خرق النظام السوري الهدنة الإنسانية التي ادعت روسيا تثبيتها في الغوطة الشرقية خمس ساعات يومياً، حيث سقط أربعة قتلى مدنيين، بينهم طفل وعدد من الجرحى، في قصف لمدفعية النظام على مدن دوما وحرستا وجسرين، كما قصفت قواته بالبراميل المتفجرة حوش الظواهرة والريحان والشيفونية، قبل أن تشن غارات على الأحياء السكنية في مدينة جسرين أمس. ودارت معارك ضارية بين قوات النظام وفصائل المعارضة على أطراف الغوطة. كما شن الطيران الحربي للنظام غارات على مدن وبلدات عدة في الغوطة.
وتبادلت روسيا والنظام من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة ثانية، الاتهامات باستهداف المدنيين خلال خروجهم من المعبر الإنساني في الغوطة الشرقية في ريف دمشق. فقد قالت موسكو إنها تنفذ القرار الأخير للأمم المتحدة بشأن سوريا، واتهم الكرملين في بيان المعارضةَ السورية بأنها تؤجج الموقف بمواصلة احتجازها المدنيين رهائن ـ على حد زعمه ـ مشيراً إلى أن تشغيل الممر الإنساني لخروج المدنيين من الغوطة يتوقف على سلوك المعارضة.
وحذر المتحدث الرسمي باسم قاعدة حميميم العسكرية الروسية في مدينة اللاذقية السورية، أليكسندر إيفانوف، في تصريح نقلته صفحات القاعدة العسكرية على مواقع التواصل الاجتماعي، من امتلاك فصائل المعارضة السورية في الغوطة مضادات طيران.
وقال إيفانوف «لا نستبعد امتلاك التنظيمات المتمردة أو المتطرفة في الغوطة الشرقية لأسلحة مضادة للطائرات تحمل على الكتف، وصول صواريخ «التاو» الأمريكية إلى هذه المنطقة يفتح المجال أمام العديد من الاحتمالات التي قد تكون كارثية بفعل التصرفات الأمريكية غير المسؤولة».
كما اتهم مركز المصالحة الروسي جيش الإسلام وأحرار الشام وفيلق الرحمن وجبهة النصرة بمنع خروج مدنيي الغوطة، واحتجازهم رهائن. وقال المركز إن قذائف أُطلقت من مناطق المسلحين على الممر الإنساني مع بدء تنفيذ الهدنة صباح أمس، وهو ما نفاه جيش الإسلام وفصائل معارضة أخرى. وتزامن ذلك مع اشتباكات دارت بين قوات المعارضة والنظام على جبهة المشافي في مدينة حرستا، حيث تحاول قوات النظام التقدم على جبهة حوش الضواهرة في الغوطة الشرقية. ونقلت «شبكة شام» عن الناطق باسم هيئة أركان فصيل جيش الإسلام إفادته بمقتل أكثر من 36 عنصراً من قوات النظام على جبهة «حوش الضواهرة» في كمين محكم على محور معمل «سيفكو» بعد محاولة تسلل فجر أمس.
في غضون ذلك، أصدر مجلس محافظة ريف دمشق الحرة بياناً أدان فيه استمرار الجرائم المرتكبة من قبل روسيا ونظام بشار الأسد، وعدم التزامهما بقرار مجلس الأمن بخصوص الهدنة، كما طالب مجلس الأمن بإلزام روسيا بإدخال المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية وإخراج المرضى والجرحى.
في سياق متصل، وجهت فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة رسالة إلى كل من ممثل الكویت الرئیس الدوري لمجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونیو غوتیريش. وعرضت الفصائل في الرسالة إخراج مسلحي تنظيم هيئة تحرير الشام وجبهة النصرة والقاعدة من الغوطة خلال 15 يوماً. كما تعهدت فصائل المعارضة بتسهيل عمل منظمات الأمم المتحدة في تسيير القوافل الإغاثية والطبية في الغوطة.
من جهته ذكر مسؤول كبير في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان، أمس الثلاثاء، أن اللجنة مستعدة لدخول منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة في سوريا لإيصال المساعدات الضرورية، لكن هدنة الساعات الخمس المقترحة قصيرة للغاية. وأضاف روبرت مارديني «من المستحيل إدخال قافلة إنسانية في خمس ساعات».
تزامناً قال قائد القيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، إن روسيا تلعب دوراً يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سوريا وتقوم بدور كل من «مشعل الحريق ورجل الإطفاء» في الوقت نفسه، بينما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الثلاثاء، النظام السوري إلى «القبول» بالهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا في الغوطة الشرقية قرب دمشق»، معتبرًا انها تشكل فرصة «لاستئناف الحوار». واعتبر لودريان أن روسيا وحدها من يمكنها الضغط على النظام السوري لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2401 حول الهدنة في سوريا. ورد الكرملين الثلاثاء بأن مستقبل الهدنة الإنسانية التي علنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الغوطة الشرقية في سوريا، وانتهكت، رهن بموقف الفصائل المقاتلة و«استفزازاتها».
وحول الملف الكيميائي قال خبراء دوليون إن كوريا الشمالية زودت نظام الأسد بشحنات تدخل في تصنيع الأسلحة الكيميائية. وذكر تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن خبراء في الأمم المتحدة، أن لديهم أدلة على أن كوريا الشمالية تصدر الإمدادات إلى النظام السوري التي يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة الكيميائية. ووفقاً للتقرير الذي أعده محققو الأمم المتحدة فإن متخصصين فنيين في صناعة الصواريخ من كوريا الشمالية شوهدوا في مصانع ومرافق عسكرية معروفة داخل سوريا.
ويأتي هذا الكشف بينما فتحت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التحقيق في هجمات وقعت في الآونة الأخيرة في الغوطة الشرقية، وذلك لتحديد ما إذا كانت أسلحة محظورة قد استُـخدمت في شن هذه الهجمات. وكانت بريطانيا قالت أمس الثلاثاء على لسان وزير خارجيتها، إنها تؤيد توجيه ضربات لنظام الأسد إذا ثبت استخدامه أسلحة كيميائية ضد المدنيين، وهو ما قالته فرنسا أيضاً بداية هذا الشهر، بعد أحاديث متكررة عن إقدام النظام على استخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين في الغوطة الشرقية في دمشق وسراقب في إدلب أخيراً.
القدس العربي ووكالات