عواصم ـ «القدس العربي» من وائل عصام وإسماعيل جمال وكامل صقر: مع تزايد المؤشرات على قرب دخول النظام السوري أو القوات المتحالفة معه إلى مدينة عفرين السورية، ضمن اتفاق مع الوحدات الكردية، تطرح تساؤلات حول السيناريوهات المتوقعة ومستقبل عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي في المدينة، واحتمالات المواجهة بين تركيا ونظام بشار الأسد، حيث سيكون دخول قوات النظام إلى عفرين بمثابة نقطة تحوّل كبيرة في مسار «غصن الزيتون» ويمكن أن تؤدي إلى توقف العملية تدريجياً أو انحسارها في مناطق معينة، وتلغي فكرة دخول الجيش التركي إلى وسط المدينة.
وجرت أمس اتصالات على أعلى المستويات بين اللاعبين الأساسيين في سوريا بالتزامن مع نقل تلفزيون «سي.إن.إن ترك» عن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قوله لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي أمس الاثنين، إن الحكومة السورية ستواجه عواقب إذا أبرمت اتفاقا مع وحدات حماية الشعب الكردية ضد العملية العسكرية التركية. وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من عمان: «لا مشكلة إن كان النظام السوري سيدخل عفرين من أجل تطهيرها من «ي ب ك»، لكن إنّ كان دخولهم لحماية هذا التنظيم، فلا أحد يستطيع وقف الجنود الأتراك».
ومع الاستعدادات لتطبيق الاتفاق المنتظر، تجمعت طلائع هذه القوات التي وصفت بـ«الشعبية» في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، قبل توجهها إلى ريف عفرين. وبينما احتشد مئات المسلحين الأكراد من إحياء حلب الكردية كالشيخ مقصود والأشرفية، للدخول لعفرين بعد التنسيق مع النظام، فإن أنباء راجت منذ أيام، تتحدث عن مشاركة لميليشيات شيعية من بلدتي نبل والزهراء المواليتين للنظام في مساندة أكراد عفرين، وتتحدث مصادر محلية في عفرين عن اجتماعات تواصلت على مدى الأيام الأخيرة، بين هذه الميليشيات وضباط النظام في حلب من طرف، وبين حزب PYD الكردي للتنسيق حول نشر عناصر النظام والميليشيات المساندة له، وكذلك حول موضوع رفع علم النظام في المراكز السيادية في عفرين.
وحسب آخر التسريبات المتداولة، فإن النظام يشدد على تسلم المقرات السيادية العامة كافة من دوائر أمنية، يصل عددها لنحو 200 نقطة أمنية في عفرين وريفها، إضافة إلى الدوائر الخدمية كالمشافي والمدارس، وإن احتفظت وحدات الحماية بموظفيها وهيكليتها، مع وجود رمزي للنظام، ورفعه للعلم فوق هذه الأبنية. ويبقى المطلب الأهم الذي يشاع عن وجود معوقات قد تؤخر تنفيذه، هو تسليم السلاح الثقيل الموجود بحوزة الوحدات الكردية.
من جهته قال مصدر عسكري كردي في مدينة عفرين شمال سوريا لـ «القدس العربي» إن مجموعات من قوات «الأسايش» الكردية، وأخرى من مجموعات الحماية الكردية، خرجت صباح الإثنين من أحياء الشيخ مقصود والأشرفية والسكن الشبابي في مدينة حلب باتجاه مدينة عفرين شمالاً بهدف دعم قوات الحماية الكردية الموجودة في عفرين، في إطار المواجهات العسكرية الجارية بين الجيش التركي ووحدات الحماية هناك.
وذكرت القناة التلفزيونية التركية أن إردوغان قال لبوتين إن «عملية غصن الزيتون» ستستمر كما هو مخطط لها. وفي السياق ذكر مصدر في مكتب إردوغان إنه بحث في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني التطورات في مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة، ومنطقة عفرين في سوريا. ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله، إن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا سيلتقون في كازاخستان خلال أسبوعين للإعداد لقمة في اسطنبول بشأن سوريا.
من جهته أفاد الإعلام الرسمي السوري أمس، بأن قوات متحالفة مع الحكومة ستدخل منطقة عفرين، وذلك بعد أن أشار مسؤول كردي إلى التوصل لاتفاق مع الجيش السوري لمساعدة القوات الكردية في صدّ هجوم تركي هناك، بينما قللت فصائل الجيش السوري الحر المعارض من أهمية دخول قوات حكومية سورية إلى منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي. وقال قائد عسكري في فرقة الحمزة التابعة للجيش السوري الحر «دخول جيش النظام إلى منطقة عفرين لا يعنينا بشيء» .
لذا هل نكون أمام سيناريوهين مختلفين في عفرين، الأول بأن يكون الاتفاق يتعلق بانسحاب للمسلحين الأكراد من المدينة وسحب الأسلحة الثقيلة منهم، مع ضمانات روسية من النظام السوري يتعهد فيها بعدم الانسحاب لاحقاً من المدينة للمسلحين الأكراد، وهو ما سترى فيه تركيا تحقيقاً شبه كامل لأهداف عملية غصن الزيتون. بينما السيناريو الثاني يتمثل في دخول قوات النظام السوري إلى المدينة بدون اتفاق واضح، وتحالف قوات النظام مع الوحدات الكردية ومواصلة احتفاظها بمواقعها وأسلحتها في المدينة، وهو ما يعني تغيير قواعد العمل العسكري في المدينة، والذي يمكن أن يتحول من عملية عسكرية شاملة، إلى مناوشات واستهدافات محددة من الجيش التركي لمواقع وعناصر الوحدات الكردية في المدينة، ما يعني بقاء خطر حصول مناوشات مع قوات النظام هناك.
وعلى الرغم من عدم اتضاح الأسباب التي سرّعت في التوصل لاتفاق بين النظام والوحدات الكردية، رجحت مصادر تركية أن تكون موسكو ضغطت بقوة للتوصل إلى هذا الاتفاق بهدف توجيه رسالة قوية لتركيا بقدرتها على تعطيل العملية العسكرية في عفرين في حال ذهبت أكثر في توافقات مع أمريكا، وذلك على خلفية احتمالات التقارب الأمريكي التركي عقب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى أنقرة.
وكشف رئيس لجنة شؤون الدفاع في مجلس الدوما للبرلمان الروسي، فلاديمير شامانوف، أن القوات الجوية الفضائية الروسية قضت على 60 ألف مسلح خلال العملية العسكرية الروسية في سوريا.
وقال شامانوف «تم القضاء على 60 ألف مسلح من بينهم نحو 3 آلاف شخص من روسيا»، بحسب وكالة سبوتنيك.
يذكر أن القوات الجوية الروسية بدأت عمليتها في سورية في شهر ايلول/سبتمبر عام 2015 لدعم قوات النظام السوري في قتالها ضد التنظيمات المسلحة المعارضة.
القدس اعربي