أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن ملف التسوية الإسرائيلية الفلسطينية ينزلق إلى تأزم حاد، وأن الأجواء السلبية التي أطلقها اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في 6 ديسمبر الماضي، بما في ذلك عزم واشنطن نقل سفارتها إلى القدس، قد تفاقمت مذاك، ولم يصدر عن الولايات المتحدة ما يمكن أن يخفف من غضب الفلسطينيين الذين سيذهبون إلى اتخاذ خطوات تصعيدية متدرجة.
وتحدثت المعلومات عن أن الطرف الفلسطيني قد يبلغ في الأيام الأخيرة تفاصيل الخطة التي تستعد الإدارة الأميركية لإعلانها والتي أطلق عليها اسم “صفقة القرن”.
وكشفت المعلومات أن واشنطن تدعو إلى قيام عاصمة فلسطينية في ضواحي القدس متصلة بما أشيع سابقا عن “أبوديس” كأساس لهذه العاصمة من خلال ضم قرى وبناء أحياء تلتحق بالعاصمة العتيدة.
وتضيف المعلومات أن الخطة تشمل خرائط معقدة تشق داخلها ممرات فلسطينية تتجنب التجمعات الاستيطانية ويصل بعضها إلى المسجد الأقصى. وتتحدث الخطة عن حلول إنسانية للفلسطينيين تقود إلى إلغاء وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نهائيا.
والظاهر أن مضامين الخطة الأميركية التي تسلمتها القيادة الفلسطينية بشكل غير رسمي تقف وراء قرارات منظمة التحرير الفلسطينية، مساء السبت، ببدء اتخاذ إجراءات فعلية بشأن التوجه لمجلس الأمن الدولي وتعليق اعترافها بإسرائيل وذلك بما اعتبر تأكيدا لاستمرار الأزمة بينها وبين الإدارة الأميركية.
جاء ذلك عقب اجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مدينة رام الله والذي يُعد الأول منذ انعقاد المجلس المركزي للمنظمة في 14 و15 من الشهر الماضي.
وكانت قرارات المجلس المركزي جاءت ردا على قرارات ترامب بشأن القدس وتضمنت عدم القبول بوساطة واشنطن في رعاية عملية السلام.
واشنطن تحاول التغطية على ما اقترفته بشأن القدس من خلال اتهام الفلسطينيين بعرقلة مساعي العودة إلى المفاوضات
خطة الإدارة الأميركية
توضح بعض تفاصيل الخطة أن إسرائيل قد تقبل بالانسحاب من بعض أحياء القدس لتكون جزءا من عاصمة الدولة الفلسطينية المقبلة، على ألا تكون البلدة القديمة وبعض الأحياء المحيطة جزءا من العاصمة الفلسطينية، وبالتالي فإن البلدة القديمة وأحياء محيطة مثل جبل الزيتون وسلوان والشيخ جراح وغيرها تكون جزءا من القدس عاصمة إسرائيل.
ويبدو أن الخطة الأميركية لا تمس الكتل الاستيطانية وتؤجل التفاوض حولها إلى مرحلة لاحقة على إعلان الدولة الفلسطينية، بما يعني أن الإدارة الأميركية تعترف أن خطتها ليست وصفة لسلام نهائي، بل خطوة قد تدخل الطرفين في صراعات جديدة حول قضايا كبرى وقفت حتى الآن حائلا دون التوصل إلى التسوية التاريخية المتوخاة.
وقالت اللجنة في بيان إنها “طلبت من الحكومة البدء فورا بإعداد خططا ومشاريع لخطوات فك ارتباط مع الاحتلال الإسرائيلي على المستويات كافة”.
وأضافت أنها “قررت تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المركزي بما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان”.
وتقول مصادر فلسطينية إن واشنطن تحاول التغطية على ما اقترفته بشأن القدس من خلال اتهام السلطة الفلسطينية بعرقلة مساعي العودة إلى طاولة المفاوضات، وقال الناطق الرئاسي الفلسطيني نبيل أبوردينة في هذا الصدد إن “هذه المزاعم لا تعدو كونها تحريضا مفضوحا وأقوالا غير مسؤولة”، مؤكدا “إننا لم نرفض أي عرض يهدف إلى تطبيق حل الدولتين، ولم نرفض التفاوض مبدئيا ونتمسك بمفاوضات جادة طريقا للوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود 1967، وهذا ما أكده الرئيس عباس في خطابه أمام المجلس المركزي، وفي لقائه الأخير مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل”. وشدد على أن “المفاوضات الجادة تتطلب أولا أن يُؤمن الطرف الآخر بحل الدولتين”.
وأكدت اللجنة أنها ستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي حيث أشار البيان إلى أن عباس سيلقي خطابا أمامه في 20 من الشهر الجاري بدعوة من الكويت الرئيس الدولي للمجلس.
الخطة التي وصلت إلى القيادة الفلسطينية قوبلت بخطة بديلة من قبل السلطة الفلسطينية تستند على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967
وتقول مصادر فلسطينية إن الخطة التي وصلت إلى القيادة الفلسطينية قوبلت بخطة بديلة من قبل السلطة الفلسطينية تستند على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 مع تبادل أراض يتيح احتفاظ إسرائيل بمستوطناتها بالضفة، وأن يتم الاعتراف بحدود دولة فلسطين كمقدمة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، غير أن مصادر محايدة أكدت أن الطرف الأميركي رد خطة السلطة مؤكدا أن الخطة الأميركية هي للتنفيذ وليست للتفاوض.
الموقف الفلسطيني
قالت مصادرصحافية فلسطينية محلية الأحد إن المبعوث الأميركي لعملية السلام جايسون غرينبلات قد أبلغ قناصل دول أوروبية معتمدين في القدس بأن خطة السلام الأميركية التي يطلق عليها اسم “صفقة القرن” في مراحلها الأخيرة وستعلن قريبا.
ونقلت المصادر عن غرينبلات أن الخطة الأميركية الجاري إعدادها تشمل المنطقة وأن “الفلسطينيين أحد أطرافها، لكنهم ليسوا الطرف المقرر في تطبيقها”.
وقال بيان اللجنة التنفيذية إن عباس “سيؤكد ثبات الموقف الفلسطيني على القانون الدولي والشرعية الدولية، وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967”.
وشدد البيان على “الرفض الحازم لتهديدات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن القدس لم تعد مطروحة على طاولة المفاوضات، وأن الفلسطينيين أمام خيارين إما العودة لطاولة المفاوضات وإما وقف المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية”.
وتابع البيان أن “الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية لا تخضع للابتزاز والمساومة، وأن على الإدارة الأميركية أن تكف عن التعامل مع الجانب الفلسطيني بلغة الابتزاز والتهديد وسياسة الانحياز الأعمى لإسرائيل”.
وعلى الرغم من قيام عواصم أوروبية بالضغط على السلطة الفلسطينية بتأجيل إجراءاتها التصعيدية، إلا أن أجواء أوروبية عربية إقليمية ترى أن المقاربة الأميركية تمثل تحديا للفلسطينيين كما تأتي متناقضة مع مضمون المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت لعام 2002، المتأسسة على مبدأ الأرض مقابل السلام، على النحو الذي يدفع الفلسطينيين إلى طرق أبواب دولية جديدة في محاولة لإيجاد آلية جديدة تكون بديلة للرعاية الأميركية الحصرية التي لم يعد الفلسطينيون يجدونها مقبولة بعد قرار ترامب بشأن القدس.
صحيفة العرب اللندنية