اتسمت فترة الإعداد لانتخابات مجلس النواب المقبلة في العراق بعدة مزايا وأعطت انطباعا سياسيا يختلف عن باقي المراحل السابقة للانتخابات التي جرت بعد الغزو الامريكي للعراق وتغيرت كثير من الملامح والبرامج السياسية للاحزاب والحركات السياسية التي تسعى للمشاركة في الانتخابات ، وبدأت تفكر بكيفية تسويق نفسها وفرض ارادتها من جديد على المواطنين وكسب ثقة الناخبين بعد أن لمست حقيقة فشلها وعدم استيعابها للاهداف والطموحات التي يسعى اليها الشعب العراقي بكل انتماءاته وأطيافه ،فرأينا العديد من هذه الاحزاب وتحديدا الدينية التي اتخذت من الدين ستارا وغطاء لها لتحقيق أهدافها ومصالحها الذاتية وأمعنت في الاستغلال وهدر الاموال واضاعة فرص التقدم للعراق وشعبه ،ولمست حقيقة الابتعاد الجماهيري عنها بل رفضها لها وعدم الانسجام معها وانتقادها ووصل الامر الى محاربتها والاعلان عن مواجهتها وفكرت في عدة احتمالات لمواجهة هذا المد ورد الفعل الشعبي ورأت من المناسب ان تغير تسمياتها أو قياداتها والانسلاخ عن مواقعها السياسية والتنظيمية وتشكيل أحزاب أخرى بمسميات مختلفة ولكنها لم تعلم أن هذا لن يغير من جوهر أفكارها وتمسك قياداتها بسلوكاتهم وعلاقتهم مع أبناء الشعب العراقي .
فلهذا لاحظنا انسلاخ السيد عمار الحكيم عن المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وتشكيل تيار خاص به ادعى أنه يمثل فكرا ليبراليا أسماه (تيار الحكمة) والحال نفسها مع التيار الصدري الذي ذهب بعيدا بالتحالف مع الحزب الشيوعي العراقي وعدد من الشخصيات السياسية الليبرالية والديمقراطية في تحالف أطلق عليه (سائرون) .
وكذلك فعل القيادي في الحزب الاسلامي العراقي محمد اقبال وزير التربية الحالي اذ تحالف مع حزب الحل العراقي .
أما حزب الدعوة فحدد مسار مشاركته بالانتخابات عبر السماح لقياداته بتشكيل تحالفات دون أن يرد اسم الحزب فيه فكان تحالف النصر الذي أنشأه حيدر العبادي رئيس الوزراء وهو أحد أبرز قيادات حزب الدعوة مع بقاء المالكي على تسمية دولة القانون .
ان من أهم الاسباب التي يمكن لنا أن نقف عندها لمناقشة وضع الاحزاب الدينية في العراق باختلاف انتماءاتها وأفكارها تتمركز بالاتي :
1.لم ترتق هذه الاحزاب وقياداتها لمعاناة الشعب العراقي والامه ولم تتحسس المواجع والمظالم التي حلت به ،ولم تستطع أن تحاكي حقيقة الوضع المأساوي الذي يعيشه .
2.ابتعدت كثيرا عن الطموحات الرئيسة والاهداف التي يسعى اليها ابناء الشعب العراقي في تحقيق حياة كريمة ومستقبل زاهر له ولأجياله القادمة وهي بذلك لم تستشرف المستقبل بعيون واعية مدركة .
3.لم تمتلك برامج سياسية ورؤية اقتصادية وأفقا اجتماعيا واسعا يمكنها من النظر بحقيقة ما يجري في العراق وكيفية السبيل والخروج من الازمات التي يعانيها المجتمع العراقي وضعف أرادة التغيير لديها .
4.عدم وجود انسجام واضح وتوافق بين معطيات الواقع الذي يعيشه العراق وما تتبناه هذه الاحزاب من سياسات هي بعيدة عن الواقع المؤلم الذي يتحسسه ويلمسه أبناء الوطن ولهذا فانها أصبحت تمتلك الاقوال دون الافعال .
5.أوعزت القيادات السياسية لهذه الاحزاب وتحديدا حزب الدعوة والحزب الاسلامي العراقي لكوادرها التنظيمية بعد انعقاد مجلس الشورى التابع لهذين الحزبين واتخاذ قرار متشابه بمشاركة قيادات الحزبين بأسمائهم في الانتخابات القادمة وبقوائم وتحالفات خاصة وعدم المشاركة بتحالفات وقوائم انتخابية تحوي أسم الحزبين لادراكها خطورة موقعها السياسي ونتائج الانتخابات التي ستحصل عليها .
6.عملت هذه الاحزاب على تفضيل مصالحها الذاتية وسعت الى الاستفادة من وصولها وتحكمها بالسلطة ونفوذها السياسي والاقتصادي في تدعيم واقعها التنظيمي واستحصالها على المبالغ والموارد المالية من خلال العديد من العقود التي اسهمت في تعزيز صورة الفساد السياسي والاقتصادي في العراق .
7.فقدت هذه الاحزاب بريقها ووجهها الذي أتت به في بداية الغزو الامريكي للعراق ومشاركتها في أول انتخابات شرعها الاحتلال بعد أن أطلع وعرف أبناء الشعب العراقي حقيقة هذه الاحزاب وتوجهاتها وارتباطاتها وسعيها للكسب المادي وتحقيق مصالحها على حساب مستقبل العراق وشعبه .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية