المقدمة:
الامن الغذائي في العراق مهدد بسبب سيطرة دول تركيا وايران على منابع انهره، وتستحوذان على الكميات الاكبر من المياه، ومع ان الحكومة التركية وعدت بزيادة حصة العراق من المياه، بعد مناشدات عراقية عدة ، الا ان منسوب المياه مازال يسجل تراجعا باتت اثاره واضحة في انخفاض منسوب المياه في دجلة والفرات والجداول المتفرعة عنهما وزيادة نسبة الملوحة .
اذ اقامت تركيا في منطقة حسن كيف سد” اليسو “على نهر دجلة ، ومن المفترض ان تبدأ تركيا بملئه في حزيران العام الحالي مما يحرم 697 هكتارا من الاراضي العراقية من المياه .
كما سيؤثر سلبا على مشاريع الري وتوليد الطاقة الكهربائية مع استمرار خطر الجفاف وتداعياته على الاهالي في المحافظات العراقية ، وبحسب المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي والموارد المائية ، فان العوامل الداخلية تسهم في زيادة مشكلة الجفاف ومنها الزيادة السكانية التي تزيد الطلب على المياه، واهمال صيانة مشاريع التحلية في المحافظات العراقية، ووضعها بيد كوادر غير كفوة، مما زاد نسبة الملوحة.
وهناك دراسات تخصصية طرحت امكانية الاستفادة من بحيرة الثرثار وبحيرة النجف؛ لخزن المياه باعتبارها منخفضات طبيعية مع انشاء قناة بين نهري دجلة والفرات لتغذية الاخيرة وتنظيم ديمومة المياه فيها.
وان انشاء السدود على نهري دجلة والفرات من قبل تركيا ، وتغيير مجرى الانهر الايرانية التي تغذي روافد دجلة ، مما يؤدي الى تجفيفها وانتهاء الحياة فيها، بهدف الضغط والسيطرة الاقتصادية والسياسية ، وتحقيق مكاسب جديدة في العراق .
أھمیة الدراسة:
تكمن اهمية الدراسة في التعريف بالمشكلة وحجمها وابعادها واهم المشاريع التركية التي تقام على نهري دجلة والفرات، وعدد الانهر التي غيرت ايران مجراها وانعكاسات ذلك على الروافد داخل العراق، وتأثيرها على حياة الانسان العراقي.
مُشكلة الدراسة:
تُمثل مُشكلة المياه وندرتها في العراق تھدیدا مباشرا للأمن المائي والغذائي، وتزداد خطورتها في استمرار تركيا وايران ببناء السدود على نهر دجلة ، وتغيير وتجفيف مجاري الانهر التي تغذي روافد العراق، وجود خلل في التوازن للموارد المائية المتجددة والمتاحة والطلب المتزايد يظهر العجز المائي .
واصبح النزاع على مصادر المياه يهدد بظهور صراعات محلية واقليمية ، مما يستدعي تدخل الحكومة العراقية بجدية من خلال وجود بعد استراتيجي، يستدعي وضع سياسات مائية موحدة لمواجهة تحديات الامن المائي وانعكاساتها.
اهدف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى تغطية جُملة من الأهداف الرئيسة للسياسة التركية، والايرانية تجاه العراق، وبيان أن الاقتصاد – والاقتصاد وحده – هو المُحرك الرئيس لسياسة الدول تجاه بعضها بعضا، وكشف حجم الخسائر التي يتكبدها العراق جراء التحكم بمصادر مياهه .
وتعمل الدراسة على تحقيق اهدافها بالاجابة عن الاسئلة التالية:
– ما اهم مصادر المياه في ايران وتركيا، واين تتجه والمجرى والمصب وما نقاط الخلاف بين تلك الدول ؟
ما تأثير السدود على العراق، وبخاصة سدا اتاتورك، اليسو ؟
– التعرف الى الاستراتيجية التركية والايرانية في استغلال المياه ، وحجم الضرر على الأمن البيئي والاقتصادي والزراعي العراقي ؟
مصطلحات الدراسة:
المياه الدولي :هي المياه التي تمر عبر عدة دول وتتشارك بنسب متفاوتة من المصدر المائي ، وعادة ما تكون أنھراً دولية ، حيث ينبع النهر من دولة ويجري ويصب في دولة أخرى او عدة دول.
المياه الوطنية : هي المياه التي تنبع وتجري وتصب في الدولة نفسها، ولا تتعدى حدودها الجغرافية .
الأمن المائي : هو اكتفاء الدولة من الثروة المائية، وسد الطلب، وتأمين المخزون بتنوع مصادر المياه، والاستغلال الامثل وتطوير طرائق الاستثمار وتحسين الاداء بتجنب الهدر بالثروة المائية .
الازمة المائية : هو اختلال التوزيع والتوازن المائي، وكيفية ادارتها بين الدول المتشاطئة اي المشتركة والتي لها الحق في استعمال المياه الدولية، والاستفادة منها .
منهجية الدراسة:
تعمل الدراسة على عرض المشكلة وابعادها واستخدام المنهج التحليلي للوصول إلى النتائج ، وذلك بعد جمع المعلومات المُتوافرة بكل أنواعها .
تتركز مصادر المياه في العراق في نهري دجلة والفرات اللذين يمثلان الشريان الحيوي للقطاعات الزراعي والصناعي والاقتصادي والحياتي.
نهر دجلة (1)
ينبع نهر دجلة من جبال طوروس التي تقع في الجنوب الشرقي من الأناضول التركية، ويبلغ طوله الإجمالي حوالي 1718 كيلو متراً، منها حوالي 268 كيلو مترا في الأراضي التركية حيث يمر في العديد من المدن ، ومنها بيسميل وجزيرة ابن عمر وحصن كيفا، 1400 كيلو متر في الأراضي العراقية، و50 كيلو متراً في الأراضي السورية بداية من مدينة القامشلي وهو بذلك يختلف عن نهر الفرات الذي يقطع مسافة كبيرة في الأراضي السورية قبل دخوله في العراق ، ويجري في العراق نحو 1400 كيلومتر حيث يمر بالعديد من المدن ومنها: الموصل، وبعقوبة، وسامراء، وبغداد، وتكريت، وبيجي، والعمارة، والكوت، والقرنة.
ويدخل نهر دجلة العراق من ” فيش خابور ” و يُرفد هذا النهر بالعديد من الروافد المختلفة وأهمها: الزاب الكبير، والزاب الصغير، والخابور، و ديالي، والعظيم، حيث تغذي انهر من ايران هذه الروافد بحوالي 66 % من مياهها.
ويلتقي نهرا دجلة و الفرات في الجنوب العراقي، ويتحدان في شط العرب معاً إلى أن يصلا إلى الخليج العربي ويصبا فيه.
نهر الفرات (2)
ينبع نهر الفرات من جبال طوروس في تركيا، ويتكون من نهرين فرعيين؛ الأوّل هو نهر مراد صو، وهذا النهر ينبع من جبل آرارات بالإضافة إلى بحيرة وان، أمّا النهر الاخر فهو نهر قره صو ، الّذي ينبع من شمال شرقي منطقة الأناضول.
يجري هذان النهران غرباً؛ حيث يتجمّعان معاً ويتجهان ليخترقا الأراضي السوريّة والعراقية إلى أن يلتقيا نهر دجلة في منطقة “كرمة على “، جنوب البصرة ليصبّا معاً في الخليج العربي في نهاية المطاف.
ويبلغ طول نهر الفرات حوالي 2940 كيلو متراً، موزّعا جريانه بين تركيا وسوريا والعراق، أمّا نصيب تركيا من نهر الفرات فيقدّر بحوالي 1176 كيلو متراً، وسوريا بحوالي 610 كيلو مترات، وفي العراق بحوالي 1160 كيلو مترا. وعرض النهر يتراوح بين 200 ، و 2000 متر.
السدود التركية الضخمة على نهري دجلة والفرات(3)
تنفذ تركيا مشروع الغاب( G.A.P) الذي يضم عدة مشروعات للاستفادة من مياه نهري دجلة والفرات ومن اهمها :-
* سد أتاتورك اقيم على نهر الفرات في محافظة أورفة، ويعد من أكبر السدود الركامية في العالم حيث تم بناؤه بالصخور والخرسانة والردم ويبلغ ارتفاع 184 متراً وطوله 1820مترا
أنجز السد عام 1992 بانشاء بحيرة صناعية تبلغ مساحتها السطحية 817 كم2 ويبلغ حجم المياه المجمعة في السد قرابة 48 مليار متر مكعب من المياه ويوجد على السد ثمانية توربينات لتوليد الكهرباء بقدرة 2,400 ميغاواط.
* سد إليسو (4):هو سد اصطناعي ضخم انشئ على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول الحدود من محافظة ماردين وشرناق في تركيا، ويبلغ ارتفاعه نحو 140 مترا وطوله نحو 1820 مترا، ويرافق بناء السد إنشاء محطة كهربائية لتوليد 1200 ميغاوات من الكهرباء، وسيستفاد من مياه السد لأغراض الري وتغذية المياه الجوفية
وهو واحد من 22 سدا ضمن مشروع جنوب شرقي الأناضول و يهدف لتوليد الطاقة الكهربائية والتحكم بالفيضانات وتخزين المياه، ويوفر السد طاقة مقدارها 1.200 متر مكعب وسعته 10.4 مليار م3.
وبهذا الانجاز تكون تركيا قد انتهت من إنشاء سدها الثاني الأكبر والأضخم بعد سد أتاتورك، حيث أقيما على نهري دجلة والفرات.
والسدان من أضخم مشاريع المياه التي أقامتها تركيا في الجنوب الشرقي من البلاد.
الغرض التركي والايراني من انشاء السدود :
– الاهداف الاقتصادية، حيث تريد تركيا من خلال استغلال مياه دجلة والفرات خلق تنمية بشرية وصناعية وزراعية لإحياء المنطقة الفقيرة تاريخياً في جنوب شرقي الأناضول وتحويلها إلى سلة للغذاء في الشرق الأوسط؛ للتغلب على المشكلة الناجمة عن فقرها من ناحية موارد الطاقة الطبيعية، النفط، الغاز، وبقية المعادن، واستثمار هذا التفوق الاقتصادي لمقايضته بالنفط ومصادر الطاقة الأخرى مع العراق وسوريا .
وتقوم حجة الأتراك في إقامة مشاريع ضخمة، مائية وكهربائية على الأنهار التي تنبع من أراضيهم، من دون الرجوع للتشاور مع الجيران (سوريا والعراق) وعدم مراعاة مصالحهما في هذا الأمر الحيوي، إلى حجة تتعارض مع كل قوانين المياه المتعلقة بمياه الأنهار الدولية متعاقبة الجريان والعابرة للحدود المشتركة، وهذا الأمر أوجد إشكاليات ومشاكل وتعقيدات وصلت إلى حافة الحروب بين فترة وأخرى.
كما تعمل ايران من جانبها على انشاء السدود والمنشآت لتجفف الأنهار والروافد التي كانت تصب في نهر دجلة التي تغذى من اراضيها اذ غيرت مجرى الانهر واقامت منشآت وسدودا مائية وكهربائية، حرمت العراق من حصة كبيرة من المياه التي كانت تغذي جنوبه.
اخطار السدود التركية والايرانية على العراق :
(5)يكمن حجم الاخطار وتأثير السدود على العراق باحتجاز المياه عنه ، بمقدار النصف ، و ذكر الدكتور حامد الدباغ رئيس جامعة المستنصرية العراقية سابقا “أن استئثار تركيا بكميات كبيرة من مياه نهري دجلة والفرات، لن يعرض مشاريع الري وتوليد الطاقة الكهربائية في سوريا والعراق لأضرار بالغة فحسب، بل يعرضهما لخطر الجفاف وحلول الكوارث أيضا”.
وذكر مصدر في وزارة الموارد المائية العراقية«أن وارد نهر دجلة الطبيعي من المياه عند الحدود التركية والبالغ نحو 20.93 مليار متر مكعب سنويا، وبعد ملئ السد” سد أليسو” انخفض إلى 9.7 مليار متر مكعب سنويا من المياه.
و سيحرم السد 696 ألف هكتار من الأراضي الزراعية العراقية من المياه.
وتتأثر المدن العراقية على مجرى نهر دجلة، وهو يمر فيها من الشمال إلى الجنوب، كمدن الموصل وسامراء وتكريت وبيجي وبعقوبة والعاصمة بغداد والحلة والمدائن والكوت والعمارة والقرنة وغيرها، كما ان سدودا ومنشآت كهربائية أقيمت على مجرى النهر منذ عشرات السنين، ما سيحرم هذه المدن والمنشآت وغيرها من مياه للري والشرب وتوليد الكهرباء الكثير الكثير من موارد المياه الضرورية للحياة.
وبرز تأثير تلك السدود على العراقيين بتردي نوعية المياه وازدياد تلوثها جراء قيام تركيا باستثمارها وبناء بعض المشاريع المائية على حوض النهر مما ترك آثاراً سلبية خطيرة على السكان القاطنين في دولة المصب أي العراق .
وسينخفض وارد المياه النهر بنسبة 60 % من 20 إلى 9 مليارات م3، الأمر الذي سينعكس بدوره على جميع السكان القاطنين على حوض النهر، حيث ستتأثر حياتهم كثيراً من جراء إقامة هذا المشروع ابتداء من نمط معيشتهم وتوزيعهم الجغرافي مروراً بوضعهم الاقتصادي وصولاً في النهاية إلى حالتهم الصحية التي ستتردى كثيراً بفعل زيادة نسبة التلوث النهري الحاصلة في مياه الشرب.
وأثر بناء السدود في أنماط معيشة سكان العراق حيث تتفاقم المشكلة بالتزايد السكاني الكبير المتوقع خلال السنوات المقبلة، وطريقة توسع المراكز الحضرية وزيادة الحاجة الملحة لتأمين المياه الصالحة للشرب وبقية الاستخدامات اليومية الأخرى.
ومن تأثيرها النزوح العشوائي للسكان، وتغيير أساليب العمل الاقتصادي وتحولهم من أنماط منتجة إلى أنماط غير منتجة، اذ ستتضرر (5) مراكز محافظات عراقية و (13) قضاء و (21) ناحية تقع جميعها على حوض هذا النهر وروافده الأخرى، مما سيدفع السكان إلى ترك مهنهم الزراعية والصناعية والحرفية والهجرة من الأرياف والقرى إلى المدن وبقية التجمعات السكانية.
وسينخفض الإنتاج الزراعي بشكلٍ كبير جراء تزايد رقعة الجفاف وتدهور المراعي والحقول الطبيعية، وتراجع الثروة الحيوانية كل ذلك من شانه أن يزيد من حجم المشاكل الاجتماعية لسكان الحوض القاطنين فيه مستقبلاٍ.
وسيؤدي بناؤها الى تردي الواقع الاقتصادي لسكان حوض دجلة في العراق نتيجة لانخفاض واردات المياه الجارية إلى البلاد، وبالاخص الفلاحين والمزارعين الذين يعتمدون بصورة أساسية على مياه النهر في ارواء حقولهم ومزارعهم التي ستعانين قلة امدادت المياه، إلى جانب ظهور الحاجة إلى الاستيراد بدلاً من الاكتفاء الذاتي أو شبه الذاتي لبعض المحاصيل الزراعية، وحدوث زيادة كبيرة في معدلات البطالة الناجمة عن ارتفاع هجرة الفلاحين وانخفاض فرص العمل بالنسبة للعاطلين منهم.
وستقضي على ثلث مساحة الأراضي الزراعية في العراق التي تقدر بأكثر من أربعة ملايين دونم خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مما يعني هذا حرمان مئات الآلاف من المزارعين من مزاولة أعمالهم ومهنهم الزراعية التي تعد مصدراً رئيساً لمعيشتهم الأساسية، وأيضاً الصيادين الذين يعتمدون في مهنهم على صيد الأسماك، حيث سيؤثر انخفاض معدلات تصريف مياه نهر دجلة على تنمية الثروة السمكية في البلاد.
تردي الواقع الصحي لسكان المدن المحاذية للأنهر
بسبب انعكاساتها السلبية والخطيرة على البيئة والإنسان معاً؛ فانخفاض المياه يعمل على حرمان أعداد كبيرة من سكان الحوض من الحصول على مياه الشرب الكافية، رغم تردي نوعيتها وزيادة معدلات التلوث النهري فيها جراء احتواءها على نسب عالية من المواد الكيماوية والأسمدة المستخدمة من قبل المزارعين الأتراك.
وسيؤثر بناء السدود ايضا في ظهور العديد من الأمراض الوبائية الخطيرة بين السكان وعلى نطاقٍ واسعٍ وكبير خصوصاً الأمراض المعدية مثل الطاعون والكوليرا والتيفوئيد والملاريا.
تأثر العراق بالزلازل والهزات الأرضية التي تحدث في تركيا
تقع تركيا ضمن نطاق زلزالي نشيط حيث تشير الدراسات والبحوث العلمية إلى ان كمية المياه المحتجزة في السدود التركية المقامة على نهري دجلة والفرات من شأنها أن تزيد من فرص حدوث الزلازل والهزات الأرضية، مما يتطلب حصول العراق على ضمانات وتعهدات تضمن حقه في التعويض عن أية أضرارٍ وخسائر مادية وبشرية قد تحدث في حال انهيار احد السدود المقامة على الحوضين،
وهذا من شانه أن يؤثر بالطبع على سلامة وامن السكان القاطنين أو المنتشرين على طول أسفل مجرى النهر، وسيؤثر بشدة في موجود المياه الجوفية ويخفضه، ويزيد من نسبة ملوحة الأرض لعدم اشتغال المبازل بصورة كفؤة
تصريحات رسمية عراقية تنذر بحجم الكارثة المقبلة للعراق
* وزير الموارد المائية حسن الجنابي، (6)قال ان العراق مهدد بشحة المياه، مشيرا الى “ما حدث في ” محافظة ميسان ” المجر الكبير والكحلاء والمشرح والعريض فجميعها معرضة للجفاف، واوضح ان “تصميم نهر المجر الكبير يبلغ 150 مترا مكعبا في الثانية، اما الان وبسبب شحة المياه فيصل له من 10 إلى 15 مترا مكعبا في الثانية”.
وإن كمية المياه الواردة من ايران الى دجلة والتي تغذي سد دوكان انخفضت بنسبة 40 %، مثلما انخفضت نسبة مياه نهر ديالي النابع من إيران بذات النسبة تقريباً.
واضاف الجنابي( (7 ان قدوم جفاف قاس على الريف سيتضرر كثيرا، متوقعا عدم تمكن مناطق جنوب بغداد والناصرية من الحصول على ماء للشرب في فترة الصيف المقبل، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسب التبخر.
كما ان الريف العراقي تضرر كثيرا، وبالتالي فان الزراعة ستتضرر وكذلك الاهوار.
وقال الخبير الجيولوجي إبراهيم المرشدي،(8)
ان “إيران عملت على تغيير مجرى مياه الأنهر المغذية لنهر دجلة إلى أنهر وخزانات جديدة داخل أراضيها؛ ضمن خطة لقطع المياه المتدفقة إلى الأراضي العراقية”، مؤكدا ان قطع إيران المياه عن نهري الوند المار عبر مدينة خانقين في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد ، ونهر الزاب الصغير في مدينة السليمانية شمال.
واكد المرشدي ان الحكومة الايرانية اكملت عمل السدود”ومنها: سد كولكه سردشت” الواقع بين مدينتي سردشت والذي تبلغ قدرته التخزينية للمياه 800 ملیون متر مکعب، حيث يحتاج الی شهر حتی يمتلىء”، لافتا الى “وجود برنامج للحكومة الایرانیة لارجاع الماء الى بحيرة ورنه التي جفت منذ سنوات وتحاول احیاءها من میاه نهر زاب صغیر”.
وقال المرشدي ان “قطع المياه أثر بشكل كبير على الزراعة في مناطق السليمانية وكركوك وديالى، وتأثرت بذلك المئات من حقول الأسماك ومعامل الحصى والرمل المنتشرة في المناطق المحاذية للنهر”،وان استمرار إيران بفرض سياسة الهيمنة على مقدرات العراق، خصوصاً المائية، يعني أن العراق مقبل على أزمة كبيرة تفوق أزمات الكهرباء والخدمات التي يعانيها منذ زمن.
وحذر النائب عن كتلة التغيير الكردستانية امين بكر، من قطع ايران مياه نهر الزاب الصغير عن العراق كليا، وجفاف النهر ينذر بمشكلة حقيقية وعلى الحكومة التدخل .
وقال بكر: ان “الحكومة الايرانية قطعت مياه نهر زاب الصغیر ، الذي تقع منابعه في شمال غربي إيران ويمتد لمسافة 402 كم داخل العراق مرورا بقضاء قلعة دزي ورانیة ودوكان وصولا الی نهر دجلة له اهمية كبيرة بما يشكله من نسبة كبيرة من واردات لمياه نهر دجلة ، يعد من أحد الروافد المهمة لنهر دجلة، حيث يصب في نهر دجلة شمال مدينة بيجي بعد مروره بمنطقة التون كوبري، ويعد من أهم الموارد المائية في منطقة كركوك حيث تعتبر مياهه مصدر مهم لمياه الشرب.
واضاف ان “الحكومة الايرانية تعمل منذ سنوات على انشاء سدین كبیرین علی هذا النهر، مما يؤثر وبشكل كبير علی حصة العراق المائية و اصبح الخطر حقیقیا”.
وتابع بكر ان “كمية المياه التي كانت تدخل الى سد دوكان بالاراضي العراقية من الزاب الصغير بلغت 30 الف متر مكعب/ثانية، اما الان فان النسبة اصبحت صفرا”، موضحا ان “ما بقي هو من مخزون میاه سد دوكان الذي لا یكفی الا لمشاریع ماء شرب السلیمانیة وبعدها سيجف النهر بالكامل”.
واعتبر بكر هذا انتهاكا صارخا لحق العراق بكمية المائية دون مراعاة للقوانین الدولیة المتعلقة بالمياه العابرة للحدود، محذرا من “ان الايام القليلة المقبلة سيصل الجفاف فيها على طول النهر، ويجب ان تتدخل الحكومة للضغط على ايران لفتح مياه النهر في وقت يعاني فلاحو تلك المناطق والاهوار شحة المياه خلال فصل الصيف الحار”.
• وحذر مختصون من فقدان العراق للرافدين والأنهار الجارية في البلاد خلال السنوات القليلة القادمة “اقل من ٥ سنوات سينتهي الرافدين في العراق بسبب السدود الي بتبنيها تركيا دجلة جف بالكامل في كثير من المحافظات(9)
كيف يحمي العراق مياهه قانونيا؟
اكد النائب اسكندر وتوت حق العراق باقامة دعوى في الامم المتحدة لإجبار تركيا وايران على التفاوض ليحصل على حصته المائية.
وقال ان” ازمة المياه جعلت مئات من العوائل تترك اراضيها وتنزح الى المدينة مما سبب بطالة وتدني المستوى المعاشي والاقتصادي”، موضحا ان “المؤتمر الدولي عام 1966، المنعقد في هنسلكي يحافظ على توزيع المياه بين الدول المجاورة، لكن العراق لم ينظم الى المؤتمر”.
واضاف وتوت ان “القانون الدولي مع العراق، لاقامة دعوى في الامم المتحدة لاجبار تركيا وايران للحضور من اجل التفاوض لاعطاء حصة المياه الى العراق”، مبينا ان “الحكومات المتعاقبة والوزراء لم يقوموا بالإجراءات لحفظ حق العراق للحصول على المياه الكافية”.
وحمل وتوت المسؤولية الكاملة لـ”وزراء الخارجية والتخطيط والموارد المائية والسياسيين العراقيين الذين يتناغمون مع الاتراك والإيرانيين منذ 2003 حتى اللحظة دون تحقيق الهدف المرجو من اجل حفظ الأمن المائي للعراق ”.
الخاتمة
يستطيع العراق حماية نفسه ومياهه ويخرج من حالة الاستباحة والتهديد والابتزاز والشحة المائية القاتلة التي سببتها سدود الدولتين الجارتين تركيا وإيران بما يلي:
* طرح العراق استراتيجية مائية جديدة لضمان ملء السدود بالمياه من النهرين، والوصول إلى اتفاقيات طويلة الأمد مع تركيا وإيران، تتيح للعراق خزن المياه التي يحتاجها سنوياً وعدم التأثير عليها بخزن الوارد في سدود الدولتين.
*بناء العشرات من السدود الصغيرة أو على الأقل سدّاً صغيراً شمال كل محافظة عراقية، يمر بها نهر أو رافد لسد حاجتها إلى المياه في حالات الطوارئ والمواسم الجافة لضمان عدم شحة المياه فيها.
* المطالبة بالاعتدال وحسن الجوار والتقليل من تشييد السدود العملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية والزراعات الكثيفة لأغراض تجارية على حساب حياة الشعب العراقي .
* تقدم الحكومة العراقية شكوى إلى الهيئات الدولية أو اتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية والتعامل مع الأزمة بجدية .
* عقد اتفاقيات دولية بين العراق و تركيا وايران برعاية الأمم المتحدة استناداً إلى الاتفاقية القانونية الخاصة بمجاري المياه الدولية لأغراض غير الملاحية لسنة 2014، تحدّد وتضمن في هذه الاتفاقيات حصص العراق العادلة من مياه الرافدين بشكل علمي ودقيق، ويأخذ بنظر الاعتبار حاجات العراق الدولة التي يقع فيها المصب النهائي للنهرين، ومعدل الريع المائي السنوي للنهرين وروافدهما، ودون التوقيع على اتفاقيات كهذه سيبقى سيف العطش والجفاف مصلتاً على العراق والعراقيين.
ويؤكد الخبراء المختصون بالسدود ان بناءها سيجعل تركيا تتحكم بأكثر من 80 %من مياه دجلة والفرات، وتغيير ايران لمجرى الانهر التي تغذي روافد دجلة ، مما يعني ان العراق امام خطر وكارثة حقيقة بإمدادات المياه الواصلة اليه تهدد الحياة في ارض الرافدين .
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
المصادر:
(1)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%AC%D9%84%D8%A9
(2)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AA
http://www.alshirazi.com/world/article/89.htm (3
https://ahvalnews.com(4)
(5) http://www.alquds.co.uk/?p=384513
https://www.alsumaria.tv/news ( 6 )
(7)
(http://www.nrttv.com/Ar/Detail.aspx?Jimare=684
(8)
http://alkhaleejonline.net
((9(http://www.aljazeera.net/news/trends9)