عدن – قالت مصادر يمنية مطلعة في العاصمة المؤقتة عدن إن مشاورات تجري بين مختلف الفرقاء استعدادا للإعلان عن ترتيبات جديدة بعد نجاح المجلس الانتقالي الجنوبي في حسم المعركة عسكريا، لافتة إلى أن الجميع ينتظر توافقات تفضي إلى إجراءات بناء الثقة مع الجنوبيين وإشراكهم في مختلف مؤسسات الشرعية بدءا من عضويتهم في حكومة جديدة على أنقاض حكومة أحمد عبيد بن دغر التي ينتظر أن تتم إقالتها والبحث عن رئيس حكومة جديد يرضي الجميع.
وأحكمت القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي سيطرتها على مختلف مناطق العاصمة عدن، وتمكنت وحدات من “الحزام الأمني” التي تدين بالولاء للمجلس من بسط سيطرتها على مديرية “كريتر” ومحيط قصر “المعاشيق” مقر حكومة أحمد عبيد بن دغر التي لاتزال -وفقا للمصادر- تتواجد بداخله تحت حماية التحالف العربي.
وسيطرت عناصر من الحزام الأمني قادمة من محافظة لحج كذلك على معسكر اللواء الرابع مدرع حماية رئاسية (شمال عدن) والذي يعد أكبر الألوية التابعة للحماية الرئاسية التي يتولى قيادتها ناصر عبدربه منصور نجل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.
وأكد مراقبون سياسيون لـ”العرب” انتهاء الأزمة التي شهدتها مدينة عدن منذ منح المجلس الانتقالي الجنوبي مهلة أسبوع للرئيس هادي لاستبدال حكومة بن دغر بحكومة كفاءات مصغرة، وهو الأمر الذي قابلته وزارة الداخلية بالتلويح بقمع أي تظاهرات قد تخرج في عدن.
ولفت المراقبون إلى دخول المشهد اليمني مرحلة جديدة بسيطرة المجلس الانتقالي على مقاليد الأمور في مدينة عدن، ما يجعله شريكا فعليا في المرحلة القادمة، بعد أن تعرض للإقصاء المتعمد لصالح كيانات جنوبية لا تحظى بدعم الشارع الجنوبي.
وتوقعت المصادر السابقة صدور قرارات رئاسية وشيكة تهدف إلى احتواء آثار التداعيات التي شهدتها العاصمة عدن، وتحاول هضم المعطيات الجديدة على الأرض، من خلال الاستجابة للمطالب الجنوبية بتشكيل حكومة كفاءات مصغرة، لتخفيف الأعباء اليومية التي يواجهها اليمنيون شمالا وجنوبا.
وعن توقعاته لمرحلة ما بعد مواجهات عدن، قال المحلل السياسي اليمني حسين لقور بن عيدان في تصريح لـ”العرب” إن على رأس التحولات التي ستشهدها المرحلة القادمة الإقرار بتولي قوات الحزام الأمني مسؤولية حماية عدن كقوة وحيدة مخولة بهذه المهمة.
ونوه بن عيدان إلى أنه بعد صدور بيان التحالف العربي وتصريحات الناطق باسم التحالف حول المجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره “المكون السياسي والاجتماعي” سيتم إعطاء المجلس في المرحلة القادمة وضعا اعتباريا في أي استحقاق سياسي قادم.
وأكد أن المعارك التي شهدتها عدن تحتم إقالة حكومة بن دغر وتشكيل حكومة كفاءات وهو ما قد يتم خلال ساعات، مضيفا أن “المجلس الانتقالي لن يتم بعد اليوم تجاوزه في كل ما يتعلق بالجنوب سواء في تعيينات محافظين أو وزراء جنوبيين، كما ستتم إعادة تنظيم الوحدات العسكرية الجنوبية في المعسكرات ودمجها مع بعضها وتشكيل نواة جيش وطني جنوبي له مهام أمنية وعسكرية”.
هدوء حذر
ويخيم هدوء حذر في مختلف مديريات محافظة عدن، منذ دعوة قيادة التحالف العربي طرفي الصراع في العاصمة المؤقتة إلى وقف إطلاق النار والانسحاب إلى المعسكرات، وهي الدعوة التي قال مراقبون إنها حالت دون سقوط آخر رموز الحكومة الشرعية المتمثل في قصر “المعاشيق” الذي انتقلت الاشتباكات إلى محيطه في وقت مبكر من فجر الثلاثاء، ما دفع التحالف إلى عقد لقاء جمع قيادات عسكرية موالية للحكومة وأخرى من المجلس الانتقالي، تمخضت عن الاتفاق على إعادة تطبيع الأوضاع الأمنية في عدن.
وأصدر التحالف العربي بيانا جديدا، فجر الثلاثاء، جدد فيه دعوته إلى جميع مكونات الشعب اليمني إلى “التركيز على الأهداف الأساسية وعلى رأسها استعادة الشرعية وحماية مكونات الدولة وإعادة الأمن والاستقرار وحل كافة القضايا عبر الآليات السياسية المتاحة ووفق المرجعيات الثلاث”.
وحث التحالف، الاثنين، المتحاربين الذين كانوا حتى الأمس القريب يقاتلون في خندق واحد ضد الحوثيين، على التحاور لإنهاء القتال.
ودعا المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمر صحافي في الرياض الجنوبيين إلى الجلوس مع الحكومة، كما دعا الحكومة إلى النظر في مطالب المجلس الانتقالي.
وأقر المتحدث باسم التحالف بوجود “بعض الخلل (في عدن)، وهناك مطالب شعبية. طلبنا من المكون السياسي (المجلس الانتقالي) الاجتماع وضبط النفس وكذلك تغليب الحكمة والتباحث مع الحكومة الشرعية” التي دعاها أيضا إلى “النظر في مطالب المكون السياسي والاجتماعي”.
وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية، الثلاثاء، وقف إطلاق النار وعودة الهدوء إلى عدن. ونقل الموقع الرسمي للوزارة عن مصدر مسؤول قوله “إن القوات العسكرية والأمنية التي كانت منتشرة في شوارع العاصمة عدن عادت إلى معسكراتها وثكناتها كما أن الحياة باتت طبيعية في مختلف المديريات والمناطق التي شهدت توترا بسبب انتشار القوات العسكرية واختفت المظاهر المسلحة فيها”.
وأضاف المصدر أن عودة جميع القوات العسكرية والأمنية إلى معسكراتها وإيقاف إطلاق النار، وقع إقرارهما بتوجيهات من القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وقيادة التحالف العربي الداعم للشرعية.
وأشار المصدر إلى أن الحياة بدأت تعود إلى مديريات عدن، “وأن كل ما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي من إشاعات لا يجب تصديقها كونها تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار”.
وأكد المصدر المسؤول أن القوات العسكرية والأمنية بمختلف مواقعها امتثلت للتوجيهات وعادت إلى معسكراتها.
ويتواجد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في السعودية، لكن رئيس حكومته بن دغر وعددا من أعضاء الحكومة موجودون في مقر الرئاسة في عدن.
العرب اللندنية