ماذا سيجنى اقتصاد العراق من رفع العقوبات عن ايران

ماذا سيجنى اقتصاد العراق من رفع العقوبات عن ايران

74151112013_7777777777777777
تعالت الاصوات المتفائلة بالاتفاق النووي الايراني في العراق وخصوصا على لسان بعض كبار المسؤليين الحكوميين و النواب، الذين رأوا ان هذا الاتفاق سيكون فاتحة خير على العراق في الايام المقبلة.
وهنا لابد من توضيح بعض نقاط سوء الفهم لدى البعض حول هذا الاتفاق ، فمنذ الساعة الاولى التي تلت الاعلان عن هذا الاتفاق انخفضت اسعار النفط عالميا ، لتعلن ميلاد عودة الخام الايراني الى الاسواق ،و ان لم تكن هذه العودة فورية، كما اشرنا في مقالنا السابق، لكنها كانت بمثابة محفزات ادت الى تراجع اسعار النفط ،وذلك بكل تأكيد يعني ان عودة النفط الايراني هو زيادة لانتاج طهران من الخام وزيادة للمعروض النفطي عالميا وبالتالي سيكون تراجع اسعار النفط نتيجة هذا المعروض الفائض في اسواق النفط .
ان المتتبع للاحداث التي ستعقب الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى ،سيكتشف ان دول بعينها ستكون الخاسر الاكبر ، وهنا سنقتصر بالحديث عن دولة تدخل مع الجمهورية الايرانية بعلاقات معقدة جدا فضلا عن الجوار الجغراقي بينهما ،بطبيعة الحال نحن نتحدث عن العراق البلد الذي انصهر في بوتقة العلاقات مع ايران بشكل هائل وبفترة قياسية جدا .
في الحقيقة لن نتطرق كثيرا لشكل هذه العلاقة او تاريخها بقد ما سنركز على تأثير الاتفاق الاخير بين طهران والغرب حول النووي على اقتصاد العراق.
اقتصاد الريعي بامتياز
قد يكون العراق من اكثر الدول التي ستتأثر بنتائج هذا الاتفاق ، فالعقوبات سترفع عن النفط الايراني بالدرجة الاولى والعراق من جهة اخرى بلد يعتمد على عائدات النفط بنسبة تزيد على 95بالمائة من ايراداته المالية على النفط. لذلك مازال العراق يعاني من هبوط أسعار النفط وهو ما اجبر الحكومة على اتخاذ اجراءات تقشفية ومواجهة الازمة المالية التي ارهقت البلاد .
ان الحديث عن الاتفاق النووي مع ايران يعني انتهاء العقوبات المفرضة عليها من الغرب و عودة النفط الايراني الى السوق يعني هبوط اسعار النفط قبل ان يُضَخ برميل اضافي واحد من النفط الايراني الى السوق المتخمة حاليا بفائض قدره نحو مليوني برميل علما بأن لدى ايران 30 مليون برميل تراكمت في خزانات وسفن بسبب الحظر ويمكن ان تكون متوفرة في السوق ما ان تُرفع العقوبات عن ايران .
وهنا قالت شركة فاكتس غلوبال انيرجي “Facts Global “Energy الاستشارية ان رفع العقوبات يمكن ان يزيد انتاج ايران من النفط بواقع 500 الف برميل في اليوم خلال ثلاثة الى ستة أشهر وبواقع 700 الف برميل في اليوم خلال عام. في الحقيقة هذه الانباء سيئة للاقتصاد العراقي الذي اصلا تكبد خسائر جسيمة من هبوط اسعار النفط بنحو 50 في المئة منذ حزيران الماضي.
ان التخوف الحقيقي اليوم هو من عدم قدرة العراق على زيادة صادرات النفطية حتى إذا تمكن من زيادة انتاجه الى اربعة ملايين برميل في اليوم.
الحصة السوقية للعراق
تتطلع إيران الآن إلى أن تسمح لها منظمة «أوبك» بزيادة صادراتها تدريجيًا لاستعادة الحصة التي فقدتها بسبب الحظر المفروض عليها منذ عام 2012 من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي أدى لفقدانها نحو مليون برميل يوميًا
ويقول خبراء اقتصاديون ان رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، سيخفض الحصة السوقية للنفط العراقي وبالتالي سيتراجع سعر النفط العراقي نحو عشر دولارات أو أكثر لكي يتمكن من تسويقه عالميا وهو الامر الذي تخشاه العراق التي تعاني مع وجود الاسعار الحالية ،فكيف سيكون الامر اذا تراجعت الاسعار بهذه الحدة ؟؟
ازمة اقتصادية
تشير المرحلة التي يمر بها العراق اليوم الى انه يتعرض لازمة اقتصادية خطيرة ، اوجدتها السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة ناهيك عن تدني اسعار النفط في الاسواق العالمية والتي ادت الى عجز كبير في ميزانية الدولة. ويواجه العراق أزمة مالية، ويصل عجز الموازنة خلال العام الحالي إلى 21 مليار دولار، نتيجة تهاوي أسعار النفط عالمياً بأكثر من 50% منذ يونيو/حزيران الماضي.
كما اسلفنا ، عودة ايران الى السوق يعني ان العراق سيكون مجبرا على تخفيف سعر بيعه للنفط ، حيث يعاني الآن من عدم وصوله إلى الإنتاج المطلوب اللازم أن يصدر 3.3 ملايين برميل يوميا خلال العام الحالي، بينما لم يصل تصديره إلى ثلاثة ملايين.
اذن العراق اليوم يعاني ازمة مالية خانقة، وقد تزداد حدتها مع رفع العقوبات عن إيران وعودة نشاطها المعتاد قبل الحظر .

القطاع المصرفي في العراق
يعتبر القطاع المصرفي العراقي دعامة أساسية في الاقتصاد العراقي الذي تواجهه العديد من التحديات لكن هذاالقطاع الحيوي اليوم بحسب الخبراء في مواجهة انعكاسات رفع العقوبات عن ايران حيث يشير الخبير الاقتصادي العراقي سلام عادل ان المصارف العراقية في الفترة الماضية أصبحت في الفترة الأخيرة عبارة عن محل لبيع العملة فقط، وتقوم بتحويلها إلى طهران لتخفيف العبء الاقتصادي عنها، وبالتالي فإن السياسة المالية ستشهد انهيارا غير مسبوق في الفترة المقبلة.
لقد استفادت ايران كثيرا من المصارف العراقية اخلال سنوات العقوبات الغربية عليها حيث استطاعت ان تخلق نوعا من التكيف في الاقتصاد العراقي وصل الى ان تستعين بالمصارف العراقية للالتفاف على العقوبات الدولية عن طريق سندات مصرفية.
الاقتصاد العراقي الى اين
لقد وصل حجم التبادل التجاري بين العراق وايران الى العام الماضي 12 مليار دولار وبحسب تصريحات السفير الايراني في العراق حسن دنائي فر ان هذا التبادل سيصار اللى رفعه بالمستقبل الى 25 مليار دولار.
العراق اليوم يعيش وضعا اقتصاديا صعب ادى الى لجوءه الى الاقتراض من الداخل والخارج وطبعا لانغفل السبب الرئيس لهذه المشكلة وهو الفساد والادارة الفاشلة للحكومات المتعاقبة للملف الاقتصادي حتى ان بعض الاقتصاديين يروا ان ما تحقق في العراق من بناء منذ عام 2003 الى اليوم لايتجاوز 5% من المطلوب انجازه.
على الحكومة العراقية مسؤولية كبيرة جدا في هذه الفترة من عمر العراق فقد ادى التغلغل الايراني والاستغلال للاقتصاد العراقي الى هذه اللحظة الى جعله من اسوء الاقتصادات في المنطقة العربية على الاقل، اذن فالمطلوب من الحكومة العراقية ان تج منفذ للبلاد من هذا الثالوث الذي بات يشكل كابوسا على الحياة الاقتصادية والسياسية في العراق.

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية