قام علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية بزيارة للعاصمة العراقية بغداد في 15 شباط 2018 بدعوة من الامين العام لمجلس الوزراء العراقي علي العلاق للمشاركة في برنامج تأسيس مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية .
وحضر ولايتي جلسات المؤتمر وألقى كلمة تطرق فيها للاستراتيجية الايرانية في منطقة الشرق الاوسط والرؤية السياسية لكيفية التعامل مع الوجود الامريكي في سوريا والعراق ودعوته لادامة التحالف بين ايران والعراق وسوريا في محور أطلق عليه (محور المقاومة ) مشددا على أن يكون للعراق دور محوري وبارز في الدعم والمساندة للرؤية الايرانية .
كانت هذه هي الملامح الظاهرية للزيارة ولكن حقيقتها تكمن في أنها شكلت فرصة مواتية للمسؤول الايراني الحليف للحكومة العراقية لتعزيز زياراته بلقاءات عدد من المسؤولين العراقيين وبعض قيادات المليشيات المسلحة والمرتبطة بايران وشرح الرؤية الايرانية والعمل المشترك لتعميق النفوذ والوجود الايراني في العراق .
ان حضور ولايتي لبغداد وما صدر عنه من تصريحات وأحاديث تتعلق بالشأن العراقي وأشارته لبروز الصحوة الاسلامية وهيمنتها ونهوضها تندرج وفق السياقات والملامح التالية :
1.أبرز ولايتي حقيقة النفوذ والهيمنة الايرانية على القرار السياسي العراقي عندما أشار بحضور المالكي الى أن الصحوة الاسلامية قد نهضت وامتدت وأصبحت لها مكانتها وتأثيراتها وبالتالي فان القيادة الايرانية (لا تسمح بعودة الليبراليين والشيوعيين الى الحكم في العراق) وهذا يؤكد حقيقة الرؤية الايرانية لطبيعة التعامل مع الاحداث داخل العراق بعد الانتخابات المقبلة في 12 مايس 2018 ورسالة موجهة للادارة الامريكية التي لديها مصالحها السياسية في العراق وتسعى لتحقيقها بعد الانتخابات ايضا .
2.هذا الكلام يثبت أن الاذرع والادوات الايرانية لديها من العمل ما تستطيع القيام به وانها تعزز التحرك الايراني الذي تجذر في العراق بعد الغزو الامريكي له في 9 نيسان 2003 ويعمق الدور الايراني في التدخل بالسياسة الداخلية للعراق ورسم مستقبله السياسي بما يتوافق والرؤية الايرانية .
3.يعد التصريح تدخلا واضحا في الشؤون الداخلية للعراق وتحريضا للناخب العراقي للاتجاه نحو دعم واسناد الاسلاميين من الحركات والاحزاب السياسية المرتبطة بايران وبالتالي يشكل عملية سلب وترهيب لارادة الناخب العراقي .
4.يحاول ولايتي أن يعمل وبشكل واضح على ارسال رسالة مبطنة للتيار الصدري ومؤيديه بعد تحالفهم مع الحزب الشيوعي العراقي وعدد من الشخصيات الليبرالية وعناصر المجتمع المدني بأنهم سوف لا يكون لديهم حضور ميداني ومؤثر مستقبلا في الحياة السياسية العراقية والقرار العراقي ، والامر كذلك يتعلق بتوجهات عمار الحكيم الليبرالية وما قام به من تغييرات سياسية بخروجه من المحلس الاسلامي العراقي وتأسيسه لتيار الحكمة .
5.وجه ولايتي رسالة سياسية واضحة المعالم والدلائل لرئيس الوزراء العراقي العبادي الذي يحاول أن يسعى الى تحالفات ومحاور سياسية تأخذ على عاتقها الابتعاد عن المذهبية والفئوية والعمل وفق منظور سياسي يحدد ملامح الحكم في العراق برؤية مدنية وسليمة ، مشيرا الى ان هذا التوجه سوف يلاقي صراعا وتنافسا ميدانيا من قبل الاحزاب الاسلامية المدعومة من ايران .
6.جاءت الزيارة بعد سلسلة من الاخفاقات والصراعات السياسية بين أجنحة التحالف الوطني الشيعي الذي تدعمه ايران منذ عام 2005، ويسعى ولايتي الى تعزيز اللحمة السياسية والتوافق بين جميع اركان العملية السياسية في التحالف الوطني المساندين للرؤية الايرانية ومنع اي تصادم او اختلاف بين تحالف الفتح المبين بقيادة هادي العامري وتحالف دولة القانون بقيادة نوري المالكي خاصة بعد التصدع الذي طال تحالف النصر والفتح المبين ،والعمل على حشد جميع الطاقات لاضعاف التيار السياسي الشيعي المعتدل الذي يدعيه كل من التيار الصدري وتيار الحكمة.
7.ذهب ولايتي في زيارته لبغداد بعيدا ليحدد معالم السياسة الايرانية في منطقة الشرق الاوسط وحقق اجتماعا ثلاثيا بين بعض قادة المليشيات المسلحة ومفتي سوريا أحمد بدر الدين الذي كان مدعوا للمشاركة في تأسيس مجمع التقارب بين المذاهب الاسلامية وبحضور ايراني ليعطي رمزية لسعي ايران الى اقحام العراق فيما يسميه (عبور المقاومة) وتعزيز الدور الساند والداعم للتوجه الايراني والا كان في استطاعة ولايتي عقد مثل هكذا لقاءات في دمشق أو طهران ؟
فهل ستعطي زيارة ولايتي لبغداد انطباعا سياسيا بأن نتائج الانتخابات المقبلة في العراق قد حسمت لصالح التيار السياسي الذي تدعمه وتسانده ايران ؟أم سنرى رؤية سياسية وآفاق وصراعات لتحالفات تنافس المشروع الايراني في العراق ؟
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية