رغم الانخفاض الكبير في درجات الحرارة وسقوط الأمطار والثلوج خلال الأيام الماضية في باريس، فإن هذا لم يثن المنظمات الحقوقية الفرنسية عن حشد المظاهرات
للأسبوع الثاني على التوالي، من أجل مساندة الفلسطينيين والتنديد بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
فقد شهدت باريس أمس الأحد تظاهرة حاشدة في ساحة “شاتليه”، وكان من المقرر أن يسير المتظاهرون نحو أربعة كيلومترات حتى الوصول إلى شارع غابرييل في الدائرة الثامنة حيث توجد السفارة الأميركية، لكن السلطات الفرنسية سحبت منهم الترخيص قبيل ساعات من بدء المسيرة.
كما شهدت المظاهرة حضورا أمنيا مكثفا خشية وقوع أي اضطرابات، ومنع أي محاولة لتوجه المحتجين باتجاه السفارة الأميركية.
وشارك في المظاهرة أكثر من ألف شخص، بينهم أفراد من الجالية العربية وناشطون فرنسيون من الداعمين للقضية الفلسطينية، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب أقصى اليسار الفرنسي كالحزب الشيوعي وحزب الجبهة اليسارية.
تواطؤ عربي
ورفع مئات المتظاهرين الأعلام الفلسطينية والعربية، وحملوا لافتات كتب عليها “القدس عاصمة فلسطين” و”إسرائيل دولة إرهابية” و”فلسطين حرة”، كما صدحت مكبرات الصوت بالأغاني الشعبية والثورية الفلسطينية، وهتف مئات الشبان بشعارات تندد بما سمّوه تواطؤ الأنظمة العربية خصوصا السعودية ومصر مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وردد المتظاهرون هتافات تندد بترمب وتصفه بالقاتل، وبرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
” الإرهابي”، وتستنكر مواقف ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وتعتبره “متواطئا”.
وطالب المتظاهرون الرئيس إيمانويل ماكرون باتخاذ موقف شجاع، عبر التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ووقف الاستيطان. كما طالب المحتجون ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي كلمة أمام المتظاهرين، قالت رئيسة منظمة “أورو فلسطين للتضامن” أوليفيا زيمور، إنه بعد مرور مئة عام على منح دولة إمبريالية أرضا لا تملكها لمستعمرين، جاء دور قوة إمبريالية أخرى -هي الولايات المتحدة الأميركية- بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل”.
وأضافت زيمور، أن الهدف من القرار الأميركي “هو توسيع وشرعنة الاستيطان في القدس وممارسة تصفية عرقية ودينية، بهدف طرد كل المواطنين غير اليهود من المدينة”. وشددت الناشطة اليهودية المعادية للصهيونية على أن “الشعب الفلسطيني لن يصبح مصيره مثل الهنود الحمر، لأنه شعب مقاوم وشجاع وسينتصر على دولة إسرائيل الفاشية”.
بدوره حث أحد الناشطين عن منظمة “بي دي أس” الدولية الداعية لمقاطعة إسرائيل، الحكومة الفرنسية على مقاطعة إسرائيل على كل المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وفرض عقوبات عليها، ردا على كل الجرائم التي ترتكبها يوميا في حق الشعب الفلسطيني.
مظاهرات مماثلة
وكانت مظاهرات مماثلة خرجت يومي الجمعة والسبت في باريس وعدد من كبرى المدن الفرنسية، مثل ليون وليل ومونبيلييه، بهدف التعبير عن تضامنها مع القضية الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة، ورفض الاعتراف بالقرار الأميركي بشأن القدس.
وفي مظاهرة السبت وسط باريس، قامت المنظمات الحقوقية بربط اتصال مباشر مع مدير مستشفى الشفاء في غزة، الذي شكر المتظاهرين عن تضامنهم، وشرح الظروف الصعبة التي يعملون فيها وخاصة ندرة الدواء والأدوات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي الجائر على القطاع منذ عشر سنوات.
ودعت منظمة “أورو فلسطين” المحتجين إلى تقديم مساعدات مادية للمستشفى، للمساهمة في تخفيف الحصار عن مرضى غزة. كما طالب المحتجون برفع الحصار عن مواطني قطاع غزة “الذين يعيشون في سجن كبير، بسبب تواطؤ عربي وغربي مقيت”، بحسب تعبيرهم.
وفي تصريح للجزيرة نت، عبّر هشام الخريبي أحد المسؤولين في السفارة الفلسطينية بباريس، عن دعمه وإشادته بالمظاهرات المتواصلة في باريس وباقي المدن الفرنسية، معتبرا أن هذا يعكس وجود مواطنين شرفاء من كل أنحاء العالم، يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية ويرفضون صمت حكوماتهم أمام الانتهاكات الإسرائيلية واستهتارها بكل القرارات الدولية.
وأضاف المسؤول الفلسطيني أن قرار ترمب أعطى زخما جديدا للقضية الفلسطينية، بعد الهبة الشعبية المتواصلة لكل أحرار العالم في فرنسا وعدد من الدول الأوروبية، تضامنا مع الفلسطينيين وقضيتهم العادلة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
المصدر : الجزيرة