بيروت – يتردد صدى التوتر المتصاعد بين إيران وذراعها حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة أخرى في أرجاء لبنان، وسط مخاوف من أن يقود الوضع إلى مغامرة عسكرية بين الطرفين يكون الأخير أول المتضررين منها.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الاثنين عن قلقه بشأن احتمال وقوع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وحزب الله.
وهذا أول موقف يصدر عن جوتيريش ما يعكس وجود مخاوف جدية من إمكانية أن تقود المناوشات الكلامية بين الحزب اللبناني وإسرائيل إلى حرب يصعب التكهن بمآلاتها.
واعتبر جوتيريش أن ما صدر من الطرفين من إشارات في الآونة الأخيرة أظهر أنهما لن يسمحا بحدوث ذلك ولكن “أحيانا تكفي شرارة لإشعال هذا النوع من الصراع”.
وفي وقت سابق قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان إن إسرائيل تنظر إلى لبنان على أنه مسؤول عن أي هجوم تنفذه منظمة حزب الله اللبنانية على بلاده.
وأوضح أردان خلال مؤتمر الجاليات اليهودية في قارة أميركا الشمالية، المنعقد في القدس الغربية أن “حزب الله عنصر رئيسي في حكومة بيروت، وبالتالي، فإن إسرائيل ترى في لبنان مسؤولا عن أي اعتداء تتعرض له من الحزب”.
وتبدو تصريحات أردان ردا على تهديد الأمين العام للحزب حسن نصرالله الأسبوع الماضي بإيقاف منشآت النفط الإسرائيلية، على ضوء النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل على موارد للطاقة.
ويتوسط دبلوماسيون أميركيون وعلى رأسهم نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد بين البلدين بعد زيادة التوتر بينهما الذي شمل أيضا نزاعا يتعلق بجدار حدودي وترسانة حزب الله المتنامية، والتي تخشى حكومة بنيامين نتنياهو أن تكون تضمنت أسلحة دقيقة قادرة على كسر التوازن القائم.
وتقول أوساط لبنانية إن حزب الله يتخذ من أزمة الحدود البحرية ذريعة للتغطية على السبب الرئيس الذي يقوده إلى التصعيد، وهو إيران التي قامت مؤخرا باستفزاز إسرائيل عبر إرسال طائرة مسيرة عبر سوريا إلى أجوائها، الأمر الذي كاد أن يقود إلى منعرج خطير، دون أن يتم بعد تحديد الغاية التي دفعت طهران إلى هذه الخطوة.
جلعاد أردان: إسرائيل ترى في لبنان مسؤولا عن أي اعتداء تتعرض له من الحزب
وقال الأمين العام للأمم المتحدة للصحافيين في لشبونة مسقط رأسه “أشعر بقلق عميق بشأن التصعيد الذي يصعب التنبؤ به في المنطقة بأكملها”. كما أشار إلى مخاوف إسرائيل بشأن اقتراب ميليشيات شيعية في سوريا من حدودها.
وأضاف جوتيريش “أسوأ كابوس قد يتحقق هو إذا حدثت مواجهة مباشرة بين إسرائيل وحزب الله… سيكون حجم الدمار في لبنان شديدا بالتأكيد، لذا فإن هناك نقاط قلق كبيرة تحيط بالموقف وبالتالي ضرورة الانتباه لما يحدث”.
وجماعة حزب الله الموالية لإيران جزء من السلطة اللبنانية القائمة، حيث أنها تسجل حضورها في حكومة سعد الحريري وأيضا في البرلمان، الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا خاصة في حال حصول مواجهة مع إسرائيل، حيث أن الأخيرة ستعتبر أن من حقها استهداف كل لبنان، وهذا ما أوضحه أردان بشكل واضح.
وتشكل حزب الله في الثمانينات بدعم إيراني تحت ذريعة مقاومة احتلال إسرائيل لجنوب لبنان. وخاض الطرفان حربين في العام 2000 و2006.
وتحول الحزب في السنوات الأخيرة إلى ذراع إيران القوية في المنطقة، حيث يسجل حضوره في أكثر من جبهة وخاصة في سوريا، وهذا بالتأكيد من التحديات التي تواجه إسرائيل.
ويقول محللون إن الحرب المقبلة بين الحزب وإسرائيل بالتأكيد ستكون مغايرة عن سابقتيها، وقد تؤدي إلى اشتعال كامل المنطقة، لجهة المعادلة التي تسعى راعية الحزب إيران إلى تثبيتها، وهو أن استهداف أي مكون ينتمي لها سيكون استهدافا لكامل المحور الذي تقوده من العراق فسوريا وحتى لبنان.
ويسجل اليوم حضور لافت لإيران عبر وكلاء لها شكلتهم على نموذج حزب الله في كل من سوريا والعراق وحتى اليمن، وهي ترمي من خلالهم إلى فرض نفوذها على كامل المنطقة.
ويرى البعض أن طهران لا تدخر جهدا في السير بهذا الخيار ولو كلف الأمر الدخول بكامل المنطقة في صراع مدمر لأن قيادتها الراديكالية تعتبر أن ذلك مسألة “وجود”.
في مقابل هذا التصور يعتبر آخرون أن طهران لا تستطيع المغامرة بالدخول في مواجهة واسعة، خاصة وأن الوضع الداخلي المهتز لا يسعفها، على ضوء الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها في الأشهر الماضية والتي طالبتها بكف اليد عن التدخل في المنطقة، والتركيز على الوضع الاقتصادي المتأزم.
وهدد أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي الاثنين بأن طهران “ستسوي تل أبيب بالأرض إذا قامت إسرائيل بأي تحرك ضدنا”، وذلك ردا على تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكان نتنياهو قد اعتبر، الأحد أن إيران تشكل أكبر تهديد للعالم وأن إسرائيل لن تتوانى عن توجيه ضربات لها في حال استهدافها للأمن القومي الإسرائيلي.
العرب اللندنية