجتماعات بين صالح وبترايوس كانت بهدف إعادة تعريف التدخل العسكري الأمريكي في اليمن بما في ذلك إنشاء قاعدة عسكرية كاملة في جزيرة سقطرى. وذكرت تقارير أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح “تنازل عن جزيرة سقطرى للأمريكان الذين سيقيمون في القاعدة العسكرية، مشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكان والحكومة اليمنية وافقوا على إنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى لمواجهة القراصنة وتنظيم القاعدة“. (وكالة أنباء فارس. 19 يناير 2010).
في 1 يناير 2010، قبل يوم واحد من الاجتماعات بين صالح وبترايوس في صنعاء، أكد الجنرال بترايوس في مؤتمر صحفي في بغداد ان “المساعدة الأمنية” إلى اليمن ستكون أكثر من الضعف من 70 مليون إلى أكثر من 150 مليون دولار، وهو ما يمثل زيادة قدرها 14 ضعفًا منذ عام 2006. (التنافس على جزيرة النعيم: سقطرى. والحرب في العراق، 12 يناير 2010. انظر أيضًا موقع “CNN” في 9 يناير 2010، وصحيفة الغارديان، في 28 ديسمبر 2009).
قُدِّمت هذه المضاعفة للمساعدات العسكرية لليمن إلى الرأي العام العالمي كرد فعل على حادث تفجير طائرة ديترويت، المزعوم تنفيذه من قِبل تنظيم القاعدة في اليمن.
وقد وصفت وسائل الإعلام الأمريكية إنشاء قاعدة جوية في جزيرة سقطرى بأنه جزء من “الحرب العالمية على الإرهاب“:
“من بين البرامج الجديدة، وافق صالح وبترايوس على السماح باستخدام طائرات أمريكية، وربما طائرات بدون طيار، وكذلك “الصواريخ المحمولة بحرًا”، طالما أن هناك موافقة مسبقة من اليمنيين على هذه العمليات، وذلك وفقًا لمسؤول يمني كبير طلب عدم ذكر اسمه عند الحديث عن قضايا حساسة. ويقول مسؤولون أمريكيون إن جزيرة سقطرى، التي تقع على بُعد 200 ميل قبالة الساحل اليمني، سيتم تعزيزها بمهبط طائرات صغير [تحت سُلطة الجيش اليمني] وقاعدة كاملة من أجل دعم مزيد من برنامج المساعدات وكذلك معركة القراصنة الصوماليين. كما حاول بترايوس أيضًا تزويد القوات اليمنية بمعدات أساسية مثل مدرعات طراز همفي وربما المزيد من المروحيات“. (مجلة نيوزويك، 18 يناير 2010).
منشأة للبحرية الأمريكية؟
لا تقتصر المنشأة العسكرية الأمريكية المقترحة في جزيرة سقطرى، على قاعدة للقوات الجوية فقط. تم التفكير أيضًا في إنشاء قاعدة بحرية أمريكية.
وكان تطوير البنية التحتية البحرية في سقطرى من خلال خط الانابيب. وقبل بضعة أيام (29 ديسمبر 2009) من المناقشات بني بترايوس وصالح (2 يناير 2010)، وافق مجلس الوزراء اليمني على قرض بقيمة 14 مليون دولار من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، دعمًا لتطوير الميناء البحري في جزيرة سقطرى.
اللعبة الكبرى
أرخبيل سقطرى هو جزء من اللعبة الكبرى بين روسيا وأمريكا.
خلال الحرب الباردة، كان للاتحاد السوفياتي وجود عسكري في جزيرة سقطرى، والتي كانت في ذلك الوقت جزءًا من جنوب اليمن.
وقبل أقل من عام، دخل الروس في مفاوضات جديدة مع الحكومة اليمنية بشأن إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى. وبعد ذلك بعام، في يناير 2010، في الأسبوع الذي أعقب الاجتماع بين بترايوس وصالح ، أكد بيان من البحرية الروسية أن “روسيا لم تتنازل عن خططها في امتلاك قواعد لسفنها … في جزيرة سقطرى“. (قسم الدفاع والأمن (روسيا) 25 يناير 2010)ز
كانت الاجتماعات بين بترايوس وصالح في 2 يناير، 2010، حاسمة في إضعاف المبادرات الدبلوماسية الروسية للحكومة اليمنية.
وكان الجيش الامريكي يراقب جزيرة سقطرى منذ نهاية الحرب الباردة.
وفي عام 1999، تم اختيار جزيرة سقطرى “كموقع تخطط الولايات المتحدة بناء نظام استخبارات الإشارات عليه…”. وذكرت وسائل الإعلام اليمنية المعارضة أن “إدارة اليمن قد وافقت على السماح بالوصول العسكري الأمريكي إلى ميناء ومطار جزيرة سقطرى“. ووفقًا لصحيفة الحق اليومية، إحدى الصحف المعارضة في اليمن: “تمإنشاء مطار مدني جديد في جزيرة سقطرى للترويج للسياحة، وفقًا للمواصفات الأمريكية العسكرية“. (صحيفة بيتسبرغ بوست جازيت (بنسلفانيا)، 18 أكتوبر 2000).
عسكرة المحيط الهندي
إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في جزيرة سقطرى هو جزء من عملية أوسع نطاقًا من عسكرة المحيط الهندي. ويتكون هذا الأخير من دمج وربط جزيرة سقطرى بالبنية القائمة، وكذلك تعزيز الدور المهم الذي لعبته القاعدة العسكرية دييغو غارسيا في جزر تشاغوس.
وقبل الحرب العالمية الأولى، أشار الأدميرال ألفريد ثاير ماهان، الخبير الجيوستراتيجي في البحرية الأمريكية، إلى أن “كل من يحقق السيادة البحرية في المحيط الهندي سيكون لاعبًا بارزًا على الساحة الدولية“. (مقال بعنوان: المحيط الهندي وأمننا).
الأمر المثير في كتابات الأدميرال ماهان هو السيطرة الاستراتيجية من الولايات المتحدة على الطرق الرئيسة في البحار والمحيطات وخاصة المحيط الهندي: “إن هذا المحيط هو المفتاح للبحار السبعة في القرن الحادي والعشرين؛ سيتم تحديد مصير العالم في هذه المياه“.
التقرير