الجزائر – أبدى أفراد من الجالية التركية المقيمة في الجزائر، والمحسوبة على تيار فتح الله غولن، مخاوفهم من الزيارة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين للجزائر.
وتوقع هؤلاء أن تكون الزيارة في إطار المطاردة التي تقوم بها السلطات التركية ضدهم منذ محاولة الانقلاب على أردوغان في يوليو 2016، والتي تتهم السلطات بالوقوف وراءها.
ولم يستبعد رئيس شركة تركية خاصة مقيمة في الجزائر منذ سنوات، رفض الكشف عن هويته، أن “تكون مسألة المهاجرين الأتراك المحسوبين على جمعية الخدمة، على رأس أجندة الزيارة المقررة لأردوغان”.
وأضاف لـ”العرب” “بالنسبة لنا الوضع في الجزائر أحسن بكثير من بعض الدول التي رضخت لضغوط السلطة التركية، لكن المساعي المتكررة لأردوغان تحت عناوين التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي تجعلنا في حالة توجس دائمة، لا سيما وأن هذه الزيارة تستغرق عدة أيام وتشمل عدة دول أفريقية، للجمعية فروع فيها”.
وكانت الجزائر التي تعد وجهة مفضلة للدبلوماسية التركية منذ مجيء رجب طيب أردوغان، رفضت طلبات لوقف نشاط جمعية فتح الله غولن “الخدمة” وتسليم عناصرها إلى سلطات أنقرة.
وسبقت زيارة الرئيس التركي للجزائر، زيارة تحضيرية لوزير الشؤون الخارجية عبدالقادر مساهل إلى أنقرة، حيث حظي باستقبال رجب طيب أردوغان وتباحث معه أجندة الزيارة والملفات المبرمجة، وإن تم التصريح بتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي والقضايا المشتركة، فإن ملف جمعية الخدمة ظل بعيدا عن الأضواء.
زيارة الرئيس التركي للجزائر، سبقتها زيارة تحضيرية لوزير الشؤون الخارجية عبدالقادر مساهل إلى أنقرة
وفي ندوة صحافية لوزير الخارجية الجزائري مع نظيره التركي ميفلوت كافوسولغلو، أكد عبدالقادر مساهل على أن “تركيا تمثل شريكا هاما، ونسعى لتطوير هذه الشراكة ذات المنفعة المتبادلة بين بلدينا، وأن الجزائر الشريك الأول لتركيا في القارة السمراء بحجم مبادلات يقدر بثلاثة مليارات دولار ونصف الدولار”.
وأضاف “الزيارة المقررة للرئيس التركي إلى الجزائر ستسمح بتقييم التعاون الثنائي وسبل ووسائل تطويره، فهناك نحو 800 شركة تركية تستقطب 28 ألف عامل في الجزائر، وعليه سنسعى لتوسيع هذا التعاون إلى مجالات جديدة واعدة في إطار الشراكة المربحة للطرفين”.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجزائر التي تحصي العشرات من الشركات والأنشطة المحسوبة على جمعية “الخدمة”، ستتذرع للجانب التركي بالحفاظ على مردودية وحضور تلك الشركات في السوق المحلية، لا سيما وأن كبح نشاط الجمعية سيؤدي إلى تسريح الموظفين وهو ما تتجنبه، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. ولم تستبعد تلك المصادر تقديم ضمانات للسلطات التركية بوضع نشاط الجمعية تحت المراقبة بالشكل الذي لا يزعج أو يشكل خطرا على الاستقرار السياسي في أنقرة.
وقال مسير مدرسة “الحداثة” في الجزائر، والتابعة لجمعية غولن إن “الكثير من عناصر الجمعية لم يعودوا إلى بلدهم منذ العام 2016، بسبب الملاحقات التي تطالهم من طرف الأمن التركي، بدعوى وقوف التنظيم وراء المحاولة الانقلابية”.
وأضاف أن “أقارب أعضاء الجمعية لهم معتقلون لحد الآن بسبب تهم دعم وتمويل العملية من طرف فروعنا الناشطة في عدة عواصم ومدن عالمية”.
وتابع “هناك من اختار الهجرة من الجزائر وطلب اللجوء السياسي في بعض الدول الأوروبية، ومنهم شقيقي المتواجد الآن في ألمانيا”. ولفت إلى أن “السلطات التركية تسعى جاهدة لتصفية ومحو الجمعية تماما، بمختلف الطرق والوسائل الأمنية والدبلوماسية، ولم تتوقف عن مطالبة بعض الدول بتسليمها عناصر الجمعية، ولو أن الأمر في الجزائر يختلف لأن السلطة الجزائرية ترفض مثل هذه المطالب، إلا أن المخاوف تبقى تؤرقنا”.
ورغم حجم المبادلات التجارية المعتبر بين الجزائر وأنقرة، وطموح المسؤولين في البلدين إلى بلوغ سقف العشرة مليارات دولار، إلا أن الملفين السوري والليبي ظلا محل خلاف جوهري بين البلدين، منذ انطلاق موجة الربيع العربي في 2011.
ففيما تدعم أنقرة ما يعرف بـ”الثورات العربية” وبعض التنظيمات الجهادية والإخوانية، تمسكت الجزائر باستقرار البلدين وبشرعية النظامين السياسيين وبالحلول السياسية والداخلية بعيدا عن التدخل الأجنبي.
العرب