دمشق – اتهم الرئيس بشار الأسد الاثنين المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على نحو ربع مساحة سوريا بـ”الخيانة” جراء تعاونهم مع الولايات المتحدة التي تقود تحالفا دوليا ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وعقب استقباله وفدا حكوميا واقتصاديا روسيا، قال الأسد في تصريحات نقلتها حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي، “عندما نتحدث عمّا يطلق عليه بتسمية الأكراد، في الواقع هم ليسوا فقط أكرادا، هناك من مختلف الشرائح في المنطقة الشرقية مساهِمين معهم”، مضيفا “بغض النظر عن التسمية، كل من يعمل لصالح الأجنبي، خصوصا تحت القيادة الأميركية (…) وضد جيشه وشعبه هو خائن، بكل بساطة”.
وتابع الأسد “هذا هو تقييمنا لتلك المجموعات التي تعمل لصالح الأميركيين”، وهذا أوضح موقف للأسد من الأكراد وتحديدا وحدات حماية الشعب التي تعتبر المكون الرئيسي في تحالف قوات سوريا الديمقراطية المدعوم أميركيا.
ونجحت الوحدات خلال السنوات الأخيرة ضمن تحالف قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على ربع المساحة السورية في شمال البلاد وشرقها بعد طرد داعش منها، وعمل رجالها على تمكين “إدارتهم الذاتية” بمناطق سيطرتهم بإعلان “النظام الفيدرالي” وتشييد المؤسسات على أنواعها و إجراء انتخابات لمجالسهم المحلية.
رغم موقف دمشق وأنقرة المناهض للأكراد، فلا يمكن بالمرة تجاهل هذا المكون عند بلوغ مرحلة متقدمة في مسار التسوية
ولطالما أعربت دمشق عن رفضها دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد، مؤكدة نيتها استعادة السيطرة على كافة أراضي البلاد. إلا أن وزير الخارجية وليد المعلم أعرب في وقت سابق عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد حول إقامة “إدارة ذاتية”.
ويتلاقى موقف الرئيس السوري المستجد من الأكراد مع تركيا وإن كان لأسباب ودوافع مختلفة، حيث أن أنقرة تعتبر الوحدات الكردية وذراعها السياسية الاتحاد الديمقراطي على وجه الخصوص تنظيمين إرهابيين، وجب التعاطي معهما أميركيا على هذا الأساس وليس إشراكهما في الحرب على الإرهاب.
ويقول محللون إن تصريحات الأسد في هذا التوقيت قد تكون الغاية منها استمالة أنقرة، التي أبدت مرونة تجاهه في الأشهر الأخيرة جراء رغبتها في تعزيز التقارب مع روسيا حليفة الأسد.
ويشير المحللون إلى أنه ورغم موقف دمشق وأنقرة المناهض للأكراد، فلا يمكن بالمرة تجاهل هذا المكون عند بلوغ مرحلة متقدمة في مسار التسوية السورية، باعتبار أنه أصبح رقما صعبا في المعادلة على الأرض لا يمكن تجاهله.
ولفت هؤلاء إلى أن المسألة الكردية في سوريا لا تلقى دعما فقط من الجانب الأميركي بل وأيضا من روسيا التي تعد المتحكم الأساس في المشهد هناك، وبالتالي إن أي استهداف للأكراد سيكون أمرا صعبا ومعقدا.
ويقول البعض إن الأسد لا يستطيع تجاوز روسيا في هذا الملف أو في الملفات الأخرى، وبالتالي تصريحاته المهاجمة للطرف الكردي لن يكون لها صدى على أرض الواقع.
ولم تمر ساعات قليلة على تصريحات الرئيس السوري حتى أطلت قوات سوريا الديمقراطية ببيان قالت فيه “نعتقد أن بشار الأسد ومن تبقى من نظام حكمه هم آخر من يحق لهم الحديث عن الخيانة وتجلياتها”.
وأضافت في بيان “هذا النظام هو من فتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام جحافل الإرهاب الأجنبي التي جاءت من كل أصقاع الأرض، كما أنه هو بالذات الذي أطلق كل الإرهابيين من سجونه ليوغلوا في دماء السوريين”.
ولطالما اتهمت المعارضة السورية النظام السوري عند اندلاع النزاع في العام 2011 بإطلاق معتقلين متشددين وتسهيل دخول مقاتلين عبر الحدود، لتشويه صورة الاحتجاجات التي بدأت سلمية ضده قبل أن يتمّ قمعها بالقوة وتتحول تدريجيا إلى مواجهات مسلحة مع تصاعد نفوذ التنظيمات الجهادية.
العرب اللندنية