انطلقت يوم الجمعة عشرات المسيرات والفعاليات الجماهيرية الحاشدة في مختلف أرجاء تركيا رفضا لقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.
وعمت المظاهرات التي خرجت بعد صلاة الجمعة المحافظات التركية الـ81، في حين خصصت الشؤون الدينية التركية خطبة الجمعة الموحدة للحديث عن القدس ومكانتها لدى المسلمين.
وشهدت العاصمة أنقرة مظاهرات حاشدة رفضا لقرار ترمب الأربعاء الماضي، ورصدت الجزيرة نت نحو 40 مظاهرة في شطري إسطنبول الآسيوي والأوروبي.
وتجمع مئات الآلاف من الأتراك وأبناء الجاليات العربية والمسلمة وأنصار القضية الفلسطينية أمام جامع الفاتح بمدينة إسطنبول، حيث انطلقت المسيرة الأضخم التي قدر عدد المشاركين فيها بمئات الآلاف.
ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية والتركية وأعلاما ترمز لولايات الدولة العثمانية، كما رفعوا لافتات تؤكد ملكية القدس للمسلمين، وعبارات “القدس خط أحمر” و”القدس للمسلمين” و”إلى متى سيبقى المسجد الأقصى أسيرا”، وصورا لمدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وردد المتظاهرون في المسيرة -التي دعت إليها منظمات وجمعيات وأحزاب تركية- شعارات من قبيل “القدس لنا.. ستعود لنا”، و”الموت لأميركا” و”الموت لإسرائيل”.
وأغلقت الشرطة التركية شارع فوزي باشا الذي سار فيه المتظاهرون، وانتشر عناصرها على مفارقه الرئيسة لتوفير الأمن للمظاهرة، في حين حلقت المروحيات الشرطية فوق المنطقة.
وتجمع المتظاهرون في ميدان “سرجانة” بمنطقة الفاتح، حيث ألقى قادة منظمي المظاهرة كلمات دعوا فيها إلى استمرار التحرك على كافة المستويات لدفع الإدارة الأميركية إلى التراجع عن قرارها.
حراس القدس
وتعكس المظاهرات التي تشهدها تركيا حالة الغضب التي تنتاب الأتراك تجاه قرارات ترمب الذي تشهد علاقات بلاده مع أنقرة توترا تتفاوت حدته من حين لآخر تبعا لكثير من الملفات.
وقال فهمي -وهو تركي شارك في المسيرة- إن “المسلمين يمكنهم دفع أميركا إلى التراجع عن قرارها إذا استمروا بالضغط”، معتبرا حالة “الصمت التي يعيشها العالم الإسلامي سببا رئيسا في تجرؤ الأميركان والإسرائيليين على مقدسات المسلمين”.
وفِي حديث للجزيرة نت، أوضح فهمي الذي كان يحمل علما فلسطينيا أن “الشعوب تخطئ عندما توكل قضاياها المقدسة لحكامها”، وتابع “نحن هنا في إسطنبول وفي كل تركيا حراس القدس”.
وتوجت مظاهرات الجمعة سلسلة فعاليات شعبية بدأت في تركيا منذ الثلاثاء الماضي وشملت وقفات واعتصامات وأمسيات عبرت عن رفض الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقفز الموضوع إلى مقدمة التغطيات في وسائل الإعلام والصحف التركية ذات التوجهات القومية واليسارية والإسلامية على السواء.
كما أطلقت خلال الأيام الماضية عشرات مواقف الرفض، وصدرت بيانات الإدانة للقرار الأميركي من قبل منظمات وتجمعات تركية وعربية وإقليمية تتخذ من تركيا مقرا لها.
وينسجم الاهتمام الشعبي والإعلامي لتركيا بموضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس مع التوجه الرسمي المعلن للدولة، حيث سبق للرئيس رجب طيب أردوغان أن هدد بوقف التمثيل الدبلوماسي بين أنقرة وتل أبيب، إذا ما أقدمت واشنطن على اتخاذ خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ويعرف المجتمع التركي بحساسيته العالية تجاه القضية الفلسطينية ونحو ملف القدس بالتحديد، حيث ينظر الكثير من الأتراك للمدينة باعتبارها امتدادا للإرث العثماني.
فالشاب أحمد حضر مع رفاقه إلى المسيرة حاملا لافتة كتب عليها باللغة التركية “هل تملكون القدس؟؟”.
سألته الجزيرة نت عن الجهة التي يوجه لها سؤاله، فقال إنه موجه بالأساس للبيت الأبيض الذي يمنح إسرائيل حقا لا يملكه في أن تكون القدس عاصمتها.
وشبه الفتى التركي “الوعد الترمبي” بوعد بلفور، قائلا إنه يذكر كل العالم بأن هناك من يمنح الحقوق على حساب العالم الإسلامي الغارق في مشاكله وقضاياه المختلفة.
المصدر : الجزيرة