فيما تتسارع التطورات في الشرق الاوسط، حيث تسقط انظمة وتختفي دول وتنقسم اخرى او تسقط في جحيم الفشل والحروب الاهلية والطائفية، يبدو اصرار اسرائيل على ممارسة «البلطجة» بكافة اشكالها، وعلى كافة المستويات، احد المعالم الثابتة في هذا الجزء من العالم.
ولا يكاد يمر يوم من دون ان تقدم اسرائيل دليلا على استمرارها في هذا النهج الفاشي الذي يجعلها فوق القانون والمعاهدات الدولية، ناهيك عن القرارات الأممية والقانون الانساني نفسه.
وبالامس جاء التذكير بهذه الحقيقة من اجتماع الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية مع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، الذي ناقش التحضيرات العربية للمشاركة في مؤتمر 2015 بشأن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وتطرق الى «اهمية انضمام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وعلى الرغم من حقيقة امتلاك اسرائيل اكثر من مائتي رأس نووية، فانه ليس من الوارد ان تتخذ هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة اي اجراء بشأن دفع الدولة العبرية سواء للانضمام للمعاهدة او فتح منشآتها النووية للتفتيش، وخاصة مفاعل ديمونة الذي يقال انه اصبح يمثل تهديدا بيئيا خطيرا بسبب النقص في معايير السلامة.
اما الدول العربية فهي من الموقعين على المعاهدة الدولية لحظر الانتشار النووي، وهي تتعاون بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بخصوص اي نشاط بحثي نووي (ان وجد)، الا ان احدا منها لم يجرؤ ابدا على البدء في برنامج نووي للاستخدام السلمي، الا وأجهضه قصف اسرائيلي غاشم، كما حدث في العراق في العام 1981.
وبالقاء نظرة متأنية على موقف اسرائيل من الاتفاق النووي الذي توصلت اليه ايران مع الدول الكبرى الاسبوع الماضي، يتضح ان جوهره لايقوم على الخوف من تصنيع اسلحة نووية كما تزعم، بل منع العرب والمسلمين من امتلاك تكنولوجيا تصنيع الطاقة النووية، وان توافرت كافة الضمانات العلمية والسياسية الممكنة لاستخدامها في الاغراض السلمية حصرا.
وحسب المطالب التي وجهها وزير الاستخبارات يوفال شتاينيتز القريب من مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الى واشنطن لـ «تحسين الاتفاق»، ان توقف ايران الابحاث في مجال اجهزة الطرد المركزي الحديثة وتطويرها(..)، محذرا من «انها ستجعلها قادرة على انتاج ما يكفي من اليورانيوم العالي التخصيب لانتاج قنبلة ذرية خلال ثلاثة او أربعة أشهر». كما طالب بـ «خفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي ستستمر ايران في تشغيلها، واغلاق موقع فوردو للتخصيب تحت الارض، ونقل مخزون اليورانيوم الايراني الضعيف التخصيب الى خارج ايران (..)». ثم لا يتردد بالتلويح مجددا باللجوء الى الخيار العسكري الذي «كان ولا يزال وسيبقى على الطاولة» حسب اكاذيبه. واخيرا يتعهد مواصلة «البلطجة الدبلوماسية» المتمثلة في العمل مع الكونغرس الامريكي لقتل الاتفاق.
اما في واشنطن فقد ردت المتحدثة باسم الخارجية ماري هارف بأن اتفاق لوزان ينص على ان «ايران ستسحب حوالى 13 الف جهاز طرد مركزي من مواقع نووية موجودة فيها اليوم، وانها ستحتاج بالتأكيد لأكثر من عامين لاعادة بناء ما تمتلكه اليوم».
القدس العربي