أميركا المرتبكة تطلق تصريحات نارية ضد إيران وتعترف بوكلائها كأمر واقع

أميركا المرتبكة تطلق تصريحات نارية ضد إيران وتعترف بوكلائها كأمر واقع

ميونيخ – ينتهز المسؤولون الأميركيون كل فرصة لإطلاق تصريحات قوية ضد إيران مع التلويح بالتهديد، لكن على الأرض لا شيء من ذلك يحصل، وعلى العكس يبدي الأميركيون تفهما أكثر لأنشطة حلفاء إيران ووكلائها في المنطقة، مثلما صدر منذ أيام عن وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي اعتبر أن حزب الله جزء من الحكومة اللبنانية، في تصريح أحدث تلويحا خفيا بالاستعداد للاعتراف وتفهم الدور الذي يلعبه الحزب كواجهة إيرانية أولى في المنطقة.

وقال إتش.آر مكماستر مستشار الأمن القومي الأميركي، السبت، إن إيران تبني وتسلح شبكة قوية على نحو متزايد من الوكلاء في دول مثل سوريا واليمن والعراق.

وأضاف خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يعقد سنويا “ما يثير القلق بشكل خاص، شبكة الوكلاء هذه التي تكتسب المزيد والمزيد من القدرة فيما تزرع إيران المزيد والمزيد… من الأسلحة المدمرة في هذه الشبكات”.

وتابع مكماستر “ومن ثم حان الوقت الآن في اعتقادي للتصرف ضد إيران”.

ويعتقد مراقبون سياسيون أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعتمد نفس الخطاب الذي يعتمده الإيرانيون منذ 39 عاما في مهاجمة الولايات المتحدة ووصفها بالشيطان الأكبر، لكن على الأرض ومنذ ثورة آية الله الخميني لم تتوقف إيران عن التعاون الوثيق مع الأميركيين في أفغانستان والعراق وتقديم خدمات استخباراتية ذات أهمية لهم، مكنتهم من بسط نفوذهم.

ويشير هؤلاء المراقبون وبشكل ساخر، إلى أن تصريحات الأميركيين المستمرة ضد إيران تستعيد نفس الأسلوب ونفس شعار “مرك أميركا” (الموت لأميركا) الذي ظل الإيرانيون يرددونه منذ 40 سنة، فيما هم ينسقون مع واشنطن المواقف الاستراتيجية.

إتش.آر مكماستر: حان الوقت الآن للتصرف ضد إيران
وكان محمد علي أبطحي، النائب السابق للرئيس الإيراني، قد أكد في 2012 وبشكل لا لبس فيه أنه لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد بأيدي الأميركيين، ما يعكس متانة العلاقة بين طهران وواشنطن منذ ثورة 1979 وحتى قبلها، حيث كشفت تقارير غربية عن تواصل بين الخميني وإدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر قبل الإطاحة بشاه إيران محمد رضا بهلوي.

ووجدت إدارة ترامب نفسها مجبرة على التواصل مع إيران وحلفائها في العراق نتيجة استراتيجية الرئيس السابق باراك أوباما، لكن الرئيس الحالي وقف عند حدود التلويح بإنشاء تحالف دولي ضد إيران وفضّل التعاون مع الأحزاب الحليفة لها في العراق، وسمح بأن تلعب الميليشيات الحليفة لها دورا محوريا في الحرب على داعش مع معرفة مسبقة بأن تلك الميليشيات تتحكم بالعراق وتسعى لربطه بإيران.

وفاجأ وزير الخارجية الأميركي الحاضرين في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في العاصمة الأردنية عمان، الأربعاء، عندما قال “علينا أن نعترف بحقيقة أن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان”، في تناقض صارخ مع ما تعلنه واشنطن من حرب سياسية ومالية على الحزب الذي يفاخر بولائه لطهران.

وسلطت وسائل الإعلام التابعة لحزب الله وإيران الضوء على تصريح تيلرسون بصفته اعترافا أميركيا بدور وموقع حزب الله في لبنان، على نحو يتناقض مع الأدبيات الأميركية السياسية السابقة، التي أسست لنظرة أميركية تضع إيران في إطار “التنظيم الإرهابي” فقط.

ويعتقد خبراء ومحللون سياسيون أن إدارة ترامب لا تزال تحت سيطرة رجال أوباما في وزارة الخارجية، وأن اعتراف تيلرسون بدور حزب الله لا يطيح فقط بشعارات الرئيس الأميركي تجاه إيران، بل يدفع إلى برود جديد في علاقة واشنطن بالعواصم الخليجية، وخاصة الرياض التي سبق أن خيرت الإدارة الأميركية السابقة بين مصالحها في الخليج وبين الانفتاح على إيران.

وحذّر الخبراء والمحللون من أن أي ارتباك في إدارة ترامب تجاه إيران ربما يعود بالعلاقات الأميركية السعودية إلى ذات المربع، خاصة في ضوء مراوحة المواقف الأميركية مكانها تجاه النووي الإيراني دون أي خطوات لوقف تمدد طهران في محيطها الإقليمي.

ودأب ترامب على المطالبة بإجراء تعديلات على الاتفاق، لكنه يؤجل ذلك في كل مرة في خطوة قد لا تعكس أي جدية لمحاصرة الدور الإيراني في مناطق نفوذ واشنطن التقليدية.

العرب اللندنية